|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صبر يسوع إننا لا نتكلم في هذا التأمل على صبر يسوع، على الأحزان والأوجاع التي احتملها حباً بنا مدة اقامته معنا على الأرض. بل موضوع كلامنا يكون الآن على صبره تعالى على الاهانات التي تصيبه من الخطأة وعلى تأجيل توبتهم. ومنهم من يؤجلها الى ساعة موته وتكون إذ ذاك توبتهم من الخوف والأضطرار لا من اجل حب الله ومن التوجع على اهانته. فتمادي الخطأة في خطاياهم واصرارهم عليها حتى الموت، هو الذي يصبر عليه قلب يسوع صبراً فاق كل صبر على الأرض. إن ايوب صبر على فقدان خيراته الزمنية وعلى موت اولاده الزمني، أما يسوع فيصبر على خسارته النفوس التي أفتداها بدمه الكريم، وهو دم يفوق جميع خيرات الأرض بما لا يقدر ولا يوصف. إن جميع التدابير التي يدبرها لخلاص الخطأة تذهب بلا جدوى لهم. انه ابوهم وهم ينكرون ابوته. انه ربهم وهم يهينون ربوبيته. انه مخلصهم وهم يرفضون خلاصه. انه فاديهم وهم يأبونَ فداءه. ولذا سمعناه يشتكي بلسان ملاخي نبيه قائلاً : (( ان كنتُ أباً فأين كرامتي، وإن كنتُ سيداً فأينَ هيبتي )) ( ملاخي 1 : 6 ). ومما يزيد صبر الله عجباً هو طمع الخطأة في صبره هذا فأنهم يرونه صابراً عليهم فيواصلون اهانته عوض ان يتوبوا. واذا قلتم لماذا يصبر الله على الأثمة كل هذا الصبر، أجبتُ انه يصبر عليهم لكي لا يبقى لهم حجة في هلاكهم. لأن السنين عند الله كيوم واحد والصبر الطويل اجدر بالاه الرحمة من البطش والانتقام السريع، لأن الصبر فضيلة والانتقام قصاص والفضيلة اكمل وأمجد من الأنتقام. فاذا أجل الله حسابه وأطال صبره فيقصد بذلك خير الخطأة لعلهم يتوبون لأنهم لا يزالون شعبه ورعيته ولا تزال حقوقه عليهم ثابتة. وفي الحقيقة ان خطأة كثيرون تابوا لصبر الله عليهم وندموا وصاروا في طريق الفضيلة والقداسة. خبر: روى القديس يوحنا السلمي انه شاهد ذات يوم ثلاثة رهبان يهانون اهانة واحدة وفي وقتٍ واحد، فأولهم تأثر من تلك الاهانة وانفعل جداً لكنه خوفاً من الله كظم غيظه وحبس لسانه. والثاني فرح بالإهانة التي اصابته ابتغاء المكافأة الأبدية في السماء. أما الثالث فأفتكر في الأهانة التي لحقت بالله من جراء تلك الخطيئة وشرعَ يذرف الدموع حزناً على اهانة الله. ففي هؤلاء الرهبان عبيد الرب الثلاثة يمكننا ان نرى درجات المحبة الثلاث واختلاف انواعها في النفوس. فالنوع الأول من المحبة هو محبة الله خوفاً من جهنم. والنوع الثاني منها هو محبة الله طمعاً في الملكوت السماوي. وأما الثالث فهو محبة الله لأجل الله. فالمحبة الأولى حميدة ممدوحة ومقدسة ولكنها ناقصة. والمحبة الثانية أرفع من الأولى لكنها غير خالصة من حب الذات. وأما المحبة الثالثة فهي محبة كاملة خالصة لأنها تقصد الله وحده وحبه المقدس لا غير وهي القائلة مع القديسة مرغريتا مريم : الكل لله وحده. إكرام: لا تنسوا قط في اوجاعكم ومحنكم ان الله لا يستشير في الحوادث التي يدبرها إلا بحبه الشديد لكم. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً): يا قلب يسوع لا تدعني أشك في محبتك إذ تمتحنني. |
|