|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نوح ذو الشخصية القوية وهذا يعني أن نوحاً لم يكن إنساناً عاطفياً حلو الشمائل فحسب، بل كان أكثر من ذلك إنساناً "كاملاً في أجياله" والكلمة "كاملاً" تفيد توازن الشخصية وتمامها، أي أن شخصيته لم تكن تنمو في جانب على حساب جانب آخر، أو في لغة أخرى، إن عاطفة نوح لم تنم على حساب فكره أو إرادته، والعكس صحيح، أي أن فكره لم يقو على عاطفته مثلاً فيضحى جامداً، أو على إرادته فيمسى متخلفاً!! والكمال هنا كأي كمال بشري كمال نسبي غير مطلق، إذ هو كمال بالنسبة للأجيال التي عاش فيها، وفي الحدود التي يمكن أن يبلغها الإنسان على الأرض، فالصبي عندما يأخذ درجة الكمال في الامتحان، فذلك ليس معناه أنه أصبح مثل معلمه وأستاذه، وأنه ليس في حاجة إلى كمال آخر، بل معناه أنه كامل في حدود سنه واستعداده وإمكانياته وملكاته، وكلما استعت هذه وزادت كلما طولب بالصعود في مدارج الكمال!! وبهذا المعنى يمكننا أن نقول، ونحن في أمن واطمئنان، أن نوحاً كان من أعظم رجال عصره حكمة وأصالة وفكراً، بل لعله كان من أعظم رجال التاريخ ذكاء وصفاء والمعية وهل يمكن أن يكون غير هذا وقد رفعه الله في التاريخ ليكون أبا البشرية كلها من بعد الطوفان؟!! وهل يسمح الله أن يكون مورث البشر إنساناً محدود المدارك ساذج التفكير؟!! وبهذا المعنى يمكننا أن نقول أيضاً أنه كان من أعظم رجال الأجيال وأقواهم إرادة وعزماً، بل لعل التاريخ لا يعرف شخصيات كثيرة كانت لها صلابة هذا الرجل وقوة إرادته!! كيف لا وقد كانت له الشجاعة والصلابة والقوة التي تجعله يقف في جانب، والعالم كله في جانب؟! كان عصر نوح عصراً بشعاً مريعاً اتسم بخطايا متعددة، إذ كان عصر الشهوة والمجون، العصر الذي سقط فيه أبناء الله –وهم النسل المنحدر من شيث، وليس الملائكة الذين سقطوا كما يظن البعض –تحت إغراء بنات الناس- وهذا النسل المنحدر من قايين- فاتخذوا لأنفسهم منهن نساء كما قادتهم طبيعتهم الجامحة ورغبتهم المدنسة، وكان عصر التمرد والعصيان، أو العصر الذي لا يسترشد فيه الناس بفكر الله، بل كان لهم: "كل ما اختاروا" العصر الذي قيل فيه: "إن شر الإنسان قد كثر وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم" وكان أيضاً عصر الظلم والطغيان، العصر الذي فيه: "امتلأت الأرض ظلماً" و "كان في الأرض طغاة في تلك الأيام" وكان أخيراً عصر التعالي والمجد العالمي، العصر الذي كان يسعى الناس إليه وراء العظمة والسؤدد والمجد ومنهم: "الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم".. في هذا العصر عاش نوح، ولو أنه كان أضعف إرادة، وأسلسل قياداً، لانهزم وانهار أمام ما لا يعد ولا يحصى من التجارب والمشاكل والصعوبات التي كانت تواجهه، ولا شك، كل يوم . لكن الرجل عاش، في وسط هذه الظروف القاسية المروعة، وكأنما يجيب ذات الإجابة التي أجاب بها فيما بعد القديس أثناسيوس عندما قالوا له: "إن العالم كله ضدك" فأجاب: "وأنا ضد العالم".. كان نوح من الأبطال وصناع التاريخ الذين إذ يؤمنون برأي أو عقيدة أو مبدأ يقفون إلى جواره، ويعيشون له، ويموتون في سبيله، حتى ولو لم يقف إلى جوارهم أحد على وجه الإطلاق، لأنهم يؤمنون بغلبة الحق، يوماً ما، طال الزمان أو قصر، وسواء رأوا هم هذه الغلبة، أم رأتها أجيال أخرى تأتي بعدهم !! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شخصيات كتابية تتحدث عن نفسها (*نوح ذو الشخصية القوية*) |
الشخصية القوية..... |
كيف تتعامل مع الشخصية القوية ؟ |
طرق التعامل مع الزوجة ذات الشخصية القوية |
نوح ذو الشخصية القوية |