وحدة الروح القدس وتنوُّع مواهبه
عظة 12:16 للقديس كيرلس الأورشليمي
لماذا يدعو الرب نعمة الروح القدس ماءً؟ (يو 14:4), ذلك لأن قوام كل شيء يكون بالماء، ولأن الماء ينشئ الخضرة ويُحيي الكائنات الحية، ولأن ماء المطر ينزل من السماء، ولأن الماء ينزل واحدًا في شكله ولكنه يتنوع في مفعوله، فإن ينبوعًا واحدًا يسقي الفردوس كله, ونفس المطر بعينه ينزل على العالم كله، فيصير أبيض في السوسنة, وأحمر في الوردة، وأرجوانيًا في الزنبقة والبنفسج، ويتنوع ويتشكَّل بصور متعددة، فهو في النخلة غير ما يكون في الكرمة، وهو يصير في الكل كل شيء، مع بقائه واحدًا في طبعه دون أن يختلف بعضه عن بعضه. فإن المطر لا يُغير ذاته وينزل بصوٍر مختلفة عن بعضها، ولكنه يتكيف مع طبيعة الكائنات التي تقبله، فيصير لكل واحدة منها بما يناسب تكوينها. وهكذا الروح القدس أيضًا وهو واحد بطبعه وغير منقسم، لكنه يُقّسم النعمة على كل واحد كما يشاء.