|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بطرس وكنيسة رومية من شهادة الكتاب المقدس والتاريخ (1) أثبتنا في كلامنا السابق عن كنيسة إنطاكية، والادعاء بأن بطرس هو مؤسسها، أنه حتى انعقاد مجمع أورشليم حوالي سنة 51، كان بطرس ما يزال ببلاد اليهودية، وأنه ذهب إلى إنطاكية سنة 51 وبعدها (غل2: 11)... بعد ذلك نجد كلوديوس قيصر يطرد اليهود من روما حوالي سنة 52، الأمر الذي أشار إليه القديس لوقا في (اع18: 2)... وكانت المسيحية حتى ذلك الوقت، معتبرة شيعة يهودية. فلا يمكن أن يكون بطرس قد ذهب إلى رومية في تلك الفترة – ما بين طرد اليهود من روما وعودتهم إليها. (2) ولا يمكن أن يكون بطرس قد ذهب إلى رومية قبل سنة 58 م. – تلك السنة التي كتب فيها بولس رسالته إلى أهل رومية من كورنثوس، والتي لم يرد فيها أي تحية أو ذِكْر لبطرس بينما حوت الرسالة تحيات إلى أشخاص عديدين كما سبق أن ذكرنا (عشرين شخصا وأسرتين).. والقديس بولس في هذه الرسالة يقول لأهل رومية أنه مستعد لتبشيرهم (رو1: 15)، مما يقطع بأن أحدًا من الرسل لم يبشرهم حتى ذلك التاريخ، لا بطرس ولا غيره من الرسل. (3) ويغلب على الظن -كما يعتقد البعض- أن بطرس كان في جوالات تبشيرية مع زوجته حتى سنة 57 م.، وهي السنة التي كتب فيها بولس رسالته الأولى إلى كورنثوس من مدينة أفسس، وقال فيها "ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وأخوة الرب وصفا (بطرس)" (1كو9: 5) وغالبًا ما كانت تلك الجولات التي وجه إليها رسالته الأولى (1بط1: 1). (4) لا أثر لوجود القديس بطرس بروما في فترة وجود بولس بها (61-63)... فالقديس لوقا في سفر الأعمال لا يذكر شيئًا عن بطرس. والقديس بولس -في رسائله الأربع التي أنقذها من روما في تلك الفترة- لم يورد أية إشارة تفيد -ولو من بعيد- إلى وجود القديس بطرس في رومية. (5) من غير المعقول أن يغفل القديس لوقا كاتب الأعمال، خبر وجود بطرس الرسول برومية لمدة ربع قرن من الزمان، وتأسيسه لكنيسة عاصمة الإمبراطورية، بل عاصمة العالم كله وقتذاك، لو كان ذلك حدث فعلا!! وعلى ذلك، فإن الادعاء بوجود مار بطرس في روما قبل سنة 63 أمر مستحيل كما أثبتنا... أما احتمال ذهابه إليها بعد ذلك التاريخ، فليس له ما يؤيده، سوى إشارات عابرة غير واضحة ولا قاطعة لبعض الآباء اللاحقين... (6) أول من أشار من الآباء إلى استشهاد بطرس هو القديس كليمنضس الروماني أسقف رومية (92-101 م.) في رسالته إلى كنيسة كورنثوس لكنه لم يذكر مكان استشهاده في روما أم غيرها. (7) في الاكليمنضيات المزورة، والكتابات المدسوسة الغُفل من أسماء كاتبيها (غير مكتوب مَنْ كتبها)، يربطون بين بطرس الرسول وسيمون الساحر عقب اللقاء الذي حدث بينهما في السامرة حوالي سنة 37 م.، ويصورون بطرس أنه أخذ يتعقبه حتى وصل إلى روما عاصمة الإمبراطورية. (8) ذكر بعض آباء القرن الثاني، من أمثال ديونيسيوس الكورنثي وأيريناوس ومن جاء بعدهما، أن بطرس اشترك مع بولس في تأسيس كنيسة رومية.. أما تعليل ذلك. فهو إما أن هؤلاء الآباء أخذوا عن مصدر خاطئ بلا فحص وإما أنهم اعتبروا بطرس – في أشخاص الرومانيين اليهود والخلاء الذين حضروا معجزة يوم الخمسين، وآمنوا بعد سماعهم عظة بطرس ومن ثم حملوا الإيمان إلى وطنهم – أنه أشترك بصورة غير مباشرة في تأسيس كنيسة روما. (9) وثمة نقطة كانت مثار جدل بين العلماء. وهي بابل المذكورة في رسالة بطرس الأولي والتي منها كتب هذه الرسالة (1بط5: 13) فقد فسرها البابويون على أنها روما (بابل = روما) على أساس أن القديس يوحنا أشار إليها في سفر الرؤيا بهذه التسمية الرمزية... وقصدهم من ذلك أن يثبتوا وجود بطرس في روما وأنه كتب منها هذه الرسالة.. يجمع الآباء والعلماء بلا استثناء على أن بابل المذكورة في سفر الرؤيا هي روما. بناء على الملابسات المذكورة معها.. ذكرها يوحنا خمس مرات وفي كل مرة يذكرها باسم بابل العظيمة أما بابل المذكورة في رسالة بطرس (1بط5: 13) فهي بابل الواقعة على نهر الفرات، ولا يمكن أن يكون المقصود بها التسمية الرمزية أي روما... هذا هو رأي فطاحل العلماء حاليًا أما الأدلة على ذلك فكثيرة منها: (أ) حينما أشار يوحنا في رؤياه إلي روما على أنها بابل فإن هذا السفر نبوي ورمزي وتستقيم معه هذه الإشارة لكن ليس ما يدعو بطرس لأن يستخدم الأسلوب الرمزي في رسالته. علمًا أن أسفار الكتاب المقدس كلها لم تشر إلي روما على أنها بابل إلا في سفر الرؤيا فقط. (ب) الأماكن الجغرافية والأقاليم المذكورة في رسالة بطرس الأولي (مقاطعات بنطس وغلاطية وكبادوكية وآسيا وبيثينية) تعنى المعنى الحرفي فلماذا لا يعني بطرس بابل بمعناها الحرفي أيضًا؟؟ (ج) ليس ما يدعونا إلى الافتراض أن المسيحيين -وقت كتابة هذه الرسالة- كانوا يفهمون روما على أنها بابل القديمة.. (د) سفر الرؤيا –وهو الموضع الوحيد في الكتاب المقدس الذي فسرت فيه بابل على أنها رومية– كتب بعد زمان كتابة رسالة بطرس الأولى بنحو ثلاثين سنة فكيف أتبع بطرس نفس أسلوب يوحنا الرمزي؟؟ (هـ) أينما ذكرت مدينة رومية في العهد الجديد ذكرت باسمها باستثناء سفر الرؤيا.. وحتى في الرؤيا ذكرت باسم (بابل العظيمة). (و) هناك أدلة قوية على أنه في وقت كتابة رسالة بطرس كان المسيحيون من اليهود والوثنيون يؤلفون جماعة كبيرة في مدينة بابل على نهر الفرات وما حولها وكانت المدينة على جانب كبير من الأهمية. وقد لعبت مدارس التعليم اليهودي في ذلك الإقليم دورًا هامًا في النهوض باليهودية خاصة بعد خراب أورشليم وهيكلها ولا شك أن هذه النقطة كانت حقلًا هامًا ومتسعًا لأعمال بطرس الرسول الكرازية باعتباره رسول الختان الأول... |
|