|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأثير الموت «لَعَلَّ يُوسُفَ يَضْطَهِدُنَا وَيَرُدُّ عَلَيْنَا جَمِيعَ الشَّرِّ الَّذِي صَنَعْنَا بِهِ» ( تكوين 50: 15 ) عندما مات يعقوب، «أَمَرَ يُوسُفُ عَبِيدَهُ الأَطِبَّاءَ أَنْ يُحَنِّطُوا أَبَاهُ». ولمدة أربعين يومًا كان يرقد أمامهم ميتًا ( تك 50: 2 ). إن مشهد الموت له رهبته، ومنظر جثة الأب الشيخ لمدة أربعين يومًا قد حرَّك ضمائر أولاده العشرة ليتذكَّروا خطيتهم التي اقترفوها منذ قرابة أربعين سنة، ولم يعترفوا بها اعترافًا صريحًا حتى الآن، عندما باعوا يوسف إلى مصر، وخدعوا أباهم. إن الموت حقيقة لا تُنْكَر، وبالنسبة للإنسان البعيد عن الله هو أكبر كارثة، وأقوى صدمة تهز الضمير في الأعماق، وتُحرِّك كل المواجع القديمة. وأمام هذا المشهد يشعر الإنسان بضآلته، وبتفاهة كل شيء في الحياة. سيدرك أن الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس. وسيدرك أنه ذاهب إلى بيته الأبدي، وأن الحياة، مهما طالت هنا، فهي قصيرة جدًا بالقياس مع الأبدية. لقد مَثَلَ الأولاد أمام جثمان الأب وجهًا لوجه لمدة أربعين يومًا (ع2)، وكانت فترة طويلة جدًا وكافية لمراجعة النفس. ونحن نتذكَّر أرملة صرفة صيدون عندما مات ابنها الوحيد، كيف صرخت في وجه إيليا قائلة: «مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللَّهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟» (1مل17). فالموت قد حرَّك الخطية الكامنة في الأعماق. وهذا ما حدث هنا مع إخوة يوسف، وما يحدث مع كثيرين عندما يواجهون هذه الحقيقة المؤلمة، حقيقة الموت. إنه تدريب لفحص النفس، واستحضار كل الخطايا التي ارتُكبت في الماضي، والاعتراف بها والتوبة أمام الله بكل تواضع وانكسار. وهذا ما يهدئ روع الضمير، ويمنح النفس السلام. فبعدما رجع إخوة يوسف من دفن أبيهم، وكانت ضمائرهم تُبكِّتهم، أرسلوا رسالة إلى يوسف قائلين: «أَبُوكَ أَوْصَى قَبْلَ مَوْتِهِ قَائِلاً: ... آهِ! اصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ إِخْوَتِكَ وَخَطِيَّتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ صَنَعُوا بِكَ شَرًّا» (ع16، 17). فالإقرار والاعتراف هو أساس راحة الضمير. وهكذا قال لهم يوسف: «لاَ تَخَافُوا ... لاَ تَخَافُوا ... فَعَزَّاهُمْ وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ» (ع19-21). |
|