|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحُب هو الذى جعلك تتألم
ربي يسوع: إنَّ حياتك على الأرض هى رحلة مع الآلام، بدايتها كانت فى بيت لحم حيث آلام الفقر والغربة، ونهايتها على الجلجثة حيث آلام الصلب والفداء، فأين سطور الفرح في كتاب حياتك؟ لقد أبادها الألم! ألم يحكْ الإنسان من ظلمة الليل رداءً كثيفاً مُبطّناً بأنفاس الموت، لكي يستر به أضلع يسوع يوم ميلاده، وها السماء يوم صلبه تنسج ثوباً من أشعة الشمس المُظلمة، وتُلقيه على جسد خالقها! لقد وُلِدت شُجيرة صغيرة لم تُقلّمْ أغصانها بعد، فما أن أتت الثمرة حتى سقطت ميتة فى أرض الأحياء، ألست أنت بكر مريم الذي طوّقته بذراعيها، كما تُطوّق الصدفة درّتها الثمينة، فلماذا لا تساوى الجوهرة فى نظر صالبيك سوى ثلاثين من الفضة؟! وفى شبابك لم يأسرك المال أوالسلطة، بل قلت للشاب الغنيّ " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " (لو58:9)، فالفقر لم يكن حليف طفولتك فقط، بل صديقاً رافقك على الأرض كل أيام حياتك، فعشت الحياة بعد أن حررتها من آلام الغنى، فكانت بسيطة لا يشوبها الطمع، أو يُرهقها الجشع، أو تُمزّقها الأنانية، ولهذا تمتّعت بالحياة كأنّك تملكها كلها، فكنت تُصلّي فى البساتين وعلى الجبال، وتجلس تحت أغصان الكروم، تتأمل ذاتك الكرمة الحقيقية التى ستدخل المعصرة لتخرج ترياقاً يشفي البشرية من آلامها! فعلّمتنا أنَّ الحياة تتحول إلى سجن كبير إذا غلّف المال جدران بيوتنا! أمَّا فى جثسيماني فقد خرجت الخطايا من شقوق الضمائر، تُجرجر فى خزي قُبح معاصيها، تفح كالأفاعي لَعَلَّها تقضي على الحمل الوديع، قبل أن ينقض هو عليها ويمحوها، الأمر الذى جعل عروقه تتفجر حزناً "وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ!" (لو44:22)، فصار الألم كزلزال حَبَلتْ به الأرض فتمخّضت متوجّعه، تريد أن تلد الخراب والشقاء، ولكنها على غير عاداتها لم تلد سوى الخلاص! إنَّ الحُب هو الذى جعلك تتألم من أجلنا، ولولا حُبِّك لجرَّدت نفسك من الأقمطة فى المزود وعدت إلى عرش مجدك، ولولا الكآبة التي في أعماقنا جميعا لَمَا كان ممكناً أن تُقيم لحظة على أرض الألم، تبكي وتنوح على خطايا لم تفعلها، وكل إنسان إذا أحب غيره بإخلاص تحوّل الألم من أجله إلى طاقة عطاء وبذل، فالحُب هو المُحرقة التى تُقدّس الألم، ولذلك فإنَّ العرق والدم المتساقط عليك، كان يكتب على جسدك المُمزق بالسياط، أسمى كلمات الصفح والغفران التى هى رمز المحبّة الصادقة. (من كتاب رحلة الآلام للراهب كاراس المحرقى ) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آه يا يسوع الحبيب، ما الذي جعلك تتصاغر |
إن الحب هو الذي جعلك تنزف دماً |
ما الذي جعلك تموت من أجلنا على الصليب |
يا يسوعي، ما الذي جعلك تمثُل |
يا يسوعي، ما الذي جعلك تترك الجلّادين |