|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عندما وصل الجمع إلى الجُلجُثة ورفعوا يسوع على الصليب، كان وجهها أشبه بمنظر الأرض المُثمرة، الَّتي تفرح بولادة البنين بغير انقطاع وتُقبرهم بلا ملل، طالما أنَّ في موتهم حياة لآخرين! يُخيّل إلىَّ أنَّ مريم كانت تُناجي روحها فخراً بابنها الحبيب فتقول: أيها الرجل البار، الشُجاع الكامل، الَّذي زار بطني مرّة لم ولن تتكرر في بطون النساء، أؤمن أنَّ كل نقطة من دمك الطاهر المتساقط ستكون ينبوعاً، لأنَّ منها ستتكوّن أنهار الحياة الروحيّة لأُممٍ وشعوب، أنت الآن تموت في هذه العاصفة، ولكنِّي لن أحزن عليك أكثر من هذا لأنَّ في موتك حياة لكثيرين! أمَّا يسوع فنظر إليها وابتسامة هادئة تعلو شفتيه ، دليلاً على أنَّه قد غلب العالم، فرفعت مريم عينيها نحو السماء وقالت: اُنظروا الآن، لقد انتهت المعركة، وأعطى الكوكب نوره، قد وصلت السفينة إلى الميناء، ويسوع الَّذي اتَّكأ على صدري الآن يتموّج في الفضاء ، لقد غلب العالم، ويسرّني أن أكون أمَّاً للغالب، ثم رجعت إلى أورشليم متَّكئة على ذراع يوحنَّا الحبيب، كما لو كانت قد حققت كل آمالها في الحياة! إنَّها مثال للأُم الَّتي تموت لتعطي الحياة لغيرها، تحيك من الخيوط ثوباً لن تلبسه، تلقي الشبكة لتمسك السمك الَّذي لن تأكله! لقد بكت ورنَّمت، سكبت دموع الحزن ولآليء الفرح ، لأنَّها كانت هى الأُخرى في حاجة إلى الخلاص.. فهل رأيتم عُصفورة تُرنِّم وعِشَّها في الهواء يحترق؟! |
|