|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الْمَلِك سُلَيْمَان الْحَكِيم
إن كان شخصية تاريخية، فمثله مثل جميع الشخصيات الكبرى الوارد ذكرها في العهد القديم، فإنه لا توجد أي وثائق تاريخية تمكننا من معرفة التوقيت الزمني الدقيق الذي عاش فيه الملك سليمان، وبحسب ترجيحات الباحثين التقريبية، فإن سليمان قد عاش –على الأرجح– في القرن العاشر من الألف الأولى قبل الميلاد. وقد وردت قصة سليمان في عدد من أسفار العهد القديم، وخصوصاً في أسفار ملوك الأول وأخبار الأيام الثاني. وبحسب ما يخبرنا به العهد القديم، فإن سليمان كان أحد أبناء الملك داوود، وكان أقربهم إلى قلبه، وكانت أمه هي بتشبع التي تزوجت داود عقب وفاة زوجها الأول أوريا الحثي. يذكر سفر ملوك الأول، أن داود قد اختار سليمان تحديداً لخلافته على مُلك بني إسرائيل، فتم مسحه بالزيت المقدس وتنصيبه ملكاً آخر أيام أبيه العجوز. ويؤكد العهد القديم، على أن سليمان قد ابتدأ حكمه بسيرة طيبة، وبطاعة مطلقة ليهوه إله بني إسرائيل، وأنه كان يسير وفق أحكامه وشرائعه، وهو الأمر الذي جعل يهوه يمنحه الحكمة لما طلبها سليمان منه. وقد عُرف سليمان بتلك الحكمة، حتى اشتهر بسليمان الحكيم، واستخدمها في العديد من المواقف، منها موقفه من ملكة سبأ عندما قدمت إليه، ومنها كذلك موقفه من المرأتين اللتين جاءتا إليه تتنازعان على طفل، كل منهما تدعي أنها أمه، حيث حل سليمان هذا الإشكال عندما أمر بقطع الطفل إلى شطرين، فوافقت إحداهن على ذلك، بينما اشفقت الأخرى على طفلها ورفضت، وقبلت أن تتنازل عن الطفل لغريمتها، فعرف سليمان عندئذ أن تلك المرأة هي الأم الحقيقية للطفل ورده إليها. الرضيع أثرت حكمة سليمان بشكل مهم في استقرار مملكته وعقد التحالفات مع الممالك المجاورة لها، وهو الأمر الذي أتاح له الفرصة للقيام بأكبر مشروعاته العمرانية التي وردت في العهد القديم، ألا وهو بنائه للهيكل المقدس الذي عُرف بعد ذلك بـ"هيكل سليمان". وعلى الرغم من كل الأوصاف الإيجابية التي أطلقها العهد القديم على الشطر الأول من حكم سليمان، فإنه سرعان ما تتبدل تلك التوصيفات في الشطر الثاني منه، حيث يذكر سفر ملوك أول، أن سليمان قد خرج عن تعاليم اليهودية وتشريعاتها، عندما مال في شيخوخته، لعدد كبير من النساء الأجنبيات، والتي كانت إحداهن هي بنت فرعون مصر. ويصف سفر الملوك، المعصية الكبرى التي ارتكبها سليمان، بوضعه الأوثان والأصنام داخل الهيكل، وبإقراره عبادة ألهة أزواجه الأجنبيات، وهو الأمر الذي وصفه العهد القديم بقوله "وعمل سليمان الشر في عين الرب". على أن الفترة الأخيرة من حياة سليمان، قد شهدت توبته وندمه على ما اقترف من معاصي، فقد جد في العبادة والاستغفار، وكتب عدداً من أهم كتب العهد القديم، منها نشيد الأنشاد وسفر الحكمة وسفر الجامعة. أما في العهد الجديد، فقد ورد ذكر سليمان في أكثر من موضع، حيث تم التأكيد على حكمته في إنجيل لوقا، كما ذُكر في سلسلة نسب المسيح، من أبيه الأرضي يوسف النجار، في مقدمة إنجيل متى. من هنا، فإن النظرة اليهودية لسليمان، جرت على اعتباره أحد أكبر ملوك وأبطال بني إسرائيل القدامى، بينما تماشت النظرة المسيحية، مع ذلك التوجه، وإن صبغتها بالصبغة المسيحية الروحانية التأويلية، التي اعتبرت أن قصة سليمان نموذجاً لكيفية خروج الإنسان عن النهج المستقيم ووقوعه في الزلل والخطأ، ثم عودته في نهاية المطاف إلى الطريق القويم الذي أمر الرب باتباعه. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الْمَلِك سُلَيْمَان |