|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا سيحدث إن اختفى النفط من العالم فجأة؟ يُعتبر النفط الخام شريان الحياة لاقتصادات الدول والأمم الحديثة، لكن ماذا سيحدث إن تم استنفاذ كافة مصادر الوقود الحيوي هذا؟ غني عن القول، سيكون الحدث خطيرًا للغاية، لكن ما هو السيناريو المتوقّع لمستبقل خالٍ من النفط؟ إذا حدث هذا، ولم تستجب البينة التحتية اللوجستية في الوقت المناسب، فستكون هذه مشكلة كبيرة وخطيرة. فالجنس البشري هو حضارة عالية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على إمدادات النفط الخام الوفيرة. بين عامي 1965 و 2005، شهدت البشرية زيادة في الطلب على البترول الخام بنحو مرتيْن ونصف. نحن نستخدم ضعف كمية الفحم وثلاثة أضعاف الغاز الطبيعي! في الوقت الحاضر، يُشكّل النفط الخام حوال 33% من احتياجات الطاقة العالمية. الفحم حوالي 30 ٪ والغاز الطبيعي في المرتبة الثالثة بنحو 24 ٪. والإجمالي حوالي 87 ٪ من احتياجات الطاقة البشرية العالمية. كما ترى، إن كانت هذه الإمدادات مرتبكة ومتغيّرة بشكل كبير، فستكون صدمة كبيرة للنظام، على أقل تقدير. يُعتبر النفط على وجه الخصوص، مادة مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها، تحتوي على نسبة عالية من الطاقة ويتم تكريره بسهولة إلى وقود سائل من خلال التقطير. تعمل منتجات التقطير مثل البترول والديزل بشكل عملي في جميع وسائل النقل بجميع أنحاء العالم. النفطْ والوقود الأحفوري يُعتبران من العناصر الحيوية لإنتاج الكهرباء. ما يعني أننا نعتمد حرفيًا على النفطْ في كل شيء تقريبًا من حياتنا إلى حدٍ كبير. فالمواد الغذائية، الملابس، أجهزة الكمبيوتر، الهواتف المحمولة، والمستحضرات الصيدلانية، إلخ، جميعها تعتمد على النفطْ كمصد صناعي أولي سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليتي الإنتاج والنقل. الموارد الأخرى، مثل الغاز الطبيعي، مهمة كذلك لصنع بعض أنواع الأسمدة. بدون ذلك سيتأثر إنتاج الغذاء بشكلٍ مباشر في جميع أنحاء العالم. كما أن قطاع الزراعة يعتمد بطريقة مباشرة على مشتقات النفط والبترول، حيث أن معظم معدات المزرعة من جرارات وحصّادات وآلات كبيرة تعمل على مشتقات الوقود. كما أن جميع وسائل النقل كالطائرات، القطارات، والسيارات تحتاج الوقود لتعمل على نقل البضائع والغذاء في جميع أنحاء العالم. لذلك، فقدان هذه الموارد سيؤثر تأثيرًا عميقًا ومدمّرًا على الحضارة الإنسانية. في الآونة الأخيرة، كثُرت الأخبار المتناقلة عن نفاذ نفط العالم في الأعوام الخمسة أو العشرة أو العشرين القادمة، لكن هل هذا حقيقي بالفعل؟ من الناحية الفنية، من غير المحتمل أن ينفذ النفط على الإطلاق، لكن ليس بسبب وفرة مصادره. فالنفطْ وجميع أنواع الوقود الأحفوري الأخرى هي موارد محدودة بطبيعتها، لكن كلّما استُنزفت مكامن النفطْ زاد الخطر المُحدق على اقتصادات الدول النفطية والصناعية. كما أن خزانات النفط العميقة التي تنطوي على صعوبات تقنية، ترتبط بتكلفة مرتفعة للغاية. وكلما كان الطلب متزايدًا على استهلاك النفط، فالأمر يستحق المجازفة. وفقًا لتقرير شركة بريتيش بتروليوم، اعتبارًا من عام 2018، يعتقدون أن لدينا حوالي 50 عامًا عند مستويات الاستهلاك والإنتاج الحالية، أي أن كمية احتياطي النفط المتاحة تكفي لعام 2070 تقريبًا. ويظن الخبراء أن البديل من النفط سيكون “الزيت الصخري”، وهو مصطلح مضلل بعض الشيء. فهو ليس نفط على الإطلاق، بل يحتوي على مادة تُسمى “Kerogen” تميل إلى أن تكون صلبة وتحتاج إلى تسخين على درجة حرارة 500 درجة مئوية قبل مزيدٍ من المعالجة، حتى تتحوّل إلى مادة سائلة تشبه ظاهريًا النفط التقليدي. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الزيت الصخري لن يكون أفضل بديل عن النفطْ. وحيث أنه من غير المحتمل أن ينفذ احتياطي النفطْ بشكل كلي، لكن ذلك لا يعني أن الكمية المتبقية ستكون صالحة للاستخدام وبنفس الجودة. ويُمكن وصفها بعبارة “نفط مركّز” أو “حامض”، وليس بالضرورة أن تكون هذه الكمية صالحة للاستخدام لأنها ستحتوي على كمية كبيرة من الملوّثات على غرار مادة الكبريت. ما يعني أن الكمية المتبقّية ستحتاج إلى عملية تكرير ومعالجة معقّدة وكثيفة لإزالة الكبريت، ما سيزيد من تكلفة إنتاجه. الحل الأمثل لوقف استنزاف احتياطي النفطْ المتبقي يكمن في خفض الاعتماد على النفطْ الخام. وحيث أن تطبيق هذه الخطوة لا يبدو جديًا، لكن سيأتي الوقت الذي تُرغم فيه الدول على تطبيق قوانين للحد من الاعتماد على النفطْ ومشتقاته. كما يظن الخبراء أن عملية البحث عن بديل للنفط لن تبدأ إلا في الوقت الذي تُشارف فيه كمياته فعليًا على النفاذ. وحتى إن لم يُعثر على بديل، يُمكن تطوير مصادر طاقة متجددة واستخدامها بكفاءة كبيرة في توليد الوقود. |
|