لماذا التجربة ؟
كيف بذل الله ابنه الوحيد ؟
إن الابن الوحيد هو كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور. ولم يكن ممكناً لابن الله الوحيد أن يموت نيابة عن البشر دون أن يتجسد، وذلك لأن اللاهوت بحسب طبيعته هو غير مائت وغير قابل للألم. أما وقد صار له طبيعة بشرية كاملة، فقد أمكن أن يتألم وأن يموت الله الكلمة بحسب إمكانيات طبيعته البشرية.
وقد شرح القديس أثناسيوس الرسولى ذلك فى كتاب تجسد الكلمة- الفصل التاسع- الفقرات رقم 1، 2 فقال:
[وإذ رأى “الكلمة” أن فساد البشرية لا يمكن أن يبطل إلا بالموت كشرط لازم. وأنه يستحيل أن يتحمل “الكلمة” الموت لأنه غير مائت ولأنه ابن الآب. لهذا أخذ لنفسه جسداً قابلاً للموت حتى باتحاده “بالكلمة” الذى هو فوق الكل، يكون جديراً أن يموت نيابة عن الكل. وحتى يبقى فى عدم فساد بسبب “الكلمة” الذى أتى ليحل فيه وحتى يتحرر الجميع من الفساد، فيما بعد، بنعمة القيامة من الأموات. وإذ قدّم للموت ذلك الجسد، الذى أخذه لنفسه، كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة، فقد رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم، إذ قدّم عنهم جسداً مماثلاً لأجسادهم. ولأن كلمة الله متعال فوق الكل. فقد لاق به بطبيعة الحال أن يوفى الدين بموته وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية فداءً عن الجميع ].
إذن لقد تجسد كلمة الله لكى يصير بالإمكان أن يموت على الصليب فداءً عن البشرية. وبهذا يتحقق قول السيد المسيح: “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس” (يو3: 16).
فذبيحة الصليب هى ذبيحة الابن الوحيد، وقيمتها غير محدودة عند الله الآب. لهذا كانت كافية لسداد دين البشرية، ولترضية الآب السماوى، ولإعلان قداسة الله الكاملة فى رفضه لخطايا البشرية، ولإظهار حب الله الكامل فى افتدائه لنا “الله كان فى المسيح مصالحاً العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم” (2كو5: 19).