|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تكريم الأسقف أذلفيوس له في أواسط سبتمبر سنة 404 م. وصل الركب إلى كوكوزة حيث استقبل العظيم يوحنا بكل وقارٍ وتكريمٍ إذ كان أسقفها أذلفيوس على جانب من القداسة والتقوى. فاستراحت نفس البطريرك المنفي هناك حيث وجد الهدوء والراحة، كما وجد في شعبها الفقير غنى الروح. حدثنا الأب البطريرك في رسائله عن المدينة وموقعها ومناخها وظروفها، ووصف لنا مشاعره وأحاسيسه في دقة بالغة، وكتب لنا عن أمراضه وأتعابه كما سجل لنا كرازته وأعماله الرعوية. فمدينة كوكوزة Cucusus على حد تعبيره [يُخَيَّل لي إني قد بلغت أقصى حدود المسكونة"، تقع بين سلسلتين من الجبال، خالية من الأماكن العامة والأسواق التي تنبت الحياة الاجتماعية، وتربطها بالعالم الخارجي(30).] دخل الأب منفاه الأخير منهك القوى، إذ يقول: "كنت في غاية التعب بعد رحلة شاقة استمرت سبعين يومًا لا تتصوري معي سموك مقدار ما قاسيناه! لقد امتلأنا خوفًا من الآشوريين، وأصابتني حمى شديدة، وأخيرًا بلغنا كوكوزة أكثر أماكن العالم انعزالًا"(31). مع عزلة المدينة وأتعابه الجسدية، شعر القديس بجوٍ من الراحة النفسية، فقد دخل المدينة حيث يستطيع أن يتحصن إلى حد ما من الآشوريين الذين كان يتعرض لهجومهم في الطريق القفر، كما استراحت نفسه من عداوة الأسقف لهجومهم في الطريق القفر، كما استراحت نفسه من عداوة الأسقف أتريبيوس ورهبانه، هذا وقد استقر في موضع يقدر أن يجد شيئًا من الاستجمام لجسده الهزيل. إنه يقول: [لقد بلغنا كوكوزة في أحسن حال، وجدنا مدينة بغير متاعب ولا مضايقات، وعشنا في راحة تامة، ليس من يشتمنا ولا يسيء إلينا(32).] [تمثل كوكوزة العزلة بعينها، لكن هذه العزلة أهون عندي من الأعداء والمتاعب. لذلك أقول إني بلغت هذه العزلة كمن يصل إلى الميناء!(33)] لقد اعتبر نفسه في راحة خلال أسابيعه الأولى مع أنه لم يكن حرًا يذهب حيث يشاء(34). لقد وجد في حاكم أرمينيا حبًا واهتمامًا كما يظهر من رسالته إلى الأسقف قرياقوص، إذ يقول له [إن سيدي سوباتير Sopater حاكم أرمينيا، التي أنا سجين فيها، يعاملني كأبٍ، بل يخدمني أكثر من أب. وإذ أبحث عن طريقة بها أعبر عن شكري له أجد الفرصة سانحة في محبتك لي، وذلك أن له ابنًا يعيش منذ فترة طويلة في مدينتك لإتمام تعليمه. فأرجوك أن تسرع برؤيته وتظهر له خدمتك، بهذا تدفع عني ديوني لأبيه، وتكون نافعًا لي. أعطه أن يلتصق بالحكام وبعائلتك وبكل الذين يقدرون أن يجعلوه مرحًا في غربته، فيكون كمن في وطنه. بهذا تلزم الحاكم -في شخص ابنه- المملوء حنانًا وسموًا أن يكون ميناء يلجأ إليه كل المحتاجين(35).] |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس يوحنا ذهبي الفم ومن سمه |
نفي القديس يوحنا ذهبي الفم |
القديس يوحنا ذهبى الفم |
القديس يوحنا ذهبي الفم |
القديس يوحنا ذهبى الفم |