وأَطَالَ الـحَديثَ حتَّى مُنْتَصَفِ اللَّيْل
الجمعة التاسع من زمن العنصرة
أَمَّا نَحْنُ فأَبْحَرْنَا مِنْ فِيلِبِّي، بَعْدَ أَيَّامِ الفَطِير، ولَحِقْنَا بِهِم في تُرْوَاس، وَمَكَثْنَا هُنَاكَ سَبْعَةَ أَيَّام. وفي يوْمِ الأَحَد، اجْتَمَعْنَا لِكَسْرِ الـخُبْز، فأَخَذَ بُولُسُ يُحَدِّثُهُم، وقَدْ عَزَمَ عَلى الرَّحيلِ في الغَد، وأَطَالَ الـحَديثَ حتَّى مُنْتَصَفِ اللَّيْل. وكانَ في العِلِّيَّةِ الَّتِي اجْتَمَعْنَا فيها مَصَابيحُ كَثيرَة. وكانَ شابٌّ اسْمُهُ إِفْطِيخُس، جَالِسًا علَى النَّافِذَة، وأَخَذَهُ نُعَاسٌ ثَقيل، بَيْنَمَا كانَ بولُسُ يَسْتَفيضُ في الـحَدِيث، حتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْم، فَوَقَعَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلى الأَسْفَل، وحُمِلَ مَيْتًا. فنَزَلَ بُولُسُ وارْتَمَى علَيْه، وضَمَّهُ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ وقَال: “لا تَضْطَرِبُوا، فَنَفْسُهُ فِيه!”. ثُمَّ صَعِدَ فَكَسَرَ الـخُبْزَ وأَكَل. وحَدَّثَهُم طَويلاً حَتَّى الفَجْر، ومَضَى. وجَاؤُوا بِالفَتَى حَيًّا، فَكانَ لَهُم عَزَاءٌ كَبير. أَمَّا نَحْنُ فَسَبَقْنَا بُولُس، وَرَكِبْنا السَّفينَة، وأَقْلَعْنا إِلى أَسُّس، لِنَأْخُذَ بُولُسَ مَعَنَا مِنْ هُنَاك، كمَا كانَ قَدْ رَتَّب، وهُوَ عَازِمٌ أَنْ يُوافِيَنَا سَيْرًا عَلى الأَقْدَام. ولَمَّا لَحِقَ بِنَا في أَسُّس، أَصْعَدْنَاهُ معَنَا إِلى السَّفينَةِ وَجِئْنَا إِلى ميتِيلانَة. ومِنْهَا أَبْحَرْنَا في الغَدِ وأَشْرَفْنَا عَلى جَزِيرَةِ خِيُوس. وفي اليَوْمِ التَّالي سِرْنَا بِمُحَاذَاةِ جَزِيرَةِ سَامُوس، وفي اليَوْمِ الثَّالِث، بَعْدَ تَوَقُّفٍ في ترُوغِيلِّيُون، وَصَلْنَا إِلى مِيلِيتُس. وكانَ بُولُسُ قَدْ صَمَّمَ أَنْ يتَجَاوَزَ أَفَسُسَ بَحْرًا، لِئَلاَّ يُضْطَرَّ أَنْ يتَأَخَّرَ في آسِيَا، لَعَلَّهُ يَصِلُ إِلى أُورَشَلِيمَ يَوْمَ العَنْصَرَة.