التآمر على تسليم السيد المسيح
كان رؤساء الكهنة يبحثون عن شخص يصير دليلاً لهم، ليلقوا القبض على السيد المسيح بعيداً عن الجموع، خوفاً من الشعب الذى استقبل السيد المسيح كملك عند دخوله إلى أورشليم فى يوم أحد الشعانين.
وقد سجّلت لنا الأناجيل هذه الأحداث كما يلى:
“حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذى يدعى قيافا. وتشاوروا لكى يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه. ولكنهم قالوا ليس فى العيد لئلا يكون شغب فى الشعب” (مت26: 3، 4).
“وقرب عيد الفطير الذى يقال له الفصح. وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه. لأنهم خافوا الشعب. فدخل الشيطان فى يهوذا.. وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم خلواً من جمع” (لو22: 3-6).
“وكان.. رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً أنه إن عرف أحد أين هو، فليدل عليه لكى يمسكوه” (يو11: 57).
“وخرج مع تلاميذه إلى عبر وادى قدرون حيث كان بستان، دخله هو وتلاميذه. وكان يهوذا مسلمه يعرف الموضع. لأن يسوع اجتمع هناك كثيراً مع تلاميذه” (يو18: 1، 2).
ولخّص القديس بطرس الرسول هذا الأمر بقوله المدوّن فى سفر أعمال الرسل: “كان ينبغى أن يتم هذا المكتوب الذى سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذى صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع إذ كان معدوداً بيننا” (أع1: 16، 17).
كانت المسألة تحتاج إلى شخص يعرف جيداً تحركات السيد المسيح، ويحدد للذين يريدون أن يمسكوه المكان والزمان بعيداً عن الجموع. ولم يكن الأعداء يحلمون بأن يأتيهم واحد من تلاميذه ليكون دليلاً لهم. ولهذا فقد فرحوا جداً حينما وجدوا ضالتهم المنشودة فى شخص يهوذا الخائن.
والعجيب جداً أن قمة التصعيد فى نفسية يهوذا قد حدثت حينما ضاعت فرصته فى أن يحصل على ثمن الطيب الكثير الثمن الذى سكبته المرأة على السيد المسيح.
ولهذا فبمجرد أن نطق السيد المسيح بعبارته عن المرأة ساكبة الطيب: “الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل فى كل العالم يُخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها” (مت26: 13). ذهب يهوذا بعدها مباشرة إلى رؤساء كهنة اليهود “حينئذ ذهب واحد من الاثنى عشر الذى يُدعى يهوذا الإسخريوطى إلى رؤساء الكهنة. وقال ماذا تريدون أن تعطونى وأنا أسلمه إليكم. فجعلوا له ثلاثين من الفضة. ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه” (مت26: 14-16).
لم يخرج يهوذا مندفعاً فقط من العلية فى ليلة العشاء الربانى من وسط التلاميذ، ولكن أيضاً فى اليوم السابق خرج من بيت سمعان الأبرص فى بيت عنيا.. وقد تركه السيد المسيح يذهب ولم يكشف تآمره لأحد مع أنه كان يعلم بكل تحركات يهوذا وبخيانته له و”بكل ما يأتى عليه” (يو18: 4).