بالحقيقة أن هذه البتول الشريفة قد أظهرت بالعملية كم كانت هي حسنة الأستعداد للطاعة:أولاً: بخضوعها لأوامر الملك أفغسطوس فيصر بسفرها السريع من الناصرة الى بيت لحم مسافة تسعين ميلاً، في زمن فصل الشتاء وهي حبلى لتكتتب مع خطيبها. مع أنها لحال فقرها أضطرت لأن تلد هناك أبنها في مغارة البهائم.
ثانياً: حالما سمعت من القديس يوسف ما أمره به الملاك في الحلم من قبل الله بالسفر الى مصر. فمن دون أعاقةٍ أخذت بالمسير ليلاً في طريقٍ شاسعة البعد ومملؤة من المشقات والأخطار. وهنا العلامة سيلفايره يسأل كمستفهمٍ، لماذا أن الوحي بالهرب الى مصر قد صار الى القديس يوسف، وليس الى والدة الإله التي كانت مزمعةً أن تتكبد به أعظم مشقةً. وكان يخصها معرفة ذلك أكثر من خطيبها، وهو نفسه أي سيلفايره يرد الجواب عن ذلك قائلاً: لكي يعطى بهذا سببٌ للعذراء المجيدة من أن تمارس أفعال الطاعة التي هي كانت كلية الأستعداد لها.*
ثالثاً: وبنوع فائق على كل ما سواه أظهرت هذه الأم الإلهية طاعةً كلية السمو! وتكميلاً لأرادة الله قدمت هي أبنها بحسن خضوع تام ضحيةً للموت على خشبة الصليب. من أجل خلاص العالم بثبات عزمٍ وبشجاعةٍ فريدةٍ، حتى أنها كانت مستعدةً لتتميم المشيئة الإلهية.