|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرَّجُل الذي يُسرّ الملك بأن يُكرمه «في تلك الليلة طارَ نومُ الملك، فأمرَ بأن يؤتى بسِفر تذكار أخبار الأيام فقرئت أمام الملك» ( أستير 6: 1 ) لقد نُصبت الخشبة لمُردخاي، وخطة هَامَان كانت مؤامـرة ذكية ومحبوكة، ويبدو نجاحها مؤكدًا. ولكن لماذا في تلك الليلة عينها يهرب النوم من المَلِكِ؟! ولماذا تأتي له الفكرة أن يقرأوا له من سفر تذكار أخبار الأيام لكي يُهدئ مِن أَرقه؟! ولماذا يقع نظر القارئ على النص الخاص بمُردخاي؟! ثم لماذا يسأل المَلِكُ عن نوال المكافأة والوسام لمَن أنقَذ حياته؟! وما سبب سؤاله: مَن في الدَّارِ؟! ولماذا أتى هامان في تلك اللحظة المُحدَّدة لكي يلتمس مِن سَيِّده قتل مُردخاي؟! ولماذا كانت صيغة سؤال الملِك لهامان المحبوب منه، بهذه الطريقة، الأمر الذي دفعه للسقوط في الشبَكة؟! وكيف يُصبح هامان نفسه تحت اضطـرار أن يكون هو المُنادي لِلرَّجُلِ الذي يُسَرُّ الملك بأن يُكرِمَهُ، وهو الذي يُبغضه بكل قوة في نفسه؟! كان هذا لأنه لكي يَخْلَص الشعب، كان يلزَم لمُردخاي أن يَخْلُص هو أولاً. ولكن فيما تُستخدَم الخشبة التي تم إعدادها، طالما أُعلن جهارًا وعُرف أن مُردخاي هو الرَّجُلِ الذي يُسَرُّ الملك بأن يُكرِمَهُ؟ لقد «صلبوا هامان على الخشبة التي أعدَّها لمُردخاي. ثم سكنَ غضب الملك» ( أس 7: 10 ). كان ينبغي أن رَجُلاً واحدًا يُصبح مُخلِّص الشعب. وهنا نجد أن مُردخاي رمز مُلِّذ للمسيح، وهو أمر لافت للنظر. ووصولاً إلى تلك الغاية، كان من الضروري أنه بعد أن وضع نفسه إلى أدنى درجة في المسوح والرماد ( أس 4: 1 )، يُرفَّع إلى أعلى منزلة ( أس 6: 11 ). وكان لا بد للسلطان الأعلى أن يجعله – في صورة نبوية – ربًّا ومسيحًا. ومع ذلك فإن كل هذا الإكرام المُعطى لمُردخاي، لم يمنعه من أن يحتفظ بمركزه كخادم، فيرجع «إلى باب الملك» (ع12). وفي هذا نرى لمُردخاي رمزًا للمسيح، الذي أتى مُتخذًا صورة عبد، وفي حرية محبته، وضع نفسه، لكي يخدم ويبذل حياته. لقد ارتفع – تبارك اسمه – إلى الجبل المقدس؛ جبل التجلِّي، ثم نزل منه في الحال ليُتمِّم خدمته مرةً أخرى. ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك، فبعدما تألم على الصليب، تمجَّد عن يمين الآب، ومن هذا المركز يستمر في خدمته؛ يستمر يخدم شعبه السماوي وشعبه الأرضي «مقبولاً عند كثرة إخوته» ( أس 10: 3 ). . |
|