|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ، وَقَدْ جَاءَ الْغَضَبُ [26]. يرجع بذاكراته إلى ما قبل التجربة ليرى أنه لم يكن مطمئنًا، إذ كان يخشى أن تحل به كارثة، لكن هذا لم يدفعه إلى الاستكانة ولا إلى الخمول، بل كان يعمل ساهرًا في جدية. * الإنسان غير الحذر الذي يتمتع بالرخاء، ويسود على أعدائه، ويُمتدح ويُعجب منهم، يحتاج إلى من يشفق عليه أكثر من أي إنسان آخر. في الحقيقة إذ لا يتوقع أي تغير لا يقدر أن يواجه حتى مشكلات الرخاء بلياقة. فعندما تحل به أوقات صعبة يرتبك ويحبط بسبب عدم حذره ولأنه غير عملي. أما أيوب فعلي العكس لم يكن هكذا، بل حتى في رخائه كان يتوقع كل يوم الأوقات الصعبة... يقول آخر: "في وقت الشبع أذكر وقت الجوع، وفي أيام الغنى أذكر الفقر والعوز". (سيراخ 18: 25)(185). القديس يوحنا الذهبي الفم * ما حزن عليه أيوب ليس الأمور التي تخيلها أصحابه، إنما كانت نفسه في رعبٍ آخر، من عدم معرفة إن كان العدو يسلبه غناه الداخلي، إن كان قد استطاع أن ينهب منه الأمور الصالحة، التجريد الذي يُحسب كارثة عظمى. من أجل هذا اشهد أيوب علانية: "لم اطمئن ولم أسكن، ولم أسترح، وقد جاء الزجر عليٌ" [26]. إنه لم يعرف السلام، إذ كان مضطربًا بسبب أولاده. "لم يكن في هدوءٍ (سكونٍ)" إذ قدم كل يومٍ ذبائح عنهم (أي 5:1). لقد حل الزجر (السخط) عليه، إذ فقد أبناءه في وقت واحد وثروته وصحته الجسدية. فإنه حتى عندما يكون البار بارًا جدًا، إن كان يُسر الله في كل الأمور، يستحيل عليه أن يعيش دون أن يتعرف على التجارب في هذا العالم (يع 2:1). لا يقدر أن يوجد دون أن يعرف حزن هذا العالم، وذلك كما قال الرب لرسله (يو 6:16-22). يقول بولس نفسه: "جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون" (2 تي 12:3).. وقال المسيح من جانبه: "ثقوا، أنا قد غلبت العالم" (يو 33:16). مرة أخرى قال: "من يصبر إلى المنتهى يحيا" (راجع مت 22:10، 23:24)، بقوة الآب والابن والروح القدس. الأب هيسيخيوس الأورشليمي لم تعد شهوة الموت صادرة عن الهروب من الضيق والتجارب. فالمسيحي الحقيقي كعضوٍ حيّ مرتبط بالرأس يسوع المسيح، يقبل سمات المسيح المصلوب الذي قبل الموت بإرادته، فيعشق الألم ويبحث عنه ويشتهيه حتى الموت، لا لأجل الألم في ذاته، ولا هروبًا من العالم، بل لأنه علامة شركة الحب الحقيقي والوحدة بين العريس المتألم المصلوب وعروسه. هكذا انطلق الصليب بالألم كما بالموت بالنسبة للمؤمن الحقيقي من كونه علامة الخطية ودلالة حجب الإنسان وحرمانه من الله مصدر السعادة ليصير علامة حب وشركة. فيقول الرسول بولس: "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع" (2 كو 10:4). ويؤكد أنها آلام المسيح: "لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا" (2 كو 5:1). * إذ بسط يديه على الصليب طرح رئيس سلطان الهواء الذي يعمل في أبناء المعصية (أف 2:2)، مهيئًا لنا طريق السماوات. * حين رُفع جسده إلى العُلا ظهرت الأمور التي في السماء(186). * بعد قيامة مخلصنا الجسدية، لم يعد يوجد سبب للخوف من الموت. الذين يؤمنون بالمسيح يطأون على الموت كأنه لا شيء، مفضلين أن يموتوا بالحري عن أن ينكروا الإيمان بالمسيح. فإنهم مقتنعون أن الموت لا يعني دمارًا بل حياة، خلال القيامة يصيرون غير قابلين للدمار... الدليل الواضح على هذا هو أنه قبل الإيمان بالمسيح كان الناس يتطلعون إلى الموت كموضوعٍ مرعبٍ، كشيءٍ يجعلهم جبناء. وما أن قبلوا الإيمان وتعليم المسيح، حتى صاروا على العكس يحسبون الموت أمرًا صغيرًا يدوسون عليه، ويجعلهم شهودًا للقيامة التي حققها المخلص ضد الموت(187). البابا أثناسيوس الرسولي * بعد أن جاء المسيح ومات لأجل حياة العالم لم يعد ُيدعى الموت موتًا بل نومًا ونياحًا(188). * أما تعرف كيف أصلح الصليب أخطاء كثيرة؟ ألم يحطم الموت، ويمسحُ الخطية، وينهى قوة الشيطان، وُيشبع كيان جسدنا الصالح؟ ألم يصلح العالم كله، ومع هذا لا تثق أنت فيه؟(189) * من يخبر عن أعمال الرب القديرة؟ (مز 2:105) من الموت صرنا خالدين، هل فهمتم النصرة والطريق التي بلغتها؟ تعلموا كيف اُقتنيت هذه الغلبة بدون تعب وعرق. لم تتلطخ أسلحتنا بالدماء ولا وقفنا في خط المعركة، ولا جُرحنا، ولا رأينا المعركة لكننا اقتنينا المعركة. الجهاد هو مسيحنا، وإكليل النصرة هو لنا. ما دامت النصرة هي لنا، إذن يليق بنا كجنودٍ أن نرتل اليوم بأصوات مفرحة بتسابيح الغلبة. لنسبح سيدنا قائلين: "قد أُبتلع الموت إلى غلبة. أين غلبتك يا موت أين شوكتك يا هاوية؟" (1 كو 54:15-55)(190). القديس يوحنا الذهبي الفم |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | كان موقف أليهو لا يُحسد عليه |
أيوب | هياج العشائر عليه بلا سبب |
أيوب | فقدان من يحنو عليه |
أيوب | إساءة حكمهم عليه |
عاد أيوب إلى ما كان عليه من كرامة |