|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة ولَو لم تَكُنْ، أَتُراني قُلتُ لَكم إِنِّي ذاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مُقاماً؟ تشير عبارة "بَيتِ" في الأصل اليوناني οἰκίᾳ (معناها بيت) الى المكان الذي يقيم فيه الانسان إقامة ثابتة ، ولذلك أطلقت هذه الكلمة على الهيكل، الذي يقيم فيه الله وسط شعبه (خروج 33: 7 )؛ أمَّا عبارة " بَيتِ أَبي" فتشير الى بيت الله الذي في السماوات حيث يظهر مجده بأكثر البهاء والجلال كما ورد في كلمات موسى النبي "تَطلعَ مِن مَسكِنِ قُدْسِكَ مِنَ السَّماء" (تثنية الاشتراع 26: 15)، ووفقا لما علَّمنا المسيح في الصلاة الربانية "أَبانا الَّذي في السَّمَوات" (متى 6: 9)، وذلك دلالةً على سمو الوجود الإلهي. وهذا تعزية لنا جميعا إذ نعلم من يسوع ان السماء بيت أبينا فهي بالتالي وطننا. أمَّا عبارة " مَنازِلُ كثيرة " فتشير الى مملكة المجد الأبدي عوضاً عن المملكة الزمنية؛ أمَّا عبارة " مَنازِلُ " في الأصل اليوناني μοναὶ (معناها المكان الذي ننزل فيه بعد مسير أو رحيل) فتشير الى سعة السماء لهم وسائر المفديين مع كل جند الملائكة حيث هناك مساكن دائمة وإقامة مستمرة وأماكن راحة نقيم فيها نهائيًا بعد الغربة على هذه الارض كما جاء في تعليم بولس الرسول "نَحنُ نَعلَمُ أَنَّه إِذا هُدِمَ بَيتُنا الأَرْضِيّ، وما هو إِلاَّ خَيمَة، فلَنا في السَّمَواتِ مَسكِنٌ مِن صُنعِ الله، بَيتٌ أَبَدِيٌّ لم تَصنَعْه الأَيْدي" (2قورنتس 1:5). وبعبارة أخرى، هنا على الأرض شدة وضيق لنا، لكن هناك في السماء مكان مجد وراحة ابدية؛ أمَّا عبارة "ولَو لم تَكُنْ" في ألأصل اليوناني εἰ δὲ μή (معناها وإلاَّ) فتشير الى لو كان انفصالنا ابديا فلا يمكن أننا نجتمع في السماء ونسكن معا في منازلها. أمَّا عبارة "أَتُراني قُلتُ لَكم" فتشير الى قول يسوع الذي ما فيه أدنى ريب. لن يترك يسوع تلاميذه يتوقعون ما لا يوجد. أمَّا عبارة "إِنِّي ذاهِبٌ" في الأصل اليوناني πορεύομαι (معناها يمضي) فتشير الى صيغة الفعل الحاضر، وهو اول من يذهب الى السماء، ويوضّح صاحب الرسالة الى العبرانيين "دَخَلَ يسوعُ مِن أَجْلِنا سابِقًا لَنا" (العبرانيين 6: 20)؛ أمَّا عبارة "لأُعِدَّ" ἑτοιμάσαι فتشير الى صيغة الفعل المستقبل حيث يَعد يسوع تلاميذ بإعداده لهم مكانا في البيت الأبوي السماوي لأنه اعتبرهم أبناء الله، فقد قال يسوع " العَبدُ لا يُقيمُ في البَيتِ دائِماً أَبَداً بلِ الابنُ يُقيمُ فيه لِلأَبَد" (يوحنا 8: 35)، وقد اعدَّ ذلك بموته على الصليب وشفاعته لنا في السماء "دَخَلَ القُدْسَ مَرَّةً واحِدَة، لا بِدَمِ التُّيوسِ والعُجول، بل بِدَمِه، فحَصَلَ على فِداءٍ أَبَدِيّ" (العبرانيين 9: 12) اما عبارة "مُقاماً" الى المقام الذي فقده الإنسان بسبب الخطيئة، والذي يُعيده يسوع مجاناً، آخذاً على عاتقه، على الصليب". ويعلق المطران بيير باتيستا "هذا المُقام هو عطية العلاقة بالآب المتاحة للجميع". ويوضّح بولس الرسول هدف هذا المُقام "لِيكونَ اللّهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء (1 قورنتس 15: 28). |
|