تقرير كوخ والتطعيم ضد الجمرة الخبيثة
في عام 1876، قدم هاينريش روبرت كوخ (1843-1910) تقريرا عن عمله القاتل في مرض الأغنام المسمى بالجمرة الخبيثة (حمى الطحال)، وقدم تفاصيل عن كيفية زراعة عصيات الجمرة الخبيثة وعزلها، كما أشار إلى أن العصية لا تزال قادرة على إنتاج المرض في الحيوانات حتى بعد العيش لعدة أجيال في المختبر، وأثار تقرير كوخ إهتمام باستور بالعلاقة بين الكائنات الحية الدقيقة والمرض، وسرعان ما طور باستور طريقة لحماية الحيوانات من الجمرة الخبيثة عن طريق التطعيم بعصيات الجمرة الخبيثة التي أضعفتها بشدة معاملة خاصة، وهذا يمنع العصيات من التسبب في المرض، وتم الإبلاغ عن هذه النتائج في عام 1881 وتأكيد المبدأ القائل بأنه يمكن إضعاف الخصائص المنتجة للأمراض في الكائنات الحية الدقيقة إلى درجة أنها ستنتج مناعة ضد المرض دون إنتاج المرض فعليا.
خلال السنوات القليلة التالية طبق باستور هذا المبدأ الجديد لتطوير طريقة لمنع داء الكلب لدى الأشخاص الذين عضتهم الحيوانات المسعورة، وفي عام 1885 تم إحضار صبي صغير يدعى جوزيف ميستر والذي تعرض للعض من كلب مسعور إلى باستور، ونظرا لأن الأطباء الآخرين اتفقوا مع باستور على أن مستقبل الصبي كان ميئوسا منه، فقد قرر باستور معه محاولة التطعيم ضد داء الكلب، وعندما فشل الصبي في تطوير علامات داء الكلب، وعرف باستور أن نظرياته وتجاربه كانت صحيحة، ونال التطعيم المضاد للأورام اهتماما ونجاح كبير، وكان أول مرة يتم فيها تطبيق أساليبه على البشر مباشرة.
بعد هذا التقدم، إستمر علم الجراثيم والمناعة بوتيرة سريعة، وواصل مساعد باستير ، وبيير بول إميل رو (1853-1933) عملهما في علم البكتريا، مع التركيز على مرض الدفتيريا، ووجد أن البكتيريا المحددة فقط لا تسبب الدفتيريا، ولكن السم التي تنتجه البكتيريا تسبب أعراض المرض، وقام جنبا إلى جنب مع ألكساندر إميل يرسين (1863-1943) بعزل عصية الدفتيريا وطور مضادا للسموم لمقاومة الدفتيريا سرعان ما اكتشف العلماء المزيد والمزيد من البكتيريا ، وطوروا كثير من التطعيمات العديدة، وتعلموا تقنيات جديدة للوقاية من الأمراض الأخرى.