خلايا الإرهاب النائمة في الصعيد و«داعش» يعيد ترتيب صفوفه

[Mary Naeem]

خلايا الإرهاب النائمة في الصعيد و«داعش» يعيد ترتيب صفوفه


الأوقاف تواجهها بـ«القوافل الدينية» والحكومة تكتفي بـ«قرارات الإزالة» والحملات الأمنية تظهر في الصورة مؤخرًا


«قرى الظهير الصحراوي» فكرة لجأت إليها الدولة منذ سنوات عدة، للتغلب على أزمة الزيادة السكانية التي طرأت على غالبية محافظات الجمهورية، ولسنوات ظلت القرى تلك خارج إطار القانون، الأمور فيها تسير وفقًا للعادات والتقاليد، ما كان له بالغ الأثر في انتشار الأفكار المتطرفة، بعدما وجدت الجماعات الإرهابية فيها ملاذًا آمنًا بعيدًا عن أعين الرقابة، وفي الوقت ذاته ساعدت الثروة الضخمة التي تمتلكها الجماعات تلك، والتي تحصل عليها من أطراف خارجية تسعى لـ«تفخيخ وتخريب مصر» في ضم أعداد كبيرة من أهالي هذه القرى إلى صفوفها.



الزوايا والمساجد كانت الأماكن الملائمة التي فرضت الجماعات الإرهابية سيطرتها عليها، لدرجة أن عددا منهم أصبحوا يديرون الأمور الدينية وفقًا لأهوائهم، ليس هذا فحسب، لكن بعضهم كان يرفض الصلاة خلف إمام وزارة الأوقاف، ولا يقبل النصيحة أو العلم من أحد مشايخ الأزهر الشريف، وسيطر أصحاب الفكر المتشدد والمتطرف على بعض تلك الزوايا والمساجد، وفي مكتبات تلك القري تنتشر كتب الفكر الديني المتشدد لقيادات الجماعات الإرهابية هذه، ولعل أبرزهم الهارب يوسف القرضاوي.



بمرور السنوات أصبحت زوايا ومساجد قرى الظهير الصحراوي بمثابة «مفرخة الدواعش»، كما أن غياب الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في فترة من الفترات نظرا لقلة الأئمة جلب الكثير من المشكلات، وترك الساحة مفتوحة لبعض الذين يعتبرون كل شيء محرما ولايجوز، وهذا بات جليًا وواضحًا في قرى المتهمين بأحداث تفجير كنائس الإسكندرية وطنطا، الذين اتخذوا من الزوايا والمساجد ساحة لهم لتنفيذ أفكارهم الشيطانية وتوجيه الأطفال إلى ما يسعون لتدبيره، إضافة إلى المسافة الشاسعة التي تفصل تلك القرى عن «عين الحكومة».



ياسر محمد صابر، أحد قطني قرى الظهير الصحراوي، قال: غياب أئمة الأزهر والأوقاف عن المساجد حول الكثير منها إلى ساحات لنشر الفكر المتطرف والمتشدد، وأصبح الشباب والأطفال صيدا سهلا بالنسبة لهم، ويستطيعون تشكيل فكرهم كما يشاءون، وهو الأمر الذي يهدد بالكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ويزعزع أمن واستقرار البلاد، ونطالب بتفتيش دائم عليها من جانب وزارة الأوقاف، وعدم انتظار كارثة، فحتى الآن تخرج علينا التصريحات حول انتشار الهدوء والسكينة، في حين هناك خلايا نائمة تستعد لتوجيه ضربات موجعة إلى جسد الوطن.



وأضاف: كثير من تلك القرى تعاني من عدم نقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وغيرها، وهذا بالطبع يوقظ حالة الغليان بين صفوف الأهالي، والتي يستغلها هؤلاء لصالحهم عن طريق تأليب المواطنين ضد الحكومة، لعدم عملها على توفير أهم تلك المقومات الأساسية، وهناك البعض الذي يقوم بدور المنقذ من خلال الإعانات وتوفير بعض الاحتياجات والقوافل وغيرها.



في نفس السياق قال يحيى منصور أبوطالب، أحد أبناء تلك القرى: بالفعل نعاني غياب الكثير من تلك المقومات، وسمعنا عن بعض الذين يسهمون ببعض تلك المقومات تحت ستار المساعدة، وفي نفس الوقت يستغلون الأطفال والشباب من خلال الكتاتيب والدروس الدينية وأحيانا الدروس المدرسية لبعض الفقراء، ومن هنا تبدأ الخطورة الكبرى، وأكمل: الكتاتيب كان لها دور بارز في فترة من الفترات في عمليات تجنيد العناصر المتطرفة، لكن دورها في الفترة الأخيرة تقلص تماما، لكن بعض القري والنجوع البعيدة التي تقع في منطقة الظهير أغلب من يعيشون بها من البسطاء الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الدروس الخصوصية، وهو ما يدفعهم إلى كتاتيب بعض الجمعيات الأهلية وكتاتيب الزوايا والمساجد.



وفي جولة أجرتها «فيتو» في إحدى نجوع قرى مدينة قنا، وجدنا بعضًا من تلك الكتاتيب التي تقوم بدور التحفيظ وإلقاء الدروس التعليمية، في أماكن غير مهيأة وتنتشر بها روائح كريهة وغير مكتملة البناء، وتتولى عملية التحفيظ سيدات منتقبات، وعندما حاولنا الاقتراب كن يرفضن بشدة بدعوى عدم جدوي تصوير الأطفال، ولم يختلف الوضع كثيرًا في غالبية تلك النجوع والقري التي تجولنا بها، وكان النصيب الأكبر فيها للأطفال الصغار الذين وجدناهم يعلقون على الملابس والإكسسوارات والتصوير الفوتوغرافي الذي أقر لهم الشيخ الذي يعلمهم أن من يرتديها ليس من المسلمين، وأن التصوير هو من المحرمات.



وفي قرى الصحراوي، تنتشر العديد من الكهوف المفتوحة، إضافة إلى بعض المناطق الأثرية التي تتحكم فيها عصابات الخارجين عن القانون، والتي يستغلها البعض في تخزين الأسلحة ومعسكرات التدريب.



ومن جهته قال أحمد أبو جبل، أحد أبناء قنا: الكهوف والصحراء الواسعة المنتشرة بمختلف قرى مراكز قنا التسعة تعد بؤرا صالحة لانتشار الفكر الداعشي، كما أنها توفر غطاء آمنا للجماعات الإرهابية، سواء في التخطيط للعمليات الإرهابية أو تخزين الأسلحة.
على الجانب الآخر شهدت الأشهر الماضية تحركًا حقيقيًا لمديرية الأوقاف بمحافظة قنا، وبخاصة بعد أحداث كنائس الإسكندرية وطنطا، حيث بدأت في إرسال قوافل إلى بعض تلك القري التي كان معروفة بنشر هذا الفكر إلى جانب الفكر الشيعي الذي انتشر فيها هو الآخر.



ومن جانبه قال الشيخ محمد الطراوي، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة قنا: نُسير الكثير من القوافل الدعوية التي تنشر الفكر الإسلامي الوسطي، كما أن هناك متابعة مستمرة لخطبة الجمعة لمعرفة ما يتم بثه للمصلين وأضاف: تم منع اعتلاء أي شخص غير مكلف من جانب الأوقاف أو الأزهر الشريف المنبر والخطبة والصلاة بالمواطنين، إضافة إلى أنه تمت السيطرة على كثير من الزوايا والمساجد ولا يعتلي منبرها غير المكلفين فقط، وفيما يتعلق بالمتابعة الأمنية لهذه القرى، ذكر مصدر أمني، رفض ذكر اسمه، أنه تجرى متابعة دائمة لهذه القرى عن طريق الحملات الأمنية المستمرة على بؤر العناصر المتطرفة، وذلك بالتنسيق مع الأمن العام وقوات الأمن المركزي والعمليات الخاصة وبقية قطاعات وزارة الداخلية لكشف والسيطرة على تلك البؤر، وكان آخر هذه العمليات في جبل الكرنك، التي راح ضحيتها عدد من أبناء العمليات الخاصة وتم تصفية الكثير من التكفيريين.



في حين كشف مصدر بمجلس أحد مدن المحافظة، أن غالبية القري التي تم إنشاؤها في الفترة الأخيرة، وتحديدًا بعد ثورة يناير2011، كانت دون أية سندات قانونية، وتم الاستيلاء على الأرض بشكل غير شرعي، ولذا فإن الكثير منها تصدر له قرارات إزالة، لا سيما وأن غالبية هذه القرى لا تتوافر فيها أية خدمات أو مرافق بصورة رسمية.

هذا الخبر منقول من : موقع فيتو