|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد. آمين. على رجاء القيامة نودع حبيبنا مثلث الرحمات نيافة الأنبا بطرس أسقف شبين القناطر وكل توابعها، هذا الأسقف الجليل المشتمل بالفضائل والخادم الأمين والمخلص لكنيسته ولآبائها. نودعه على رجاء القيامة وهو يترك لنا سيرة عطرة وحياته التي قدمها من أجل المسيح، عاش نيافة الأنبا بطرس خادمًا في أسرة مباركة وتقية ربت أبناءها في مخافة الله وعاش حياته مستلِمًا أن يحب الله ويخدم الأرض والوطن ويخدم الكنيسة وشعبها. عاش وتسلم من أسرته هذه الفضائل بعد أن علمته في الجامعة وتخرج وعمل مدرسًا وخدم أجيالًا في التعليم. ثم وجد دعوة مُلِّحة من الله أن يكرس نفسه في طريق الرهبنة، فدخل الرهبنة وهو في عمر الثلاثين تقريبًا وبدأ حياة رهبانية ونسكية في دير الشهيد العظيم مارمينا بمريوط، وبقى هناك يشرب من الحياة الآبائية والرهبانية والروحية وظل ملتزمًا بديره ولم يتركه إلا عندما صار كاهنًا وأسقفًا. عاش في الدير وسلمه الدير مسؤولية بيت الخلوة الذي يأتي فيه الشباب لقضاء أيام الخلوة الروحية، وهناك أسبغ عليه الله موهبة خاصة هي موهبة الإرشاد والمشورة الروحية وعلى يديه تتلمذ مئات من الشباب وعرفوا كيف يسلكون طريق الحياة. وكانت موهبة الإفراز التي أعطاها الله له قوية فساهمت في التكوين الروحي لمئات من الخدام والآباء ومن الذين سلكوا في الحياة الروحية بصورة عامة، وعاش ملتزمًا بالحياة الرهبانية بكل التزاماتها وكل قوانينها وعاش بالحقيقة راهبًا حقيقيًا. واستمر في ذلك إلى أن دعته نعمة الله أن يكون أسقفًا في سنة ٢٠٠٩ وصار أسقفًا وبدأ يخدم في منطقة شبين القناطر وتم تجليسه في سنة ٢٠١٣ وخدم ١٢ سنة أسقفًا راعيًا اشتمل بالفضائل العديدة، نذكر بعضها: ١- كان أسقفًا محبًا للرعاية فجلس في وسط شعبه وأسس الكنائس وكرس الآباء والخدام والتزم بشعبه وكان نادرًا ما يخرج خارج دائرة إيبارشيته وكانت حياته وكل وقته من أجل شعب هذه الإيبارشية المباركة. وكان قد تسلم قيادتها كأسقف بعد أن ظلت عدة سنوات بلا رعاية أسقفية، استلمها وبدأ يتعب فيها جدًا وكان يخدم فيها بروح الرعاية الأصيلة. كان محبًا للرعاية كمثل الراعي الصالح الذي يقول عنه الكتاب “أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي” (يو ١٠: ١٤). كان مدقًقًا جدًا في اختيار من يتكرس للخدمة الكهنوتية وكان يقول: “إن رسامة الكاهن تستغرق ربع ساعة لكن تأثيره يظل لأجيال” لذلك كان مدققًا بصورة شديدة لمن يقوم بهذه الرعاية. ٢- كان محبًا للعطاء، رغم أن الاحتياجات في الإيبارشية كانت كثيرة جدًا بحسب ظروفها إلا أن الخير الذي كان يرسله الله كان يقدم منه إلى آخرين لكى يساعدهم في الحياة سواء الكنائس أو الإيبارشيات الأخرى وبعض الأسر المحتاجة. كان محبًا للعطاء جدًا، وكانت محبته للعطاء مستمدة من أسرته التي نشأ فيها فكان شقيقة بالجسد المتنيح مثلث الرحمات الأنبا كيرلس مطران ميلانو الذي تنيح منذ أربع سنوات وفي نفس هذا الشهر في يوم ١٧ أغسطس وكان هو أيضًا محبًا للعطاء، وأيضًا الفنان الذي خدم وعمل في جريدة الجمهورية الفنان التشكيلي صبري ناشد. كانت روح العطاء واضحة فيه جدًا، ليس عطاء المال فقط بل عطاء الجهد والفكر والحكمة والوقت. كان يقدم من وقته الكثير وكان يعتبر الإيبارشية منطقة رعايته واهتمامه ولا يصرف وقته في أي أمور أخرى. ٣- كان محبًا للهدوء، وهى صفة الذين يسيرون في طريق السماء، كان محبًا للهدوء والصمت، كلماته قليلة جدًا وكانت محبته للصمت تتحول فيه إلى روح الصلاة والتسبيح والتأمل، كان بعيدًا عن كل صخب وكان حضوره حتى في جلسات المجمع المقدس حضور هادئ، وكانت علاقته مع أخوته الآباء المطارنه والأساقفة هادئة جدًا وأيضًا علاقته مع الآباء الكهنة في مجمع الإيبارشية علاقة الأبوة والبنوة الناضجة. في حياته نتعلم الكثير نتعلم وداعته وتضحياته وهدوئه وصلاته التي كان يرفعها دائمًا ونتعلم الكثير مما جعل له هذه السيرة العطرة التي تعيش في حياتنا وقدم بحياته قدوة صالحة أمام الجميع، عاش في الرهبنة ٤٤ سنة وهذا عمر كبير منها ١٢ سنة في خدمة الأسقفية في هذه الإيبارشية المحبة للمسيح. نحن نودعه على رجاء القيامة ونودع فيه هذه السيرة العطرة ونتذكر قدوته الطيبة التي عاش بها في وسطنا. باسم كل الآباء في المجمع المقدس وباسم الأحبار الأجلاء الآباء المطارنة والآباء الأساقفة وباسم الآباء الكهنة الحاضرين معنا نقدم الشكر لكل الأحباء الذين شاركونا هذه المناسبة. كما أننا نقدم التعزية لكل الآباء في مجمع إيبارشية شبين القناطر وكل خدامها وخادمتها ونتذكر رعايته لأسر الكهنة ونتذكر رعايته لأرامل الكهنة واهتمامه بهذا المجال، نقدم التعزية لكل أبنائه وبناته الروحيين والمكرسات اللاتي كان يخدمهن وصار لهن كأب أعتراف ومرشد روحي لحياتهن الروحية. نعزي هذا الشعب الأمين الذي عاش وتمتع بخدمة هذا الأسقف الأمين والمخلص، نعزي الجميع ونعزي أنفسنا ونطلب من الله أن يعطينا روح الاستعداد وأن نكمل حياتنا جميعًا بخير وسلام ويعطينا النهاية الصالحة. لقد مرض في أيامه الأخيرة لأيام معدودة ثم سمحت عناية الله أن تنطلق روحه إليه لكي ما تسكن في السماء التي اشتاق إليها كثيرًا، نصلي أن يحفظنا المسيح جميعًا ويكمل حياتنا جميعًا بسلام ويعطينا أن نمجد اسمه في كل يوم. له كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. |
|