|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فضيلة الرجاء والعبور إلى القيامة في زمن التجارب والمحن تحتاج النفس البشرية إلى معين القوة الروحية كطاقة نور وهاج تهتدى بأشعته للسير في السبيل القويم نحو التحرر من عتمة الطريق ووعورتها وصولاً الى باب الخلاص. تمثل قيامة السيد المسيح من بين الأموات العنوان الساطع في كتاب الإيمان المسيحي، وذلك لما للقيامة من معانٍ روحية وانسانية نبيلة، تملأ النفس بمشاعر الفخر بالمخلص الذي كسر شوكة الموت، وهو ما يولد في الوجدان المسيحي معنى الرجاء كقوة روحية تتجاوز حدود المستحيل. أمام شوكة الموت التي تتمدد على سطح الكرة الارضية شرقًا وغربًا جراء وباء كورونا اللعين، يضحى التحلي بالرجاء والنمو فيه بمثابة طاقة النور التي تلهب القلب وتنير الفكر في التماس مراحم الرب وانتظار يوم خلاصه. 1- الفضيلة وتهذيب النفس عن معنى الفضيلة يورد كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكى للشبيبة بأنها موقف باطني وعادة ايجابية ورغبة توظف في خدمة الخير العام حيث اننا بقدرتنا البشرية لا نستطيع عمل ذلك إلا جزئيًا، لكن الله يساندنا بنعمته ويمنحنا الفضائل الإلهية التي بعونها نبلغ إلى نور الله وقربه. وعليه يجب أن نهذّب أنفسنا لكي نستطيع أن نفعل الخير بحرية وفرح. يساعدنا هنا بالدرجة الأولى الإيمان الثابت بالله، والعيش وفقًا للفضائل الروحية، فنوجّه قدرات العقل والارادة توجيهًا يزداد وضوحًا نحو الخير. وحول ما هو الرجاء يذكر التعليم بأنه القدرة التي نتوق بشدة وعلى الدوام إلى الهدف الذي نحن موجودون على الأرض لأجله، أي أن نمجد الله ونخدمه وإلى ما تقوم به سعادتنا الحقة، أي أن نجد في الله امتلاءنا، وإلى حيث نلقى وطننا النهائي في الله. 2- عدوى الرجاء خلال عظة قداس عيد القيامة المجيد هذا العام قال قداسة البابا فرنسيس للعالم: " يتردد اليوم في العالم بأسره صدى اعلان الكنيسة المسيح قام.. حقًا قام، كشعلة جديدة اتقدت هذه البشرى السارة في الليل. ومع هذه البشرى السارة يتردد صدى صوت الكنيسة أن المسيح رجائي قد قام من الموت، إنها عدوى تنتقل من قلب إلى قلب، لأن كل قلب بشرى ينتظر هذه البشرى السارة إنها عدوى الرجاء". وأضاف الأب الأقدس: "ليُعطِ يسوع، فصحنا، القوّة والرجاء للأطباء والممرضين الذين وفي كلِّ مكان يقدّمون شهادة عناية ومحبة للقريب، باذلين أقصى جهودهم، وفي بعض الأحيان مُضحّين بصحتهم. إليهم وإلى الذين يعملون بمثابرة من أجل ضمان الخدمات الأساسية الضرورية للتعايش المدني وإلى قوى الأمن والعسكريين الذين وفي بلدان عديدة قد ساهموا في تخفيف صعوبات السكان وألمهم، يتوجّه فكرنا المحب وامتناننا". 3- بالرجاء مخلصون تأتي الرسالة العامة للبابا بندكتس السادس عشر الصادرة عام 2007 تحت عنوان "بالرجاء مخلصون" في مقدمة الأدبيات الكنسية المعاصرة التي تناولت موضوع الرجاء المسيحي بكثير من التفاصيل الغنية بالتعاليم الروحية واللاهوتية. عن معنى الرجاء يقول بندكتس السادس عشر: "بالرجاء نحن مخلَّصون، ففي الرسالة إلى أهل رومية يقول القديس بولس للرومانيين ولنا أيضًا (روم 8 / 24)، وحسب الإيمان المسيحي، بأنّ الخلاص ليس مجرّد فكرة. إن الفِداء قد وُهبَ لنا كرجاءٍ، رجاءٍ وثيق، به نستطيع أن نواجه الحياة الحاضرة التي بالرغم من كونها مُتعِبة يُمكنها أن تُقبَل وتُعاش إذا كانت تُفضي إلى غايةٍ ما، وإذا ما كنّا أكيدين من تلك الغاية، وإذا ما كانت تلك الغاية عظيمة لدرجة أنها تُبرِّرُ تعبَ المسيرة". وحول حقيقة الرجاء المسيحي، يقول البابا بندكتس في رسالته سالفة الذكر: "في الحقيقية من لا يعرف الله هو دون الرجاء الأعظم الذي تقوم عليه الحياة باكملها. إنّ الرجاء الحقيقي للإنسان هو ذاك الرجاء الذي يثبت بالرغم من كل خيبات الأمل، الله وحده الذي أحبنا وما زال يحبنا إلى المنتهى حتى يتم كل شيء. إنّ من لمسته المحبة يبدأ يفهم معنى الحياة الحقيقي يبدأ يفهم ما تعنيه كلمة رجاء، لقد قال يسوع عن نفسه بأنه جاء لتكون لنا الحياة في ملئها". 4- العمل وتعلُم الرجاء عن موقع العمل البشري في معايشة الرجاء كتب البابا بندكتس: "كل عمل إنسانيّ جديّ وقويم هو رجاء في طريقه إلى التحقيق، هو كذلك قبل كل شيء لأننا بواسطته نحاول تحقيق آمالنا الصغيرة منها والكبيرة. إن أداء هذا الواجب الهام في مسيرة حياتنا ومن خلال مجهوداتنا يساهم في جعل العالم أكثر نورًا وإنسانيّة، وهكذا تفتح لنا أبواب المستقبل. إنّ جهودنا اليومية في سبيل حياتنا ولأجل مستقبل الجماعة إما أن تسبب لنا التعب أو تتحوّل إلى تطرف إن لم ينرنا نور ذاك الرجاء الأعظم، الذي لا يمكن أن يحطمه الفشل في الأمور الصغيرة أو الإخفاق في الأحداث التاريخية". ويضيف رجل العقيدة والإيمان قائلاً: "إنه لأمر هام أن نرجو حتى لو كانت أمور حياتنا أو شؤون اللحظة التاريخية التي نعيشها تبدو وكأنها لا تحمل أى رجاء. لا يزال بإمكاني أن أرجو دائمًا، وحده الرجاء الضمان الأعظم من أن حياتي الشخصية والتاريخ بأكمله يظلان محروسين في قدرة المحبة الخالدة التي بفضلها يكتسبان معنى وأهميّة". 5- الرجاء والعبور إلى الشفاء إذا كان الرجاء هو الفضيلة الروحية الأولى التي توجه الكنيسة أنظارنا إليها كدرس مستفاد أول عند التأمل في معنى قيامة الرب من بين الأموات، في مقابل الواقع المريض الذي نعيشه في زمن الوباء، لذا يتوجب على الكاتب أن يسجّل هذه القراءات: - إنّ فضيلة الرجاء إلهية المصدر، إنسانية التطبيق، لذا دعونا نتحلى بها هذه الأيام حتى تمتلئ قلوبنا بالأمل في شفاء العالم وخلاصه كعطية حب مجانية من لدن الله تعالى. - إنّ رجاءنا الجماعي بمثابة إعلان إيمان مشترك نرفعه إلى الرب القدير كي نستعطف قلبه الرحيم كأبٍ للبشرية وسيدٍ للتاريخ. - إنّ الرجاء يدعونا إلى التحرّر من حسابات الزمن الأرضية واللهث وراء التساؤل الأصعب: متى يكون زمن خلاصنا؟ وما علامات ذلك اليوم؟ - يدفعنا الرجاء إلى التسليم البنوي بقبول مواعيد الرب ليوم خلاصنا والإصغاء الحرّ إلى كلمته، واثقين في محبته الفريدة لكل إنسان. - يقودنا الرجاء إلى الإيمان ببعضنا البعض كأخوة، ساعين إلى التضامن معًا، متيقنين أن خلاص الرب حقيقة لا شكّ فيها. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرجاء والعبور إلى الشفاء |
الرجاء فضيلة انسانية |
فضيلة الرجاء |
فضيلة الرجاء (2) |
فضيلة الرجاء (1) |