|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ يُخْبِرُنَا يَسُوعُ عَنْ مَشَاعِرِ ٱلْأَبِ وَرَدِّ فِعْلِهِ قَائِلًا: «إِذْ كَانَ [ٱلِٱبْنُ] لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا، أَبْصَرَهُ أَبُوهُ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ، وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ». (لوقا ١٥:٢٠) فَقَدْ فَتَحَ ٱلْأَبُ ذِرَاعَيْهِ لِٱبْنِهِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا سَمِعَ بِحَيَاتِهِ ٱلْخَلِيعَةِ. فَهَلْ يَسْتَشِفُّ ٱلْقَادَةُ ٱلْيَهُودُ، ٱلَّذِينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ يَهْوَهَ وَيَعْبُدُونَهُ، كَيْفَ يَشْعُرُ أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ حِيَالَ ٱلْخُطَاةِ ٱلتَّائِبِينَ؟ وَهَلْ يُدْرِكُونَ أَنَّ يَسُوعَ يَتَحَلَّى بِٱلْمَوْقِفِ نَفْسِهِ؟ يُرَجَّحُ أَنَّ ٱلْأَبَ رَأَى ٱلتَّوْبَةَ وَٱلنَّدَمَ فِي مَلَامِحِ ٱبْنِهِ ٱلْحَزِينَةِ. فَبَادَرَ إِلَى ٱسْتِقْبَالِهِ بِمَحَبَّةٍ سَهَّلَتْ عَلَيْهِ ٱلْإِقْرَارَ بِخَطَايَاهُ. يَرْوِي يَسُوعُ: «عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ ٱلِٱبْنُ: ‹يَا أَبِي، قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ. وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ٱبْنَكَ›». — لوقا ١٥:٢١. لٰكِنَّ ٱلْأَبَ أَمَرَ عَبِيدَهُ: «أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا أَفْضَلَ حُلَّةٍ وَأَلْبِسُوهُ، وَٱجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ وَنَعْلَيْنِ فِي قَدَمَيْهِ. وَأْتُوا بِٱلْعِجْلِ ٱلْمُسَمَّنِ وَٱذْبَحُوهُ، وَلْنَأْكُلْ وَنَسْتَمْتِعْ، لِأَنَّ ٱبْنِي هٰذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ، كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ». ثُمَّ «ٱبْتَدَأُوا يَسْتَمْتِعُونَ». — لوقا ١٥:٢٢-٢٤. فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ، كَانَ ٱلِٱبْنُ ٱلْأَكْبَرُ فِي ٱلْحَقْلِ. يُخْبِرُ يَسُوعُ عَنْهُ: «لَمَّا جَاءَ وَٱقْتَرَبَ مِنَ ٱلْبَيْتِ، سَمِعَ عَزْفَ آلَاتٍ وَرَقْصًا. فَدَعَا أَحَدَ ٱلْخَدَمِ وَٱسْتَعْلَمَهُ عَمَّا يَكُونُ هٰذَا. فَقَالَ لَهُ: ‹قَدْ أَتَى أَخُوكَ، فَذَبَحَ أَبُوكَ ٱلْعِجْلَ ٱلْمُسَمَّنَ، لِأَنَّهُ ٱسْتَعَادَهُ فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ›. وَلٰكِنَّهُ سَخِطَ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَدْخُلَ. فَخَرَجَ أَبُوهُ وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ. فَأَجَابَ وَقَالَ لِأَبِيهِ: ‹هَا أَنَا أَخْدُمُكَ كَعَبْدٍ سِنِينَ كَثِيرَةً جِدًّا وَلَمْ أَتَعَدَّ وَصِيَّتَكَ قَطُّ، وَمَعَ ذٰلِكَ لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ جَدْيًا لِأَسْتَمْتِعَ مَعَ أَصْدِقَائِي. وَلٰكِنْ مَا إِنْ جَاءَ ٱبْنُكَ هٰذَا ٱلَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ [أَيْ بَدَّدَ مُمْتَلَكَاتِكَ] مَعَ ٱلْعَاهِرَاتِ، حَتَّى ذَبَحْتَ لَهُ ٱلْعِجْلَ ٱلْمُسَمَّنَ›». — لوقا ١٥:٢٥-٣٠. فَمَنْ عَلَى غِرَارِ ٱلِٱبْنِ ٱلْأَكْبَرِ يَعِيبُونَ رَحْمَةَ يَسُوعَ وَٱهْتِمَامَهُ بِعَامَّةِ ٱلنَّاسِ وَٱلْخُطَاةِ؟ أَلَيْسُوا ٱلْكَتَبَةَ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ؟! فَٱنْتِقَادُهُمْ يَسُوعَ عَلَى تَرْحِيبِهِ بِٱلْخُطَاةِ هُوَ مَا دَفَعَهُ إِلَى سَرْدِ هٰذَا ٱلْمَثَلِ. وَٱلدَّرْسُ ٱلْمُسْتَمَدُّ مِنْهُ مُوَجَّهٌ أَيْضًا إِلَى كُلِّ مَنْ يَنْتَقِدُ رَحْمَةَ ٱللهِ. يَخْتَتِمُ يَسُوعُ مَثَلَهُ بِمُنَاشَدَةِ ٱلْأَبِ ٱبْنَهُ ٱلْأَكْبَرَ: «يَا وَلَدِي، أَنْتَ مَعِي كُلَّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ. وَلٰكِنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَفْرَحَ، لِأَنَّ أَخَاكَ هٰذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ، وَكَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ». — لوقا ١٥:٣١، ٣٢. يَتْرُكُ يَسُوعُ قَرَارَ ٱلِٱبْنِ ٱلْأَكْبَرِ مُعَلَّقًا. وَلٰكِنْ تَجْدُرُ ٱلْإِشَارَةُ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ، «أَخَذَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ ٱلْإِيمَانَ». (اعمال ٦:٧) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَيْنَهُمْ كَهَنَةً سَمِعُوا مِنْ فَمِهِ هٰذَا ٱلْمَثَلَ ٱلْمُحَرِّكَ لِلْمَشَاعِرِ. فَقَدْ كَانَ ٱلْبَابُ مَفْتُوحًا حَتَّى لِهٰؤُلَاءِ أَنْ يَعُودُوا إِلَى رُشْدِهِمْ، وَيَتُوبُوا، وَيَرْجِعُوا إِلَى ٱللهِ. وَهٰكَذَا يَتَعَلَّمُ تَلَامِيذُ يَسُوعَ أَجْمَعُونَ دُرُوسًا جَوْهَرِيَّةً مِنْ هٰذَا ٱلْمَثَلِ ٱلرَّائِعِ. أَوَّلًا، مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نَبْقَى فِي كَنَفِ شَعْبِ ٱللهِ تَحْتَ جَنَاحِ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ ٱلَّذِي يُحِبُّنَا وَيُعِيلُنَا، بَدَلَ أَنْ نَنْجَرَّ وَرَاءَ ٱلْمَلَذَّاتِ ٱلْمُغْرِيَةِ فِي «بَلَدٍ بَعِيدٍ». ثَانِيًا، إِنْ حَدَثَ وَحِدْنَا عَنْ طَرِيقِ ٱللهِ، يَنْبَغِي أَنْ نَرْجِعَ إِلَيْهِ بِتَوَاضُعٍ كَيْ نَحْظَى مُجَدَّدًا بِرِضَاهُ. وَأَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا، نَسْتَقِي عِبْرَةً مِنَ ٱلتَّبَايُنِ ٱلصَّارِخِ بَيْنَ غُفْرَانِ ٱلْأَبِ ٱلرَّحْبِ ٱلصَّدْرِ وَمَوْقِفِ ٱبْنِهِ ٱلْأَكْبَرِ ٱلْحَاقِدِ وَٱلْبَارِدِ ٱلْإِحْسَاسِ. فَعَلَيْنَا نَحْنُ خُدَّامَ ٱللهِ أَنْ نُسَامِحَ وَنَأْخُذَ بِٱلْأَحْضَانِ أَيَّ أَخٍ ضَلَّ ثُمَّ تَابَ تَوْبَةً أَصِيلَةً وَرَجَعَ إِلَى ‹بَيْتِ أَبِيهِ›. وَلْنُهَلِّلْ لِأَنَّهُ «كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ . . . كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ». |
|