|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا يستجيب الآب ؟ شرح السيد المسيح ذلك بقوله: “لأن الآب نفسه يحبكم. لأنكم قد أحببتمونى. وآمنتم أنى من عند الله خرجت” (يو16: 27). محبة الله لنا تتحقق بمحبتنا للسيد المسيح وإيماننا به. هذا هو دليل قبولنا لمحبته ودخولنا إلى شركة الحب معه. لهذا قال يوحنا المعمدان : “الآب يحب الابن، وقد دفع كل شئ فى يده. الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية” (يو3: 35، 36). وقال يوحنا الإنجيلى : “من اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو فى الله. ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التى لله فينا. الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه” (1يو4: 15، 16). وعن محبتنا لابن الله قال: “كل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضاً” (1يو5: 1). جاء السيد المسيح لكى ينقل إلينا الحب الكائن بين الآب والابن منذ الأزل، أى الحب الكائن بين أقانيم الثالوث الآب والابن والروح القدس. ولهذا قال فى مناجاته للآب قبل الصليب: “أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك. أما أنا فعرفتك. وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتنى. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به، وأكون أنا فيهم” (يو17: 25، 26). “أبى أعظم منى” (يو14: 28) بقدر ما أتعبت هذه الكلمات أريوس الهرطوقى، بقدر ما هى مفرحة لقلوب الودعاء والمتضعين.. قالها السيد المسيح فى بساطة واتضاع، عن حال كونه قد أخذ صورة عبد بالتجسد.. وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان وضع ذاته.. ( انظر فى2: 8). فالسيد المسيح هو المثل الأعلى فى الاتضاع. وبالرغم من كونه هو أقنوم الابن الأزلى، المساوى لأبيه فى كل صفات الجوهر الإلهى، والأزلى مع الآب.. إلا أنه أخلى ذاته، آخذاً صورة عبد. ولم يكتفِ بذلك بل إذ وُجد فى الهيئة كإنسان، وضع ذاته وأطاع حتى الموت. لهذا قدّم معلمنا بولس الرسول ما عمله السيد المسيح كمثال للاتضاع إذ قال: “فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً. الذى إذ كان فى صورة الله، لم يحسب مساواته لله اختلاساً. لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” (فى2: 5-8). إخلاء الذات : (Kenosis) بهذه العبارات شرح معلمنا بولس الرسول حقيقة التجسد الإلهى. فالابن الوحيد الأزلى إذ كان “فى صورة الله” (evn morfh / Qeou/ إن مورفى ثيئو) أخذ “صورة عبد” (morfh/n dou,lou مورفين دولو). هو لم يتغير عن طـبيعته الإلهـية، ولكنه أخـلى نفسه (e`auto/n evke,nwse هى أفتون إكينوسى): بمعنى أنه تخلّى عن أن يكون مجده الإلهى منظوراً على الأرض، حينما احتجب مجد اللاهوت فى الجسد.. إذ أخذ صورة عبد ووُجِد فى الهيئة (sch,mati سكيماتى) كإنسان. لهذا قال السيد المسيح -حال كونه فى الجسد على الأرض- إن الآب أعظم منه.. بمعنى أنه إذ أخلى نفسه فإن صورة العبد هى المنظورة.. وبصعوده إلى السماء فسوف يدخل إلى مجده، أى إلى صورة الله التى أخلى نفسه منها مرحلياً أو وقتياً فى نظر من رآه فى حال تجسده على الأرض. وبهذا يدخل بجسد القيامة إلى حالة المجد التى تخص صورة الله. لهذا قال لتلاميذه : “لوكنتم تحبوننى لكنتم تفرحون لأنى قلت أمضى إلى الآب. لأن أبى أعظم منى” (يو14: 28). بمعنى أنهم ينبغى أن يفرحوا بعودته إلى السماء، حيث مجده الإلهى الأول الذى أخلى نفسه منه، إذ أخذ صورة عبد، لكى يضع نفسه ويطيع حتى الموت ويفتدى البشرية. ويؤكد ذلك كله ما قاله السيد المسيح فى صلاته للآب قبيل الصليب : “أنا مجدتك على الأرض، العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته. والآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم” (يو17: 4، 5). أى أن رسالة السيد المسيح على الأرض كانت هى تمجيد الآب السماوى، وكان الابن قد أخلى نفسه ليتمم الفداء. وبعد إتمام الفداء على الأرض، يصير صعوده إلى السماء هو الوسيلة التى يعلن بها الآب دخول السيد المسيح إلى مجده، حيث يظهر مع الآب فى الأقداس السماوية لأجلنا.. ويكون بهذا قد عاد إلى مجده الذى كان له قبل كون العالم، والذى لم يفقده بالتجسد بل أخفاه عن الناظرين إليه على الأرض ليتمم الفداء. |
|