|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إله يعقوب ورفع يعقوب عينيه ونظر، وإذا عيسو مُقبل ومعه أربع مئة رجل ... فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبَّله، وبكيا ( تك 33: 1 - 4) يا له من لقاء عجيب بين قافلتين: قافلة يقودها راعي غنم، مترجلاً، يخمع على فخذه، وتبدو على وجهه ملامح الإعياء الشديد، ودلائل أن نفسه تجيش بهموم تثقله ومخاوف تُرعبه، وهو يتقدم بخطوات متثاقلة تُعبِر عن التردد والريبة، وخلفه رَكْب من النساء والأولاد والأطفال، جميعهم عُزَّل بلا أي سلاح. أما القافلة الأخرى، فيقودها رجل أحمر، كثيف الشعر، تبدو على وجهه إمارات القسوة والشراسة والبطش، وخلفه أربع مئة رجل تبدو عليهم ملامح التعطش لسفك الدماء. تقدم قائد القافلة الأولى وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى زعيم القافلة الأخرى. ويبدو أن هذا الرجل الأعرج كان يوّد أن يستعطف الرجل الآخر، ويهدئ من غضبه، خوفًا من أن يبطش به وبأسرته وبممتلكاته. وكان صاحبنا هذا قد أرسل هدية قيّمة للغاية، للآخر، في محاولة لامتصاص غضبه، وحتى يفلت من قبضته. واقترب الاثنان كلٌ من الآخر، ودَنَت ساعة الصفر، وحانت لحظة التقابل، ولكن حدث شيء لا يخطر على بال، فاق كل التوقعات!! فقد ركض الزعيم، ذو الملامح المُخيفة الشرسة، للقاء الرجل الأعرج وعانقه ووقع على عنقه وقبَّله، وبكيا كلاهما! يا للعجب!! إن المشهد كان يوحي بخلاف ذلك تمامًا!! فما هو الداعي لحضور كتيبة من المُحاربين تتكون من أربع مئة رجل، إذا لم يكن الغرض هو القتل والسلب والنهب؟! هل من المعقول أن هذا الزعيم يأتي على رأس هذه الجماعة لكي يركض كالصغار للقاء الآخر، وليعانقه ويقع على عنقه ويقبّله باكيًا؟! وهل كان من المتوقع أنه بدلاً من إشهار السيوف وقطع الرقاب، أن تُفتح الأحضان، وتتبادل القُبلات وتُذرف الدموع؟! .. يا للعجب حقًا!! وتُرى مَنْ هو البطل الحقيقي في هذا المشهد؟ أ هو هذا الزعيم برجاله وعُدته وعتاده؟! أم ذلك الراعي الأعرج، بهديته وحيلته؟! .. لا هذا ولا ذاك. إنه «إله يعقوب»، صانع العجائب، صاحب السلطان على قلوب الناس والمُسيطر على أرواحهم ( عد 27: 16 )، «المصوّر قلوبهم جميعًا، المُنتبه إلى كل أعمالهم» ( مز 33: 15 )، الذي يستطيع أن يليِّن القلوب، ويستبدل بالنفور والكراهية، عواطف طبيعية دافئة. هذا هو الإله القدير، إله الضعفاء الذين لا سند لهم. إله الأمانة المُطلقة، وإله اللحظة الحاسمة!. |
|