|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل الابن الضال و الابن المطيع
الدراسة الكتابيَّة مجَّد الكثيرون الابن الضال و سبحوا لحنان الأب و شبهوه بالرب الإله الآب السماوي و أهانوا الابن الأكبر و قال الكثيرون أن الابن الضال شاطر و ناصح أما الابن الأكبر ففريسي ذو بر ذاتي و قال آخرون أن من يمثلهم الابن الأصغر هم الأمم الذين قبلوا المسيح و من يمثلهم الابن الأكبر هم اليهود الذين رفضوا المسيح و أضاف البعض أن الابن الأصغر ذهب إلى السماء و الابن الأكبر ذهب إلى الجحيم و قال البعض ان الابن الأصغر ضل خارج البيت و تاب و عاد و نال الحياة من جديد بينما الابن الأكبر ضال داخل البيت و لا يرغب في التوبة و استمر في الموت. و دخل الكثيرون في رمزيات و تأويلات كثيرة ملأوا بها المجلدات و المذكرات و التسجيلات المسموعة و المرئية و من خلال القنوات التليفزيونية العادية و الفضائية فهل يا ترى حاول أحدهم دراسة موضوع الابن الضال دراسة موضوعية غير منحازة بالمحاباة أو بالظلم لذلك سوف أتناول هذا الموضوع بدراسة تحليلية كتابية غير منحازة لأي من الثلاثة و هم الابن الأصغر و الأب و الابن الأكبر دون اللجوء للرمزيات العالية و دون محاباة الوجوه مهما كانت أفكارها و الآن لنبدأ الدراسة التحليلية العادلة الرحيمة كما يلي : – أوَّلًا : الابن الأصغر الضال : – ومن ذلك نلاحظ : أ – مخالفته للوصية و القانون الإلهي « لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتَى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيّاً »( عبرانيين ٩ : ١٦ ، ١٧ ) و من هذا يتضح أن هذا الابن كان ينتظر موت أبيه ليقاسم أخيه الميراث و لكن لما طالت أيام أبيه طلب القسم الذي يصيبه من مال أبيه و بالتالي خالف وصية الرب التي تقول « أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلَهُكَ »( خروج ٢٠ : ١٢ ). ب – كان الأب طيبًا فأعطى الابن الأصغر حقوق أكثر مما يستحق رغم ما أظهره الابن الأصغر من جحود و عقوق « فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ »( لوقا ١٥ : ١٢ ) فلم يعد الأب يملك شيئًا فالابن الأصغر أخذ القسم الذي يصيبه من المال بالتساوي مع أخيه الأكبر مع أن الأكبر يستحق نصيب اثنين كما هو مكتوب أن الأب يجب في وصيته أن يتذكر ابنه المحسوب « بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ »( تثنية ٢١ : ١٧ ) فالأب لم يقسِّم المعيشة بالشدَّة والكسرة لحرف السين ليعطي الأكبر نصيب اثنين و لكن قسَم معيشته بالفتحة على حرف السين فقط و معنى ذلك أنه قسَم معيشته بالتساوي بين ابنيه وهنا نجد نوع من الظلم في تقسيم المعيشة و لكن الابن الأكبر كان في منتهى الطيبة و الخضوع لأبيه فلم يعترض على هذا التقسيم الظالم لأنه قط لم يعص وصية أو تصرف أبيه . ٢ – « وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الاِبْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ »( لوقا ١٥ : ١٣ ). و هنا نلاحظ ما يلي : – أ – استمر الابن الأصغر في بيت أبيه أيام ليست بكثيرة و بكل بجاحة قضي تلك الأيام في بيع جميع ممتلكاته التي أعطاه إياها أبوه من عقارات و حقول فقضى تلك الأيام يساوم ويبيع و يحرر عقود بيع بمقتضى صك القسمة الذي أعطاه إيَّاه أبوه فكان يبيع أمام ناظري أبيه و أخيه و أنا أعتقد أنهما كانا في حزن شديد و هما يريان ممتلكاتهما تذهب للغير. ب – أكمل الابن الأصغر بيع نصيبه من أموال أبيه ثم « جَمَعَ الاِبْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ »( لوقا ١٥ : ١٣ ) و أعتقد أن أباه و أخاه أصبحا في غاية الدهشة إذ كانا يظنان أنه سيعتني بقسْمه الذي ناله من أبيه و لكنه أخذ نصيبه كله ومضي إلى الكورة البعيدة و لم يترك من نصيبه شيئا عند أبيه بل بالحري عند أخيه الذي ترك له القسم الخاص به إذ جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة. ج – نلاحظ أن جميع الأموال و العقارات و الحقول الباقية كلها هي نصيب الابن الأكبر ولم يعد الأب يملك شيئًا منها و كذلك الابن الأصغر لا يملك منها شيئًا لأنه أخذ نصيبه كاملا و مضى و ليس له الحق في ذرة من الغبار و لا أي شيءٍ كان من أملاك أخيه الأكبر إذ قال الأب لابنه الأكبر « كُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ »( لوقا ١٥ : ٣١ ) بمعنى أن كل الأملاك ملك للابن الأكبر وحده. د – الابن الأصغر «سَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ»(لوقا ١٥ : ١٣ ). ٣ – «فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ »(لوقا ١٥ : ١٤). و هنا نلاحظ : – أ – الابن الأصغر أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ أي افتقر : فنحن عرفنا أن الابن الأصغر جمع من بيت أبيه « كُلَّ شَيْءٍ » يخصه لم يترك شيء و في الكورة البعيدة « أنفق كُلَّ شَيْءٍ »( لوقا ١٥ : ١٤ ) إذ أكل معيشة أبيه « مَعَ الزَّوَانِي »( لوقا ١٥ : ٣٠ ) كما هو مكتوب « لأَنَّهُ بِسَبَبِ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ »( أمثال ٦ : ٢٦ ) « لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ »( أمثال ٢٣ : ٢١ ). ب – الابن الأصغر في مجاعة و احتياج : كما هو مكتوب « حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ »( لوقا ١٥ : ١٤ ) و لك أن تتصور مقدار الاحتياج الشديد لشخصً غريب مفلسً يعيش في كورة بعيدة بها مجاعة. ٤ – الابن الأصغر راعي خنازير جائع : ٥ – الابن الأصغر يرجع إلى نفسه : ٦ – الابن الأصغر يعترف بالخطأ و يقرر العودة : فقد اعترف و قرر و نفذ بأن يقوم و يذهب إلى أبيه و يعترف بخطيئته إلى السماء و قدام أبيه كما هو مكتوب « أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ »( لوقا ١٥ : ١٨ ). ٧ – الابن الأصغر يقرر عدم استحقاقه للبنوة: فقد وافق أن يعمل أجيرا في حقول أبيه أو بالحري حقول أخيه لأنه ليس له الحق في ذرة من تراب أموال أخيه الأكبر كما هو مكتوب « وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ »( لوقا ١٥ : ١٩ ) و في الحقيقة يكون أجيرًا عند أخيه الأكبر الذي يملك كل شيء. ٨ – الابن الأصغر يجيء إلى أبيه و يعترف له بخطيئته و عدم استحقاقه لأن يكون له ابنًا كما هو مكتوب « فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً »( لوقا ١٥ : ٢٠ ، ٢١ ). أ – الأمور السلبية : – هو غير مطيع للقانون الإلهي الذي لا يجيز قسمة المال الا بعد موت الموصي و غير مطيع لوصية الرب بإكرام الأب و الأم و لكنه باع أموال أبيه و ترك البيت و ذهب بعيدا عن أبيه و أخيه و بذر ماله بعيش مسرف و كان زانيا فصار مفتقرًا وجائعًا و مفلسًا و محتاجًا و عاملا أجيرا في حقول الغير ليرعى الخنازير فصار ضالًا عن الحق و ميتًا بالذنوب و الخطايا. ب – الأمور الإيجابيَّة : – * رجع إلى نفسه كما هو مكتوب « فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً! »( لوقا ١٥ : ١٧ ). * اعترف بخطيته كما هو مكتوب « أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ »( لوقا ١٥ : ١٨ ). * أدرك أنه أجير فمع أنه ابن و لكن ليس له أي حق في أموال أخيه الأكبر و أدرك أن العمل كأجير في حقول أبيه أو بالحري حقول أخيه أفضل بكثير من رعاية الخنازير عند رجل غريب فقال لأبيه « وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ »( لوقا ١٥ : ١٩ ). * التنفيذ العملي كما هو مكتوب « فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ »( لوقا ١٥ : ٢٠ ) ثانيًا : موقف الأب الطيب : – ٢ – الحنان : بعدما رجع الابن الأصغر مفلسا تفوح منه رائحة الخنازير لم يشمئز منه أو يعاتبه أو يعنفه على سلوكه المشين بل تحنن عليه و ركض و وقع على عنقه القذر و قبله كما هو مكتوب عن الابن الأصغر « فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً »( لوقا ١٥ : ٢٠ ، ٢١ ). ٤ – الإيضاح و الواجب : عندما غضب صاحب الأملاك الابن الأكبر لم يتركه الأب غاضبا بل خرج إليه و أوضح له الأمر بأن ما يحدث هو مجرد ترحيب كريم بعودة الابن و الأخ الأصغر إلى البيت لكن ليس له حق في أي ميراث لأن الميراث كله ملك الابن الأكبر كما هو مكتوب « فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ »( لوقا ١٥ : ٣١ ، ٣٢ ). كان الآب حنونًا متسامحًا فقبل تقسيم ثروته و هو حي بين ابنيه حسب الطلب الغير قانوني من ابنه الأصغر و لما أفلس الابن الأصغر و رجع إلى أبيه فرح الأب بعودة ابنه الأصغر من الكورة البعيدة و اعتبره كان ميتا فعاش و كان ضالًا فوجد و لما اعترض الابن الأكبر أوضح الأب لابنه الأكبر أن الابن الأصغر ليس له أي حق في المال و ذلك لأن المال مال الابن الأكبر وحده لكن كان يجب استقبال أخيه العائد ليعمل كأجير عند أخيه الأكبر بدلًا من العمل عند الغرباء و جعل ابنه الأكبر يوافقه الرأي فهو يعلم أن ابنه الأكبر لن يتجاوز وصيته فهو ابن مطيع للسماء و له كأب كما قال « قَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ ») لوقا ١٥ : ٢٩ ) « وَمَنْ خَشِيَ الْوَصِيَّةَ يُكَافَأُ »( أمثال ١٣ : ١٣ ). ثالثًا : الابن الأكبر المطيع : – ٢ – إكرام الوالدين : – فتمم الابن الأكبر الوصية الإلهية التي تقول « أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلَهُكَ »( خروج ٢٠ : ١٢ ) و يتضح ذلك فيما يلي : – أ – أكرم أباه إذ اعتبره المالك للمال : – فرغم أن المال ماله لكنه كان يعتبر المال مال أبيه و يعتبر نفسه خادما عنده إذ قال لأبيه « أَخْدِمُكَ سِنِينَ هَذَا عَدَدُهَا »( لوقا ١٥ : ٢٩ ) و لم يكن يتصرف بدون إذن أبيه بل كان ينتظر العطية من أبيه مع أنه صاحب المال وهذا هو سلوك الابن البار لكنه اضطر في حالة غضبه أن يقول لأبيه « وَجَدْياً لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ »( لوقا ١٥ : ٢٩ ). ب – أكرم أباه بالراحة أيضًا : – فلم يجعل أباه يذهب للعمل في الحقل معه بل جعله مستريحًا في « الْبَيْتِ »( لوقا ١٥ : ٢٥ ) تحت أمره العبيد والأجراء فمكتوب « فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: »( لوقا ١٥ : ٢٢ ) و مكتوب « كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي »( لوقا ١٥ : ١٧ ) و كان الابن الأكبر يعمل و يكدح « فِي الْحَقْلِ »( لوقا ١٥ : ٢٥ ) فلم يكن ابنًا عاقًا مثل أخيه الأصغر الذي بذر مال أبيه « بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ »( لوقا ١٥ : ١٣ ) أو مثل الأبناء العصاة في هذه الأيام الذين عندما ينالون كل شيء من والديهم يضعونهم في دار للمسنين بل و يهملون حتى زيارتهم. ٣ – الابن الأكبر كان حريصًا : – فلم يكن مسرفًا و لا مبذرا بل حافظًا لماله معتبرًا أن المال مال أبيه و عمل على تنميته و الدليل على ذلك أنه كان عنده أجراء يعملون في حقوله كما هو مكتوب « كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ »( لوقا ١٥ : ١٧ ) و عبيد يعملون في بيته كما هو مكتوب « فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: »( لوقا ١٥ : ٢٢ ) و كان يعمل في حقله الخاص كمالك حريص على أمواله كما هو مكتوب « وَكَانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ فِي الْحَقْلِ. فَلَمَّا جَاءَ وَقَرُبَ مِنَ الْبَيْتِ »( لوقا ١٥ : ٢٥ ) بينما الابن الأصغر المسرف أضاع ماله وافتقر واضطر أن يعمل في حقول غيره في رعاية الخنازير كما هو مكتوب عنه « فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ »( لوقا ١٥ : ١٥ ). ٤ – الابن الأكبر يغضب : – ٥ – وصف حالة الابن الأكبر بإيجاز : – لم يترك البيت و أكرم أباه و كان خادمًا مطيعًا لوصايا الرب و لوصايا أبيه و كان يعتبر المال ليس ملكًا له بل ملك أبيه فكان يعمل و يشقى في الحقل في الحر و البرد بينما ترك أباه في البيت تحت أمره العبيد و الآجراء فهو ابن يحترم أباه و لا يريد ان يتعبه في العمل معه في الحقل و كان ابنًا بارًا يحافظ على أمواله و لا يبذرها و لم يطلب حتى جديًا ليفرح به مع أصدقائه الذين يعملون في حقولهم مثله و كان غضبه مقدسًا إذ كان لا يريد تكريم من أكل معيشة أبيه مع الزواني و بعد أن أوضح له ابوه أن أخاه يجب أن يُستقبل في البيت كأجير بدلا من الهلاك في الكورة البعيدة و أن كل المال يخصه هو كابن أكبر و أعتقد أنه دخل و قبل أخاه الأصغر حسب وصية أبيه لأنه قط لم يتجاوز وصية أبيه فنعمًا له من ابن مبارك لم يخطئ إلى السماء و لا قدام أبيه. رابعًا النهاية العادلة : – ١ – بعد أن أوضح الأب لابنه الأكبر أن المال ماله و ليس لأخيه أي نصيب لأنه بذَّره بعيش مسرف كما هو مكتوب « فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ »( لوقا ١٥ : ٣١ ). ٢ – و أنه من الواجب أن نستقبل الابن و الأخ الأصغر بفرح لأنه عاد إلينا بعد أن كان ميتا فعاش و كان ضالا فوجدناه بدلا من ضياعه في الكورة البعيدة و لكن هذا مجرد كرم استقبال فليس له عندنا أي شيء من المال كما هو مكتوب « وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ»( لوقا ١٥ : ٣٢ ). ٣ – فلابد أن الابن الأكبر الذي دائما يكرم أباه و يطيع وصاياه دخل إلى الداخل وغير ملابس الحقل و ارتدي الملابس اللائقة بالحفل و دخل و رحب بأخيه العائد طاعة لوصية أبيه لأنه دائما يقول لأبيه « قَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ »( لوقا ١٥ : ٢٩ ) مما أدي لفرحة الأب بعودة ابنه الضال و هدوء غضب ابنه الأكبر و كذلك فرح جميع الحاضرين. ٥ – و لكي لا يكون هناك شيئًا من الحرج فمعلوم أن الأخ الأكبر دائما يذهب إلى الحقل و لذلك لن يكون هناك حرج في ذهاب الابن الأصغر مع أخيه وعمله طول يوم العمل و في نهاية كل يوم ينال أجرته التي يستحقها عن عمله و طبعا أبوه و أخوه لن يظلمانه و العمل عند أخيه أفضل بكثير من رعي الخنازير عند الغرباء في الكورة البعيدة و طبعا سيكون حريصا على ما يناله من أجر و لن يعود يبذر « مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ »( لوقا ١٥ : ١٣ ) فبعد أن اختبر حياة الفقر و الحاجة و الجوع و الذل في رعي الخنازير سوف يحرص على أمواله ليعيد بناء حياته من جديد ليكون له ماله الخاص الذي يجعله يفضل عنه الخبز و مع مرور الأيام و السنين سيصبح في يوم من الأيام مالكًا و ليس أجيرا عائشًا بسعادة مع أبيه و أخيه دون أن يحزن أباه أو يظلم أخاه الأكبر. خامسًا : المعاني الروحية : – و دون ذكر تشبيهات كثيرة فلن أشبِّه الانسان الذي له ابنان بالآب السماوي و لا الابن الأصغر بالأمم و لا الابن الأكبر باليهود لذلك أذكر بعض المعاني الواقعية كما يلي : – ١ – ارتداد المؤمن عن حياة القداسة و الذهاب إلى كورة بعيدة ليبذر امتيازاته بعيش مسرف و يعيش مع الزواني و يرعى الخنازير أي يعيش حياة الخطيئة الرديئة و يكون حتى أشرَّ من غير المؤمن فحياته المرتدة عن القداسة هذه ليست عائقًا يمنع عودته للرب عندما يتوب و يعترف بخطاياه و يعترف بعدم استحقاقه حتي لأن يكون إبنا و لن يقلل ذلك من فرحة الأب بعودته و قبوله له كابن كان ميتا فعاش و كان ضالا فوجد. ٢ – المؤمن العائد من الارتداد ليس له نصيب في الامتيازات التي حصل عليها إخوته الثابتين بل عليه أن يبدأ من الصفر فقد ضاعت منه كل اختباراته و امتيازاته السابقة للارتداد وعليه أن يذهب للعمل في الحقل مع إخوته ليكسب امتيازات و اختبارات جديدة فالابن الضال عاد بلا شيء و يجب أن يبدأ من لا شيء. ٣ – الأب دائما أكثر حنانًا على ابنه أكثر بكثير من حنان الأخ على أخيه و لكن الأب في عدالته يعطي كل ذي حق حقه فالأصغر يستحق فرحة الاستقبال و لكن لا يستحق أي شيء من المال والابن الأكبر و إن كان أساء في الاستقبال لكنه له كل المال. ٤ – الابن الذي يترك البيت يفقد عظمته بينما الابن الذي يبقى في البيت و يعمل باجتهاد في الحقل يكرم أباه و يزداد في العظمة حتي يقول له أبوه كل ما لي هو لك لكن يجب أن نمكن المحبه للابن الأصغر العائد إلينا كسيرًا مفلسًا محتاجًا جائعًا لنساعده على ان يبدأ حياته بيننا ليعمل كأنَّه أجير حتى يفضل عنه الخبز و لا يعود يحتاج بل يعوض بعمله باجتهاد و بوقت إضافي الخسائر التي فقدها بتبذير معيشة أبيه في الاسراف و بين الزواني و حينئذ يستطيع أن يرفع رأسه من جديد كابن مطيع حريص ناسيًا حياة الزنا و التبذير و الإسراف. |
|