مريم ناعوم تكتب صدِّق أو لا تصدِّق.. الممنوع مرغوب!
الثورة قامت.. نجحت من وجهة نظر البعض (اللى ركبوها).. فشلت من وجهة نظر البعض (اللى عارضوها).. ومستمرة من وجهة نظر البعض (اللى صنعوها). المهم إن بعد الثورة، وبعدما وصل بعض البعض لمجلس الشعب ولتأسيسية الدستور، طلع علينا «بعض» بعض البعض يقول لنا خطته فى ملف التعليم. - خطتكو التعليمية إيه يا «بعض»؟ - نفصل الولاد عن البنات فى المدارس المختلطة. - طب وبالنسبة لأحوال المدارس نفسها يا «بعض»؟ - نلغى المدارس المختلطة الأول وأحوال المدارس نبقى نشوفها بعدين. - طب وبالنسبة لأوضاع المدرسين يا «بعض»؟ - نفصل المدرسين عن المدرسات الأول وأوضاع المدرسين نبقى نشوفها بعدين. - طب وبالنسبة لمضمون المناهج يا «بعض»؟ - نلغى الإنجليزى الأول ومضمون المناهج نبقى نشوفه بعدين. كأن مشكلة التعليم فى مصر هى إن الولاد والبنات، والمدرسين والمدرسات، فى نفس المدرسة. لأ وكمان بيعلموا وبيتعلموا إنجليزى.. يا داهية دُقّى! هاكتفى دلوقتى بداهية إن الولاد والبنات فى مدارس مختلطة. اختزل الـ«بعض» مشكلة التعليم فى الاختلاط غاضِّين البصر عن مشكلات المدارس وحالة مبانيها وقلة مواردها، وعن مشكلات المدرسين ودخولهم وتأهيلهم، ومشكلات المناهج. وطبعًا عن المناهج، فلنتحدث ولا حرج. بس قبل ما أتحدث عن المناهج اللى جابت لجيلى تخلُّف عقلى لم يعالَج منه البعض لحد النهارده.. هاتكلم عن معضلة اختلاط التلاميذ اللى شاغلة الـ«بعض». أعتقد أن كثيرين جدًّا من جيلى تعلموا فى مدارس حكومية أو تجريبية أو لغات مشتركة. وكان بالنسبة إلينا هذا الآخر -اللى هو فى حالتى الأولاد- كائن زيّه زيّنا بس غلس وشعره قصير وبيلبس بنطلون مش مريلة. وتدريجيًّا بنكتشف إن تكوينه كمان مختلف وإنه بقى أغلس من الأول. والتعود على وجود هذا الولد خلاه كائن عادى. غير لافت، غير جذاب، والأهم.. غير مثير بالمرة على عكس ما قد يتصوره الـ«بعض». بالنسبة إلينا كان الولد بنى آدم عادى لأننا بنشوفه كل يوم من أولى حضانة لثانوية عامة. زيه زى الأخ اللى فى البيت. لا أكتر ولا أقل.. بل غالبًا أقل. لما آجى بقى أقارن بين جيلى من طالبات المدارس المختلطة، وأخريات من جيلى برضه كانوا فى مدارس غير مختلطة، أقدر أقول وعن ثقة إن كان عندهم هوس بالولاد. طبيعى.. لأنهم كانوا مش بيشوفوهم غير فى حدود القرابة أو الجيرة أو بالكتير النادى. فكان عندهم فضول غريب رهيب تجاههم.. يصل أحيانًا إلى درجة الهَطَل. ودلوقتى أقدر أقول ببساطة إن ده كان راجع لفكرة إن «الممنوع مرغوب». فمثلًا كنا لما نروح نتمرن أى رياضة فى النادى، كانت بنات المدرسة المختلطة تروح التدريب عادى، بينما بنات المدارس غير المختلطة يزوّغوا من التدريب عشان يتمشوا فى النادى مع الولاد لأن دى فرصتهم الوحيدة لاكتشاف هذا الآخر. وأنا طبعًا لما باتكلم عن اكتشاف الآخر باتكلم عن اكتشاف برىء جدًّا، آخره الكلام يعنى، لأنى متأكدة إن دماغ الـ«بعض» هتروح لبعييييييد. ولما كنا نقعد نذاكر فى البيت كانت بنات المدارس غير المختلطة بتركز فى الكلام عن الولاد، بينما بنات المدارس المختلطة بتركز فى الواجب لأن الولاد دول موجودين فى المدرسة الصبح فمش محتاجين يتكلموا عنهم بالليل. وأعتقد إن من الممكن قياس الأمر بالعكس عن وجود البنت فى الفصل بالنسبة للولد. كانوا بيشوفونا غلسين برضه ومش بيرضوا يلعبوا معانا. عادى يعنى.. ما كلنا موجودين وشنا ف وش بعض كل يوم.. كل سنة. أعتقد إن «الممنوع مرغوب» كلمتين بيلخصوا كل ما يجب أن يدركه وينتبه له أى حد عايز يربى أى حد تانى وقع تحت وصايته.