|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
افرحــوا (في 4: 4) نقول: "الفرح المسيحي"، لأن الفرح في المسيح يختلف عن الفرح الذي يعرفه العالم. ففرح العالم علامته السرور الظاهر، ويرتبط بلذة الجسد السطحية والمسرَّات، في الطعام والمال والممتلكات وشهوة الجنس والسلطة وتحقيق الأهداف المتصلة بالعالم الحاضر. وهذا الفرح قصير العمر، وإن تعالَى فهو يفتر بعد حين، وتطوِّح به الهموم والتجارب والهزائم وخوف الغد والأمراض والوحدة وتغيُّر الأحوال واقتراب الموت. والمسيحي في العالم يختبر شيئاً من هذا الفرح في مناسبات كثيرة في الأعياد والحفلات واجتماعات الصحاب. وهو يقبله ويسعد به، ولكنه لا يعوِّل عليه، لأنه يعرف أن هذا يأتي ويذهب. وإنما فرحه الحقيقي، الذي وهبه له الروح بموت الابن وقيامته وملكوته الأبدي، ثابت دائم، تعبُر به صروف الحياة وآلامها (التي تعبُر على كل الناس)، ولكنها لا تنال منه إلاَّ كما تنال الرياح من الجبال، ووجوده لا علاقة له بحضور الابتسام والضحك أو غيابهما، فمكانه أعمق، وهو يبقى حتى ونحن في الظلام، وهنا لا ينقطع تسبيحنا وتبقى أصوات الحمد مُرنِّمة. ودوام الفرح المسيحي يرتبط بعمل فوق الطبيعة البشرية، لأنه ليس نتاج عواطف، وإنما هو عمل الروح القدس وثمره. إنه فرح في الرب (مز 32: 11؛ 35: 9؛ 100: 2، إش 61: 10، رو 14: 17، في 3: 1؛ 4: 4، 1تس 1: 6، فل 20). حياة الرسل كنماذج للفرح في الروح: والمرء يَدهش عندما يتابع حياة خادم مناضل كالرسول بولس يتعرَّض في خدمته لكل صنوف الآلام والاضطهاد، فضلاً عن شوكة مرض جسده؛ ولكن الفرح لا يُفارقه سواء في سلوكه أو في كتاباته. فهو مع سيلا في السجن لا يطويهما ظلامه وكآبته وأغلاله، وإنما هما قائمان نحو نصف الليل "يصليان ويُسبِّحان الله والمسجونون يسمعونهما" (أع 16: 25). فلم تكن صلاتهما أنيناً خافتاً، وإنما تسبيحاً عالياً مستنداً إلى إله يؤمنان بقوته وانتصاره المحتوم حتى أن السجن تزعزع من أساسه. وهذه مقتطفات من رسائله يُعبِّر فيها عن فرحه كما يحث فيها المؤمنين أن يفرحوا في الرب كل حين، مع أن بعضها يكتبه من السجن أسيراً في سلاسل، أو وهو يُصارع الآلام والاضطهادات: "كحزانى ونحن دائماً فرحون" (2كو 6: 10)، "لذلك أُسَرُّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح" (2كو 12: 10)، "افرحوا في الرب... افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا" (في 3: 1؛ 4: 4، 1تس 5: 16)، "الآن أفرح في آلامي لأجلكم، وأُكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده، الذي هو الكنيسة" (كو 1: 24). وها هما القديسان بطرس ويعقوب يحثَّان المؤمنين على الفرح الحقيقي في الروح حتى ولو كانوا يجتازون التجارب: "ذلك وإن كنتم لا ترونه (أي الرب) الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد" (1بط 1: 8)، "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عن الفرح المسيحي : افرحــوا (في 4: 4) |
عن الفرح المسيحي: افرحــوا (في 4: 4) |