|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيمان الحي وحياة العمل حياة العمل هيَّ نفسها – بلا شك – حياة الإيمان الشخصي الظاهر في المحبة، هذا الإيمان الذي يُعبَّر به المؤمن عن علاقته الخاصة بالله، ومدى ثقته فيه واعتماده عليه، أي مدى اعتماده على المسيح الرب رأسه وفاعلية الروح القدس المُرشد الحقيقي لنفسه والموجه لطريق التقوى لكي يعمل الأعمال الصالحة حسب الكلمة المغروسة فيه، ومقدار شهادته للمسيح أمام الآخرين بأعماله وسلوكه وأقواله.
هو الذي يُعَبّر عن إيماننا الحقيقي، أو بمعنى آخر أن ترجمة الإيمان لحياة عملية تُجسد شركة النفس مع الله هو الشكل المُعبِّر عن صحة الإيمان وسلامته، وكما قال القديس يعقوب الرسول: [ما المنفعة يا إخوتي إن قال احد إن له إيمانا و لكن ليس له أعمال (الذي هوَّ ترجمة الإيمان عملياً) هل يقدر الإيمان (النظري) أن يخلصه، (فـ) إن كان أخ و أخت عريانين ومُعتازين للقوت اليومي فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا، ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد، فما المنفعة؟؛ هكذا الإيمان أيضا أن لم يكن له أعمال (مترجمة ظاهرة في حياتنا فهو) ميت في ذاته (عاطلاً، أي بلا فعل وعمل ليس بذات قيمة) لكن يقول قائل أنت لك إيمان (فكري ونظري فلسفي) وأنا لي أعمال (إيماني مُترجم بأعمال المحبة) (فـ) أرني إيمانك (الذي تتكلم عنه بعلمك) بدون أعمالك (التي تُعبِّر عن إيمانك) وأنا أُريك بأعمالي إيماني (المُترجم محبة)، أنت تؤمن إن الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون، ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل إن الإيمان بدون أعمال (لم يُترجم بأعمال محبة ظاهرة) ميت، ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال (لأنه اثبت فعلياً أنه وثق في الله وأحبه فأطاعه) إذ قدم اسحق ابنه على المذبح، فترى إن الإيمان عمل مع أعماله وبالإعمال أكمل الإيمان، وتم الكتاب القائل فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً ودُعي خليل الله، ترون إذاً انه بالأعمال (أعمال الإيمان التي تعبر عنه) يتبرر الإنسان لا بالإيمان (النظري والفكري) وحده، كذلك رحاب الزانية أيضاً (حينما آمنت بالله) إما تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر (أي ترجمت إيمانها بالله عملاً)، لأنه كما إن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان (النظري) أيضا بدون أعمال ميت (بلا عمل يُظهر المحبة، لأن الإيمان بطبيعته عاملاً بالمحبة)] (يعقوب 2: 14 – 26)
حياة عمل – هذا إذا كان حقيقي وحي فعلياً – وحياة العمل تستلزم من ناحيتنا محبة حقيقية تدفعنا للطاعة، والطاعة طاعة المحبة التي تجعلنا نبذل الجهد المتواصل ونُثابر في حياتنا الروحية، ونقبل التعيير والخسارة من أجل المسيح الرب، وذلك بإرادتنا التي انفكت وتحررت بفعل عمل نعمة الله، وهذا هو الجهاد الذي تحدث عنه آباء الكنيسة (جهاد النعمة، أو جهاد الإيمان العامل بالمحبة) وكما قال الرب بشخصه: ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة الأبدية.. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. (متى 7: 14و21)
وبناء على ذلك ينبغي أن نُدرك أن في واقع حياتنا الروحية فأن خلاصنا يتم بتلاقي عاملان مُتلازمان جداً، هذان العاملان غير متساويين في قيمتهما، إلاَّ أنه لا يمكن الاستغناء عن أي عامل منهما، لأنهما متلازمان معاً، وهما:
+ ففي حالة الإنسان، قبل السقوط، كانت استجابته لله أبيه (مصدر وجوده وحياته) بتلقائية طبيعية، بطاعة كاملة دون تفكير أو وجود شيء آخر يجذبه ويُغريه على العصيان: [أفعل أو لا أفعل، أطيع أم أعصى]، أي كانت بدون صراع، بل ممتلئة فرحاً وبهجة، فالله يتكلم والإنسان يسمع ويطيع ويستجيب فوراً وبسهولة، وذلك بمحبة أصيلة، وبتلقائية كتلقائية الأطفال في الفعل والعمل؛ ولكن في هذا العالم، وفي الوقت الحاضر، فإن في باطن الإنسان رغبة في طاعة الله، ولكن الرغبة تظل رغبة دفينة وكامنة في الإنسان إلى أن يتوب، أي يتغير بفعل نعمة الله: إذاً أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية. (رومية 7: 25)
بأنها رغبة مشتعلة في داخل القلب الجديد، لا تهدأ أو تسكت إلى أن تُتمم مشيئة الله واقعياً، ولكن تُطفأ هذه الرغبة في داخل الإنسان إذا لم يشعلها (باستمرار ودوام، بقراءة الكلمة والصلاة بكل مثابرة، والتوبة المستمرة التي لا تتوقف، والمواظبة على سرّ الشكر في الكنيسة بلا انقطاع)، وأصبح مهملاً ومستسلماً للخطية بإرادته وليس عن ضعف، ويترك لها مجال العمل في قلبه، فيعود إليها كما كان سابقاً فيبدأ يدخل في حالة الخسارة الروحية، لأن الخطية ستستنزف كل طاقته الروحية وتشل حركة الإيمان وتعود به للخلف.
الكفاح ضد الخطية، بتصميم وعناد، بل الوقوف وقفة جدية أمام العادات السيئة العميقة الجذور، والميول الناتجة من خبرة الخطية والشرّ في حياتنا؛ فصفات المؤمن الحقيقي الممتلئ من نعمة الله المجانية، هوَّ المثابرة والإخلاص للنفس الأخير، أي أنه يحيا بالأمانة إلى الموت، مستعد ان يتخلى عن أي وكل شيء من أجل فضل معرفة المسيح يسوع، وهو بالتالي دائم طلب المعونة السماوية ليستطيع أن يتغلب على رغباته وميوله المنحرفة، لأن بدون معونة القوة العُليا فأنه لن يقوى على الإنسان العتيق ولن يغلب عدو الخير ابداً مهما ما فعل وعمل من ذاته. |
|