|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فما هو السر المختفي وراء غيظ يونان النبي؟ لقد كان يونان ما يزال متمركزا حول ذاته، لا يفكر إلا فيها. لم يكن يفكر في نينوى، ولا في توبتها، ولا في هذا الخلاص العظيم الذي تم، ولا في ملكوت الله وبنائه. وإنما كان يفكر في شيء واحد فقط هو ذاته.. تمامًا كما فكر الابن الكبير في ذاته: كيف أنه خدم أباه سنين طويلة وكيف أنه لم يأخذ جديا، ولم يفرح مع أصدقائه.. (لو 15) وعلى أسلوب أقل في الاهتمام بالذات، كان تعب مرثا بسبب جلسة التأمل الجميلة التي تمتعت بها مريم تحت قدمي المسيح.. كانت تفكر في راحتها الخاصة وعدم حصولها على مساعدة من أختها... أما يونان، فقد كان تفكيره في ذاته من نوع أخطر. كان ما يزال يفكر في كرامته وفي كلمته التي نزلت إلى الأرض. إنه نفس التفكير السابق القديم، الذي دفعه قبلًا إلى الهروب من وجه الرب.. وبسبب هذا الفكر، حرم نفسه من الاشتراك في أفراح السماء، وفصل نفسه من الانضمام إلى جماعة الملائكة المبتهجين بخلاص نينوى. وبرهن بغيظه هذا، على أن طريقة تفكيره ذاتية غير روحية، وبرهن على أن مشيئة الأب السماوي الذي "يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4). وبهذا الغيظ برهن يونان على أنه لم يستطع أن يستفيد من تجربته السابقة. نسى الثمن الذي دفعه في بطن الحوت وفي السفينة المهددة بالغرق.. لم يؤثر فيه ذلك الدرس المؤلم الذي تلقاه من الله. وإن كان قد أطاع الله ظاهريا بعد تلك التجربة، إلا أنه ظل في الداخل كما هو لم يتغير، ولم يتخلص من طبيعته المحبة لذاتها وكرامتها المتمركزة حول هذه الذات. لم تكن خدمة الرب في أعماقه، ولم تكن في أعماقه محبة الناس.. كانت كل هذه الأمور تطفو على سطح تفكيره. أما العمق ففيه الذات والكرامة أكثر من أي شيء أخر!! |
|