|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا تواضروس والخاذلون أوطانَهم كالعادة، رفع قداسةُ البابا اسمَ مصر في البرلمان الأوروبي وأعلى شأنَها في عيون العالم، ولم يخذلها؛ كما كان يرجو أعداءُ مصر الحاقدون. أبدًا لم يخذلِ البابا مصرَ؛ في أحلك اللحظات عُسرًا وفوضى وطائفية، فكيف يخذلها في اللحظات الأيسر والأسلم؟! ما خذلَ مصرَ وهي تكادُ تسقط ويد الإرهاب الأسود تخنق عنقَها، فكيف يخذلها وقد استردت أنفاسَها؟! لم يخذلها وهي تكادُ تتهاوى إثر الطعنات في خصرها من كلّ صوب، فكيف يخذلها وهي تتعافى وتنهض وتعلو؟! البابا تواضروس دائمًا عند حُسن ظنّ مصر به، في الضرّاء وفي السرّاء، في العسر وفي اليسر. هو الابنُ البارُّ للأم العظيمة؛ التي قد تتحمّل ضرباتِ الأعداء والحاقدين، لكنها لا تحتملُ ضربةً واحدة من أبناءها. مصرُ القوية لا تكسرها نِصالُ ألف عدوّ وألف ألف خصيم؛ إنما توجعُها شوكةٌ صغيرةٌ في يد ابن من أبنائها. والأبناءُ البررةُ لا يغرسون أشواكَهم في قلب الأم، تحت أي ضغط ولا في أي ظرف. لهذا لم يحدث أن خذلَ مصرَ من قبل أيُّ بابا من باباوات مصر السابقين. لأنهم معجونون بالوطنية، مفطورون على الانتماء لمصريتهم، مجبولون على الإخلاص للوطن الكريم. يعرفون قيمةَ مصرَ التي "طوّبها" السيدُ المسيح و"طيَّبها" بطِيبِ رحلته لمصرَ طفلا مع أمه العذراء البتول عليهما السلام. مصرُ "المُطوَّبَةُ"، "المُطيَّبَةُ" لا يعرفُ قيمةَ طِيْبها إلا الأطيابُ الطيّبون. ولا شكَّ أن قداسة البابا تواضروس الثاني، وأقباطَ مصرَ في مُجملهم، أطيابٌ طيبون، إلا قِلّة، لا تُدركُ قيمةَ الوطن ولا تُقدّر حتمية إعلاء شأنه بين الناس. أولئك هم الذين تطولُ ألسنُهم ضد قداسة البابا، كلّما سافر وأعلى قيمة مصر في الخارج، وقال عنها قولا حسنًا! أولئك المتباذئون انحرفوا عن وطنيتهم؛ فلا يختلفون كثيرًا عن الإخوان وأعداء مصر. الحكاية: قام قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الثلاثاء الماضي بزيارة رعوية إلى بروكسيل، العاصمة البلجيكية، من أجل تدشين كنيسة قبطية (مصرية) جديدة. وعلينا أن ندرك أن تدشين (كنيسة قبطية) على أرض أي دولة من دول العالم، هو بمثابة (غرس قطعة من أرض مصر) في تلك الدول. فالكنائسُ القبطيةُ هي سفاراتٌ وطنيةٌ لنا في كل أنحاء العالم. وعلى هامش تلك الزيارة، استقبل البرلمانُ الأوروبي قداسة البابا المعظّم، بوصفه سفيرًا وطنيًّا لمصر. وكالعادة سُئل البابا عن أحوال مصر، وكالعادة قال البابا قولا حسًنا عن وطنه، شأن كلّ مسؤول وطنيّ يعرفُ قيمة "الوطن"، ويزِنُ كلماتِه بميزان الذهب. سُئل عن وضع الأقباط المسيحيين في مصر، فقال: (تحدث مشكلاتٌ، كما تحدث في كل الدنيا. لكننا نحاولُ حلّ تلك المشكلات في إطار الأسرة الواحدة. فنحن بلد كبير به ١٠٠ مليون مواطن. ومن المتوقع حدوث مشكلات كأي دولة في العالم. المهم كيف نعالج تلك المشكلات ونحن نتقدم خطوات للمستقبل.) والله لو اجتمع أدباءُ الدنيا وساسةُ العالم، ما كتبوا تلك العبارةَ الموجزة التي تقطُرُ بالمسؤولية وتنضح بالوطنية. “مسؤوليةُ" الشعور بأزمات شعبه القبطي الذي هو مسؤولٌ عنهم روحيًّا، و"وطنيةُ" الانتماء للواء الوطن الذي هو مسؤول عن رِفعته وعلّو شأنه أمام العالمُ. لا يُنكرُ أحدٌ أن الأقباط المسيحيين مازالوا يواجهون "آثارًا" من الطائفية والتمييز العَقَدي من الجهلاء والمتطرفين والمتأسلمين. كذلك لا يُنكرُ جاحدٌ أن تلك "الآثار" بدأت تخبو وتخفُت ولا تُقارَن بما كان يحدثُ قبل سنوات قاسيات، لا أعادها اللهُ، وأن الوضع الآن أفضل بمراحل عمّا سبق. ولا يُنكر إلا جاهلٌ أو حاقدٌ أن أعداء مصر يتشوّفون ويتشوّقون لأن ينطق البابا بغير ما قال، حتى تنقلبَ خناجرُ العالم أجمع نحو قلب مصر. ألا يعلم الأقباط المتطاولون على اسم البابا، أن أعداء مصر في قطر وتركيا وإسرائيل يتمنون أن يُقرَّ البابا بوجود فتن طائفية في مصر، حتى تقعَ على مصر عقوباتٌ دولية لا قِبَل لنا بتحملّها ونحن في لحظة بناء ونهوض؟ أرجو ألا يكونوا يعلمون، فلو كانوا يعلمون فهم أعداءٌ لمصر مع سبق الإصرار والترصّد، وها هم الآن باتوا يعرفون. "وطنٌ بلا كنائسَ خيرٌ من كنائسَ بلا وطن.” لا يفهم تلك العبارةَ الوطنية البليغة الا الكبارُ. كبارُ العقل، والايمان، والانتماء. الصغارُ لا يصلون الى مدارجها العليا. لا يُشهِّر وطنيٌّ ببلاده تحت أي ظرف. لهذا كتبتُ على درع تكريم البابا في صالوني الشهري، يونيو الماضي، ما يلي: (يتشرف الصالونُ بتكريم الرمز الروحي والوطني النبيل: قداسة البابا المعظم تواضروس الثاني؛ تقديرًا لدوره الوطني المشهود في إعلاء اسم مصر أمام العالم والحفاظ على وحدة صفّها في لحظات دقيقة من تاريخ الوطن.) "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”. |
|