منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 11 - 2020, 11:13 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

يونان والقصد الإلهي



يونان والقصد الإلهي




يكاد إجماع الشراح ينعقد على أنه ليس في أسفار العهد القديم كله سفر استطاع أن يتجاوز التزمت اليهودي ، ويعلن عن محبة اللّه ، وأبوته لليهود والأمم ، كهذا السفر الصغير الذى لا يتجاوز ثماني وأربعين آية ، ولذا لا عجب أن يرى فيه تشارلس ريد الروائى ، أنه أجمل قصة كتبت على الإطلاق ، ولا عجب أن تكون هذه القصة سبباً فى مجيء القديس كبريانوس إلى المسيح !
والقصة تكشف عن قصد اللّه الثابت والمجيد فى إنقاذ نينوى ، والتى كان يبلغ عدد سكانها فى أيام يونان ما يزيد على ستمائة ألف نسمة إذ كان بها من الأطفال الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم أكثر من مائة وعشرين ألفاً ( اثنى عشرة ربوة ) وكانت مطوقة بسور عظيم يسهل على أربع عربات أن تجرى متجاوره فوقه ، أما داخلها فقد كان متسعاً يذخر بالترع والقنوات والميادين ، والحدائق والقصور والتماثيل والسلع ، والمجوهرات والذخائر والكنوز !! ..

ولعله مما يستدعي الملاحظة والانتباه ، أن اللّه ، لكي يثبت قصده ، كشف عن هذا القصد : « فأرسل ريحاً شديدة » « فأعد حوتاً عظيماً » « فأعد الرب الإله يقطينة » « ثم أعد اللّه دودة » . ( يونان 1 : 2 و 17، 4 : 6 و 7 ) وهل وقفنا لنتأمل الفعل « فأرسل » والفعل الذى كرر ثلاث مرات : « أعد » لقد استخدم اللّه الريح ، والحوت ، واليقطينة ، والدودة ، على النحو العجيب المثير لإثبات قصده ، أو فى لغة أخرى ، أن اللّه كان وراء الطبيعة ، والحيوان الضخم ، والنبتة الصغيرة ، والدودة الحقيرة ، لكي يؤكد استخدامه لكل شيء ، وهو يثبت قصده .

عندما تمرد يونان على الرحلة ، وبدأ فى الاتجاه العكسي لها ، أرسل اللّه له الريح الشديدة العاتية ، لتعيده إلى الرسالة التى يلزم أن يؤديها ، ويونان كان كموسى ، وإرميا، إذ لم يقبل على الرسالة بقلب راغب ، واستعداد كامل ، كما فعل إشعياء ، وهو يقول : « ها أنذا إرسلنى » ، (إش 6 : 8) وكثيراً ما يرسل اللّه ريحه الشديدة على سفينة حياتنا ، وقد تكون هذا الريح فشلا أو ضيقاً ، أو اضطراباً أو إفلاساً ، أو ما أشبه، حتى تعود هذه السفينة مرة أخرى من ترشيش التى نزمع الذهاب إليها ، إلى نينوى التي نرفض أن نتجه إليها ، ...
ومع أن اللّه غضب على يونان ، إلا أنه فى الغضب يذكر الرحمة ، وقد أعد اللّه لذلك حوتاً عظيماً ، ... ولم يكن هذا الحوت مصادفة أو خيالا أو رمزاً ، كما يزعم النقاد الذين علت القصة فوق إدراكهم ، فتصوروها شيئاً يصعب تصديقه ، وكان يكفيهم تماماً أن يشير المسيح يسوع سيدنا إلى هذه القصة كواقعة وحقيقة تعتبر صورة أو مثالا لما سيحدث معه هو فى القبر بعد الصليب ، .. ولا يستطيع أحد أن يتصور أن المسيح يجعل من قصة رمزية أو خيالية ، شبهاً أو رمزاً لقصته هو في القبر قبل القيامة ، ... ولو صح هذا ، لتحولت قصة المسيح بدورها رمزاً أو خيالاً ، وليس موتاً أو صليباً حقيقياً ، ألم يقل : «هذا الجيل شرير . يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي . لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل » ( لو 11 : 92 و 03 ) ؟؟ .

فإذا كان اليهود قد قبلوا هذه القصة مرغمين وأوردها يوسيفوس المؤرخ اليهودى كواقعة تاريخية فى كتاب الآثار ، وإذا كانت توبة نينوى لم تكن مجرد خيال أو تصور بل حقيقة واقعة ، فإنه يحق لنا أن نورد ما قاله أحد الشراح اللاهوتيين : « إن ديان المستقبل ، وهو يتحدث إلى أولئك الذين سيقفون يوما أمام كرسيه ، محذراً ، كان لابد أن يعطيهم صورة حقيقية مثالا لحقيقتهم ، وهم ماثلون أمامه ، ويستحيل أن يعطيهم صورة رمزية ، لما سيكونون عليه عندما يمثلون أمام عرشه العظيم ، فى يوم القضاء الأبدي ، كواقعة حقيقية » ...

فإذا أضفنا أن مصدر الصعوبة القائمة عند من لا يقبلون القصة ، ويعتبرونها حلماً حلم به يونان أو أسطورة ألحقت بالكتاب ، وهو ما يستحيل على أهل نينوى قبوله كآية تردهم إلى اللّه ، ما لم يكن حقيقة ماثلة أمام عيونهم ، إن مصدر الصعوبة راجع إلى أنه لا يعقل أن هناك حوتاً يستطيع أن يبلغ يونان ، فى بطنه ليستقر ثلاثة أيام ليال ، وأنه شيء ، يتجاوز تفكيرهم وخيالهم ، ... وقد أطلق النقد الأعلى هذا الاتهام المردود والذي تصدى له كثيرون من علماء علم الأحياء ، والذين قالوا إن هناك نوعاً من الحيتان يمكنه أن يبتلع رجلاً مهما كان حجمه ، والحوت كما نعلم يختلف عن غيره من الأسماك ، وهو أشبه بالغواصة التى صنعها الإنسان ليبقى تحت الماء أسابيع وأياماً ، ...
وإذا أمكن أن يصنع الإنسان شيئاً من هذا القبيل ، فإنه يحسن بنا أن نذكر التعبير الكتابى كما أشار واحد من المفسرين : « فاعد اللّه حوتاً عظيماً » ... واللّه لن يعجز على أسلوب عادى أو خارج أن يعد ذلك ، ... وقد كان أهل نينوى يؤمنون ، على ما يعلق هنرى كلاى ترامبل ، بخلائق تخرج من البحر نصفها إنسان والنصف الآخر سمكة ، ... ومع ما فى هذا الخيال من خرافة ، ... إلا أنه من السهل أن تأتيهم رسالة من إنسان قذف به الحوت إلى الشاطئ على النحو العجيب الذى صنعه اللّه آية لهم ، ليرجعوا عن شرورهم ، ويتوبوا عن خطاياهم ، .. وقد أدرك يونان أنها رحمة اللّه وليس غضبه ، أن يحفظه فى بطن الحوت ليصلى صلاته ويرجع هو ، إلى رسالته العتيدة إلى نينوى ..

وإلى جانب ذلك لا ننسى أن اللّه « أعد يقطينة » وهنا نتحول إلى منظر آخر ، من الحوت الضخم إلى اليقطينة الصغيرة ، ونتحول من رحمة اللّه تجاه الإنسان الغريق إلى ابتسامة اللّه تجاه النفس المغمومة ، كان الحر اللافح خارج يونان وداخله ، وهو يجلس على مشارف المدينة ، وقد امتلأ غيظاً وغضباً وغماً ، وأعد اللّه له اليقطينة ليخرجه من هذا الغم المستولي عليه ، ... وما أكثر ما يفعل اللّه معنا هكذا عندما تستولي علينا الوساوس والهموم ، فيرسل اللّه ابتسامته التى تأتى إلينا مفاجأة، وعلى وجه لم تكن نتوقعه ، ..

قالت سيدة عجوز للرئيس ابراهام لنكولن فى أدق أوقات الحرب الأهلية : « لا تفزع اللّه معك ، ونحن نصلى لأجلك ، ولن تهزم » ... وفرح الرئيس بهذه الكلمات البسيطة التى أخرجته من هوة اليأس العميق الذى وصل إليه !! .. كان الصبى على أعتاب اليأس ، عندما رسب فى الامتحان ، وكانت قريته كلها تتكلم عن رسوبه ، غير أن الراعي التقى به ووضع يده على كتفه ، وقال له : أنا أعلم أنك ستنجح !! ... وكانت هذه الكلمات هى التى عبرت به الخط الفاصل بين الفشل والنجاح فى تاريخه كله !! ..
حاول صموئيل جونسون - وهو شاب فقير - أن يلفت أنظار أحد اللوردات الإنجليز إليه دون جدوى ، لكنه لما أصبح كاتباً إنجليزياً عظيماً ، أرسل إليه هذا اللورد خطاب تهنئة ، .. ورد جونسون يقول : لقد جاءت هذه التحيات ياسيدي متأخرة ، لقد كنت فى حاجة إلى كلمة صغيرة واحدة منها فى أيام التعب والفشل والمأساة !! .. لم ينس اللّه أن يعد يقطينة ليونان !! .. على أن اللّه مع ذلك ، أعد دودة لتقضى على هذا الفرح بسرعة غريبة ، ... وذلك لأن اللّه أبصر فى الفرح نوعاً من الأنانية ، كانت اليقطينة شيئاً يشبه شجر اللبلاب الذى لا قيمة له ، وكان يونان أنانياً بفرحه ، فهو يفزع ليقطينة ضاعت دون أن يبالى بمدينة عظيمة تتعرض للضياع !! ... كان قصد اللّه ثابتاً وأكيداً فى إنقاذ نينوى !! ..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
طقوس صلوات القداس الإلهي خلال صوم يونان
ابونا رويس فريد -القداس الإلهى- ثانى أيام صوم يونان
يونان والقصد الإلهى
يونان والقصد الإلهى
القداس الإلهى للقمص مكارى يونان


الساعة الآن 12:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024