|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* في فضيلة الرجاء الثابت الذي كان لوالدة الإله الطوباوية * أن من فضيلة الإيمان تتولد فضيلة الرجاء لأن الله لهذه الغاية ينيرنا بالإيمان لنعرف خيرية صلاحه وصدق مواعيده. وهكذا نرتقي بواسطة الرجاء بعواطف الشوق الى أمتلاكنا إياه تعالى. فاذاً من حيث أن مريم البتول قد كانت حاصلةً على إيمان غظيم، ففازت أيضاً بفضيلة رجاءٍ ثابتٍ وطيدٍ كان يجعلها أن تقول مع النبي والملك داود: خيرٌ لي الألتصاق بالله وأن أجعل على الرب أتكالي: (مزمور73ع28) فمريم هي تلك الأبنة عروسة الروح القدس التي قيل عنها: من هي هذه الصاعدة من البرية متدللةً مستندةً على حبيبها: (نشيد ص8ع5) لأنها كانت بجملتها منزهةً عن تعلق القلب في الأشياء العالمية، بعيدةً على الدوام عن الأنعطاف نحو الموجدات الأرضية، معتبرةً العالم بأسره كبريةٍ مقفرةٍ، ولهذا اذ لم تكن تثق بشيءٍ من المخلوقات، ولم تكن تعتمد على شيءٍ من أستحقاقاتها الذاتية، فكانت بكليتها مستندةً على حبيبها، أي متكلةً بحسن الرجاء على النعمة الإلهية التي فيها فقط كانت تثق، وعليها وحدها كانت تتكل في حبها الدائم لله ربها. فهكذا يتكلم عنها المعلم أيلغرينوس في تفسيره ألفاظ سفر النشيد المقدم إيرادها، كما يوضح كورنيليوس الحجري قائلاً: أن الصاعدة من البرية تعني الصاعدة من العالم الذي هجر متروكاً منها. وأعتبرته نظير القفر، حتى أنها قد كانت لاشت منها كل أنعطافٍ نحوه، وأستندت على حبيبها فقط، وذلك لأنها لم تستند على أستحقاقاتها الذاتية، بل أعتصمت بنعمة أبنها الحبيب معطي النعم. فالبتول القديسة أظهرت جيداً وأعلنت واضحاً كم كان رجاؤها بالله وأتكالها عليه تعالى عظيماً، وذلك: أولاً:حينما لاحظت بالكفاية أن خطيبها الطاهر القديس يوسف لعدم معرفته حقائق الحبل العجيب المصنوع بقوة الروح القدس وفعله في أحشائها البتولية حصل قلقاً مرتاباً ومن ثم هم بتخليتها سراً: (متى ص1ع19) ولهذا كان يبان أنها وقتئذٍ وجدت مضطرةً لأن تخبره بسر حبلها، كما أوردنا في الفصل الأول من هذه المقالة. الا أن هذه البتول لم ترد من تلقاء ذاتها أن تكشف حقائق النعمة التي أقتبلتها، وأعتبرت أنه لأفضل لها هو أن تترك الأمر للعناية الإلهية، متكلةً عليها كل الأتكال، مترجيةً بثقةٍ في أن الله عينه لم يكن يغفل عن أن يظهر برارتها، ويحامي عنها بعدم أنثلام صيتها، فهكذا يفسر الاصحاح الأول من بشارة متى الأب كورنيليوس الحجري.* ثانياً:أوضحت أتكالها بحسن الرجاء على الله حينما رأت ذاتها بالقرب من ساعات ولادتها مطرودةً من بيت لحم، حتى من المنازيل المشاعة. وألتزمت بأن تلتجئ الى مغارةٍ خارج المدينة لتلد هناك رب المجد، كقول البشير لوقا: فولدت أبنها البكر ولفته بلفائف ووضعته في مذودٍ. لأنه لم يكن لهما موضعٌ لينزلا: (ص2ع7) فهي لم تتفوه بكلمةٍ ما ذات تذمر، بل فوضت أمرها لله بكمال الأتكال، واثقةً بأنها في ظروفٍ هذه صفتها كانت تفوز بالأسعاف والمعونة منه تعالى.* ثالثاً: ومثل ذلك أعلنت حسن رجائها بالله حينما أخبرها القديس يوسف بالوحي الذي بواسطته أمر من قبل الله بأن يأخذها مع طفلها الإلهي، ويهربوا معاً الى مصر من رجز هيرودس. فهي حالاً في تلك الليلة عينها أخذت بالمسير مبتدئةً بسفرٍ شاسع المسافة الى بلادٍ مجهولةٍ منها، خلواً من أحتياجات السفر ومن دون مال، وخلواً من خادمةٍ أو رفقاء سوى طفلها وخطيبها، بل قاموا ليلاً وأخذوا بالمسير الى مصر (متى ص2ع14).* رابعاً: أنها أظهرت بأبلغ نوع رجاءها بالله عندما ألتمست من أبنها صنع الأعجوبة في عرس قانا الجليل، لأنها بعد أن قالت له: أن ليس عندهم خمرٌ: وهو أجابها: مالي ولكِ أيتها الأمرأة لم تأتِ ساعتي بعد: فمع ذلك أي غب أن سمعت منه تعالى هذا الجواب الذي كان يظهر منه أنه أنكر مطلوبها، فلم يضعف فيها الرجاء، بل قالت للخدام: أفعلوا كل ما يأمركم به: (يوحنا ص2ع3) كما تم بالحقيقة رجاؤها بأن يسوع أمر الخدام بأن يملأوا الست الأجلجين ماءً وأحال الماء اللا خمرٍ.* قلنتعلم اذاً من مريم العذراء أن نتكل على الله بحسن الرجاء كما ينبغي لا سيما في الأشياء الملاحظة ذاك العمل العظيم المختص بخلاصنا الأبدي، الذي ولئن كان محتاجاً الى أعمالنا نحن أيضاً، فمع ذلك يلزمنا أن نرجوا من الله وحده النعمة في أن نحصل عليه، ميؤوسين بالكلية من قوانا الذاتية. وليقل كلٌ منا مع الرسول الإلهي: أنا أقوى على كل شيءٍ بذاك الذي يقويني: (فيليبوسيوس ص4ع13):* فيا أيتها البتول أمي الكلية القداسة. أنكِ أنتِ هي أم الرجاء المقدس. كما تقولين عن لسان أبن سيراخ: أنا هي أم المحبة الجميلة والتقوى والرجاء المقدس: (ص24ع24) بل أن الكنيسة المقدسة تسميكِ الرجاء بالذات بقولها نحوكِ: السلام عليكِ يا رجانا: فاذاً أيُّ رجاءٍ أنا أطلب مفتشاً. والحال أنكِ أنتِ بعد يسوع هي رجائي بأسره. فهكذا كان يدعوكِ القديس برنردوس: وكذلك أنا أدعوكِ قائلاً: فيكِ أوطد كل رجائي: وأقول لكِ دائماً مع القديس بوناونتورا: يا خلاص المستغيثين بكِ خلصيني.* |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
في فضيلة الرجاء الثابت الذي كان لوالدة الإله الطوباوية |
غصن النخلة الذي أعطي لوالدة الإله |
جزيل التعبد لوالدة الإله الطوباوية |
الإله الحقيقي الثابت غير المُتغيِّر |
قوة الصلاة لوالدة الإله |