|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رجل الصلاه يلمس الصحراء فتتحول إلى أيقونة رائعة
تحتفل الكنيسة في هذه الأيام بذكرى مرور خمسين عاماً على نياحة القديس البابا كيرلس السادس، رجل الصلاة وصاحب المعجزات، وحينما نتذكر سيرته الطيبة، يأتي في ذهننا أول حدث تاريخي قدّمه البابا كيرلس بعد رسامته بطريركاً على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك حين بدأ السعي لتعمير دير القديس مارمينا العجائبي، ولكن بالرغم من أنه كان رجل تعمير، لكن اهتمامه الأول كان هو بناء النفوس. وقال قداسته في حوار له: إن العمل الروحي أهم بكثير من أي شيء آخر، وبناء الأفراد روحياً، باعتبارهم هياكل اللَّـه الحية، أعظم بكثير من بناء هيكل من الحجارة، فمُهِمَّة الكنيسة هيَ المساهمة في تدعيم السلام والأمن والمحبة في نفوس أولادها. تاريخ منطقة أبو مينا الأثرية: استـشهد القديس مارمينا العجائبي عام 309م أي مُنذُ حوالي 17 قرناً، ووضِـــــعَ جسدهُ في قبرٍ مجهولٍ، لكن اللَّـه أظهره بمعجزات قوية بالمنطقة، فأصبح المكان مدينةً عظيمةً تجذب الألوف، وتُعَدّ الفترة ما بين القرنين الخامس والسابع الميلاديين؛ بمثابة العصر الذهبي لحُجاج كنيسة ومدينة القديس مينا، وحينها كانت المدينة هيَ المكان الثانـي للحج المسيحي بعد القدس. تدمير منطقة أبو مينا في القرن الثالث عشر: في القرن الثالث عشر غرُبَ مجد منطقة أبو مينا بعد أن تكاثرت عليها عوامل التدمير، وغمرتها رمال الصحراء، حتى دخلت المدينة العظيمة في طي الصمت والكتمان والنسيان إثر التخريب الشامل الذي حلّ بها. اكتشاف منطقة أبو مينا في القرن العشرين: خضعت المنطقة لعمليات الكشف الأثري منذ سنة 1905م على يد العالم الألماني كوفمان، ثم توالت الأبحاث وأكدت عظمة المدينة تلك الاكتـشافات التي أسفرت عنها أعمال التـنقيب الأثرية في منطقة القبر، والتي بدأت مع بداية القرن العشرين. مجهودات البابا كيرلس ومعاونيه لإعادة تعمير منطقة الدير: خلال فترة رهبنة القمص مينا المتوحد، كان يسعى لإعادة عمارة منطقة أبو مينا، وإعادة مجدها السابق،وقد عاونه في ذلك كثيرون من أعضاء جمعية مارمينا للدراسات القبطية بالإسكندرية، ومنهم الأستاذ بانوب حبشي مؤسس الجمعية ومفتش الآثار بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، ودكتور منير شكري الطبيب السكندري والمؤرخ الكنسي القدير، والأستاذ بديع عبد الملك وكيل الجمعية، والأستاذ باهور لبيب عالم الآثار ورائد الدراسات القبطية ومدير المتحف القبطي الذى قام بجهود كبير فى ذلك الوقت وهو الذي أشرف على عمليات حفائر بمنطقة أبو مينا. وسعى هؤلاء للحصول على الترخيص، وظل ذلك السعي سنوات عديدة يرافقه الأمل والصبر، ولكن جميع المحاولات كانت تنتهي بالفشل. نصيب البابا كيرلس السادس بطريركاً، وتعمير الدير: عقب تولّي البابا كيرلس البطريركية، تقدَّم إلى الجهات المعنية هيئة تعمير الصحاري يطلب شراء الأرض الملاصقة للمنطقة الأثرية، لإقامة الدير الحديث، وتم الموافقة على شراء (15 فداناً)، ويذكر التاريخ أن أولاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تبرعوا له بمبلغ مالي، وبه استطاع البابا شراء الأرض التي كان يبلغ ثمنها حينئذ 500 جنيه. وضع حجر أساس الدير الحديث: في 27 نوفمبر عام 1959م، صلَّى البابا كيرلس القداس الإلهي في المنطقة الأثرية، مع عدد كبير من المؤمنين، ثم توجه قداسته إلى الأرض التي اشتراها ووضع بيده المباركة حجر أساس بناء الدير، وهذا الحجر يقع أسفل شرقية المذبح الرئيسي للكنيسة الكبرى، ويظهر خلف الواجهة الزجاجية المقابلة لمقبرة البابا كيرلس، وعليه اللوحة الرخامية المدوَّن عليها تاريخ وضعه. أعمال التعمير بالدير: أسند قداسة البابا كيرلس السادس أعمال التعمير للسيدين شاروبيم وفرج أقلاديوس، وهما من أقدم مقاولي أعمال البناء في الإسكندرية، ولهما خبرة في تشييد الكنائس، ولم يكن العمل سهلاً لعدم وجود المياه التي تحتاجها أعمال التعمير مع عدم توفر الإمكانيات، أدى ذلك إلى بذل جهد كبير، إذ كانت تُجلَب المياه من قرية بهيج التي تبعد عن الدير بمسافة 11 كم بواسطة فنطاس سعته متراً مُكعَّباً، ورغم صغر حجمه كان يستغرق ملئه حوالي ساعتين لأن مصدر المياه كان حنفية صغيرة، وكانت هذه الكمية القليلة من المياه تكفي استهلاك الموجودين بالدير من آباء رهبان وعمال، وأعمال المباني، وأيضاً ما يلزم لعجين القربان. إقامة الكنائس: في البداية أقيمت كنيسة الأنبا صموئيل المعترف وبها مقصورة خاصة برفات الشهيد مارمينا، وبُنيت عدة غرف بجوارها لقداسة البابا ومرافقوه، ولعمل القربان. ثم بدأ في بناء سور الدير. بُنيت بعد ذلك كنيسة السيدة العذراء،وافتتحت للصلاة سنة 1961م، وبجوارها بعض الحجرات التي استخدمت كقلالي للرهبان. وبُنيت كنيسة الملاك ميخائيل أعلى كنيسة أنبا صموئيل. عام 1970 ابتدأت أعمال البناء بكاتدرائية مارمينا التي يبلغ طولها حوالي 40 متراً وعرضها 28 متراً، ويعلو صحنها قبة ضخمة قطرها 12 متراً، وارتفاع منارتيها حوالي 42 متراً. تقرير هيئة اليونسكو عام 1979: لأهمية منطقة أبو مينا قررت هيئة اليونسكو عام 1979 إدراج منطقة أبو مينا الأثرية، ضمن قائمة التراث العالمي (57 منطقة في العالم في ذلك الحين) كتراث إنسانييجب العناية به والمحافظة عليه عالمياً، وكان ذلك بمثابة تكريماً لرحلة الشقاء الذي مر بها البابا كيرلس السادس لإعادة إعمار منطقة أبو مينا الأثرية. المعجزات الإلهية التي صاحبت أعمال التعمير في الدير الحديث: صاحب إنشاء الدير بمريوط العديد من المعجزات، وهو أمر دائماً ما يتحدث عنه كل من عملوا في إنشاء بيوت الله المقدسة، فرغم ما تجابه هذه الأعمال من صعاب، لكن يد الله المقدسة تمتد بتدبير بعض الأمور بطريقة لا يتطرق إليها الفكر البشري، فيدرك الإنسان مدى المعونة الإلهية التي تسند، فيزداد الإيمان بقدرته وتتشجع النفوس حتى يتم العمل. |
|