|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هوشع شوق للعودة يمزج الله التأديب بالرجاء، إذ يعلن هنا أن تأديباته ليست مطلقة وأن رفضهم ليس كليًا وإنما إلى حين، فهو ينتظر عودتهم إليه ليردهم في أكثر بهاء ومجد، يردهم مملكة واحدة قوية وعظيمة، متمتعة بالنبوة له مغروسة فيه، ويكون رأسًا لها، إذ يقول: "لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يُكال ولا يُعد، ويكون عوضًا عن أن يُقال لستم شعبي يُقال لهم: أبناء الله الحيّ، ويجمع بنو يهوذا وبنو إسرائيل معًا، ويجعلون لأنفسهم رأسًا واحدًا، ويصعدون من الأرض، لأن يوم يزرعيل عظيم" [ع10-11]. وسط التأديب المر يقدم وعدًا جديدًا، يدخل معهم في عهد جديد تحقق لا برجوعهم من السبي بل بالأكثر بتمتعهم بالعصر الميساني، وهذه هي ملامحه: أولًا: "يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يُكال ولا يُعد"، وكأنه يحقق الوعد الذي سبق فأعلنه لإبراهيم: "وأكثر نسلك تكثيرًا، كالرمل الذي على شاطئ البحر" (تك 22: 17)، الوعد الذي تمسك به يعقوب: "وأنت قد قلت إني أحسن إليك وأجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يعد للكثرة" (تك 32: 12). حقًا إنه "ولو أحزن (بالتأديبات) فإنه يعود فيرحم حسب كثرة مراحمه" (مرا 3: 32)؛ فبالمسيح يسوع ربنا تتحول النفس الخائرة والعظام اليابسة إلى جيش عظيم جدًا جدًا (حز 37: 10)، تصير لا كأورشليم "مرهبة كجيشٌ بألوية" (نش 6: 4) لا يقدر عدو الخير بكل جيشه وخداعاته أن يقتنصها له، بل تكون كخيل كثيرة قوية تحمل المركبة الإلهية في موكب النصرة، لذا يناجيها عريسها قائلًا: "قد شبهتكِ يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون" (نش 1: 9). يقول الرسول: "إن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة" (2 بط 3: 8)، والمؤمن أيضًا كاليوم الواحد العابر يصير في المسيح يسوع كألف سنة، يصير حاملًا السمة السماوية (ألفًا) بطاقات قوية وجبارة في الروح، فعوض اليوم يصير سنوات بلا حصر؛ وعوض الضعف البشري يحمل إمكانيات المسيح: فكره وإرادته وسماته ومجده! هذه هي سمة العصر المسياني الذي حوّل حياتنا البشريّة إلى "حياة في المسيح يسوع"، عوض الهوان صار لنا المجد العلوي الداخلي، وعوض الفكر الزمني صرنا نحيا في السمويات. ثانيًا: لا تقف الرحمة عند كثرة من جهة العدد، والقوة من جهة الكيف، لكن ما يفرح قلبنا هو انتسابنا لله كأبناء له: "عوضًا عن أن يُقال لستم شعبي يُقال لهم أبناء الله الحيّ". عوض الرفض نحسب أبناء ورثة الله، ووارِثون مع المسيح الابن الوحيد الجنس! صرنا أولاد الله الحيّ، أحياء بأبينا الحيّ. فقد دعا اليهود البعل الميت أبًا لهم وزوجته عشتاروت أمًا لهم، فحملوا طبيعة والديهم الميتة. هذا الوعد لم يُعطى لليهود فحسب الذين بعد رفضهم سيقبلهم في أواخر الدهور عندما يقبلون المسيا المخلص، وإنما يمس حياتنا نحن الذين من أصل أممي، فقد كنا مرفوضين بسبب رفضنا له، والآن فتح لنا باب البنوة له. وكما يقول القديس أغسطينوس: [حتى الرسول فهم هذا القول كشهادة نبوية عن دعوة الأمم الذين لم يكونوا قبلًا منتسبين لله. وإذ صار هذا الشعب الذي من الأمم أولادًا لإبراهيم روحيًا، لذا دُعوا بحق "إسرائيل" لهذا يكمل قائلًا: "ويُجمع بنو يهوذا وبنو إسرائيل معًا ويجعلون لأنفسهم رأسًا واحدًا(19).] ثالثًا: تُعلن مراحم الله الفائقة في العصر المسياني خلال وحدتنا معًا في المسيح يسوع الرأس الواحد "ويجعلون لأنفسهم رأسًا واحدًا". بقبولهم الإيمان بالمسيح يسوع والتمتع بالنبوة لله خلال المعمودية يجعلون لأنفسهم رأسًا واحدًا. لا يقل: "يجتمعون معًا تحت ملك واحد"، إنما يبرز كمال الوحدة بكون المخلص رأسًا لا يمكن للجسد أن ينفصل عنه! إنه حب فائق، ورباط بين الخالق وخليقته المحبوبة لديه لا يمكن التعبير عنه! رابعًا: نرتبط معًا في الرأس السماوي فنحمل طبيعته العلوية ونصعد عن طبيعتنا الترابية الأرضية، إذ يقول: "ويصعدون من الأرض". وكما يقول الرسول: "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو 3: 1-2)، إذ صرنا لسنا من العالم (يو 15: 19) بل سيرتنا في السموات (في 3: 20). بالمسيح يسوع نصعد عن طبيعتنا الأرضية القديمة، لننعم بالطبيعة الجديدة السماوية التي على صورة خالقنا، مرنمين بحق: "هلم نصعد إلى جبل الرب". إنه خروج لا من أرض مصر نحو أرض الموعد، لكنه صعود جديد من الأرض التي استعبدت النفس وقبلت فيها فرعون (إبليس) ملكًا يذل الشعب. صعود تحت قيادة السيد المسيح نفسه، لا لينطلق بنا إلى جبل سيناء حيث البروق والرعود والجبل المدخن، وإنما للاتحاد مع السيد المسيح الجبل المقدس ليدخل بنا بروحه القدوس إلى حضن أبيه. خامسًا: يختم الوعد بقوله: "لأن يوم يزرعيل عظيم". بعد أن كان "يزرعيل" يمثل تهديدًا ومرارة حيث يقدم لنا الله ثمر خطايانا تأديبًا لنا، صار "يزرعيل" يمثل وعدًا، إذ تعني الكلمة "الله يزرع"، فيزرعنا بيديه غرسًا جديدًا مقدسًا (إش 6: 13)، يزرعنا أعضاء جسد ابنه الوحيد، نرتوي بمياه الروح القدس ونحمل برّ المسيح فينا. يُطعمنا في الجنب المطعون فنستقي الحياة عينها عوض الموت الذي كان لنا. هذا هو ما يؤكده لنا الله: "وأزرعها لنفسي في الأرض، وأرحم لورحامة وأقول للوعمي أنت شعبي، وهو يقول: أنت إلهي" (2: 23). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بطلب منك هوشع لو كنت جومر و لو كنت هوشع اديني جومر |
للعودة إلى أحضاني |
هوشع وجومر ( هوشع 1: 2 ) |
للعودة إلى الفردوس |
الرب يأمر هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى هوشع 1عدد 2-3 |