|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان وتمتع نينوى بالرحمة "فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه لهم فلم يصنعه" [١٠]. ملاحظة في هذا النص: أولاً: التوبة لا تحتاج إلى زمان طويل بل إلى تغيير القلب، فقد استطاع أهل نينوى اغتصاب مراحم الله ليس خلال طول الزمان وإنما خلال صدق العودة إلى الله. إن كان يليق بنا أن نقضي كل حياتنا في توبة مستمرة بلا انقطاع مشتهين البلوغ إلى قياس ملء قامة المسيح، لكن هذه النظرة لا تنزع عنا إدراكنا مراحم الله المترقبة رجوع كل إنسان لتحتضنه في الحال. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حيث توجد مخافة الله فلا حاجة إلى (كثرة) الأيام ولا إلى تدخل الزمن، وعلى العكس إن لم توجد مخافة الله فلا نفع للأيام... إن ألقينا إناءً به صدأ في أتون مخافة الله، يتنقى في وقت قصير[26]]. ثانيًا: كلمة "الشر" تعني هنا الضيقات أو التأديبات التي يسمح الله بها للإنسان لتأديبه أو ليكون مثلاً للآخرين، فهي في عيني الإنسان شرًا، لكنها ليست كذلك في طبيعتها. وكما يقول العلامة ترتليان: [يستخدم اليونان أيضًا كلمة "الشرور" أحيانًا عن "الضيقات وما يحل من أضرار"[27]]، هذا أيضًا ما أكده الأب ثيؤدور[28]. ثالثًا: قديمًا تعثر البعض من تعبير الكتاب "ندم الرب" فهل يُغير الله رأيه؟ يستخدم الله التعبير البشري لتقريب المعنى إلينا، فالله لا يندم بمعنى تغيير رأيه، إنما الإنسان هو الذي يُغير وضعه بالنسبة لله فيصير الحكم بالنسبة له مختلفًا. فعندما يُعاند الإنسان يسقط تحت التأديب، وإذ يرتد عن شره ويرجع إلى الله يجده فاتحًا أحضانه له. هذا ما ندعوه ندمًا! الله حينما يصدر حكمه بالتأديب لا يصر على التنفيذ إنما يصدر الحكم لكي يرجع الإنسان عن شره فيعفى عنه. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [في أيام يونان لو لم يهدد الله بالدمار لم نزُع عنهم الدمار... لو لم يهددنا بجهنم لسقطنا جميعًا فيها[29]]. كما يقول: [التهديد بالخطر يُسبب خلاصًا منه... التهديد بالموت يجلب حياة. أُبطل الحكم بعد أن أُعلن وذلك على عكس ما يحدث بين القضاة الزمنيين، فإنهم إذ يصدرون حكمًا يصير نافذ المفعول... أما بالنسبة لله فبالعكس يُعلن الحكم لكي يبطله[30]] |
|