|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لن تكون للشرّ كلمة الفصل وهذا ما تعلّمه العذراء للكنيسة
لطالما جذبتني صور سيدة الأحزان المغرورقة عيناها بالدموع والمطعون قلبها بسيف (أو بسبعة). ففي أمنا الحزينة ما يدعونا إلى التوقف للحظة والبكاء بجانبها، أو على الأقل مشاركتها ألمها. فقد قيل لها عندما كان يسوع يبلغ من العمر ستة أسابيع فقط أن السيف سيخترق قلبها. بالتالي، على مدى ثلاثة وثلاثين عاماً، سارت على الطريق الطويلة المؤدية إلى الجلجلة. وعندما حانت ساعة الرب، لم تستطع أن تفعل شيئاً. سمعان حمل له صليبه، وفيرونيكا مسحت له وجهه، لكن أمه التي أحبّته أكثر مما تحب أي أمٍّ ولدها طُلب منها أن تقف هناك باكيةً في حالة عجز. خلال هذه الأزمة في كنيستنا، أشعر كسيدة الأحزان. أصوم وأصلي وأؤلف، وإنما يبدو أن هذا لا يحدث فرقاً. أريد أن أحمل الصليب عن أولئك الذين يرزحون تحت ثقله. أريد أن أمسح الدم من عيونهم وأشجعهم على المضي قدماً. أريد فعل شيء. أريد أن أكتب السياسة السحرية التي تحفظ الأطفال أو أن أقرأ قلوب الأساقفة وأخبرهم ماذا يجب أن يفعلوا. ولكن، هذا الأمر يبدو كالوقوف دون فائدة عند أقدام الصليب ومشاهدة عذاب من أحبّ. أشعر كسيدة الأحزان، لكن أمنا لم تشعر أنها عديمة الجدوى. كانت تعلم أن حضورها مهم شأنه شأن صلاتها. كانت تعلم أن الإخلاص لحب الضحية البريئة هبة عظيمة، كما هو الوضع حالياً. لسنا نقف موقف المتفرج أمام معاناة الناجين وترنّح الكنيسة، بل نقف كشهود. عندما نبكي على الضحايا، عندما نصوم ونصلي، عندما نقرأ الشهادات ونعترف بألمهم، نعيش كسيدة الأحزان. وحبنا يعطيهم القوة، كما زوّد حب مريم ابنها بالقوة في نزاعه الأخير. لكن قلب الأم المباركة لم يكن ممتلئاً ألماً فقط عصر يوم الجمعة ذاك. فيما كانت تقف تحت الصليب تعذبها آلام ابنها الحبيب، كانت أيضاً تتحلى بالرجاء. كانت تعلم أن بشاعة الجمعة العظيمة سيليها فرح الأحد الذي لا يضاهى. كانت تعلم أن الله هو الذي سينتصر في النهاية. هذا ما يريدنا الشرير أن ننساه… ولكن! مهما يكن حجم الشر الكامن في صفوف كنيستنا كبيراً، فقد وعد الله أن الكلمة الفصل لن تكون للشرير. قال لنا الله أن أبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة. لكن هذا لا يتنبأ فقط بثبات الكنيسة وإنما أيضاً بتطهرها وقدرتها على النهوض مما يبدو فساداً لا يمكن إصلاحه، بمعونة رجال ونساء يختارون أن يكونوا قديسين رغم شر رعاتهم. الأهم من ذلك، لن تكون للشر الكلمة الفصل في حياة المتضررين من التحرش أو الفضيحة. فإن نعمة الله أكبر بكثير مما نتصور، والله الذي حوّل شر الجلجلة إلى يوم يسمى “الجمعة العظيمة” قادر أن يعمل كل شيء من أجل الخير. كما كانت مريم تعلم أن يسوع سيقوم، نحن نعلم أن الله قادر أن يشفي وأن يحوّل هذا الحزن إلى فرح. مع ذلك، مريم بكت حتى في رجائها. رغم علمها أن الأحد مقبل، كان الحزن يغمرها. تعذيب إلهنا وموته كانا فظيعين ومريم لم تدّعِ عكس ذلك فقط لأنها تتحلى بالرجاء في المستقبل. على هذا المستوى، بإمكاننا أن نتعلم من أمنا المباركة. بإمكاننا أن نعيش في الرجاء ونبكي في الوقت عينه مع الباكين. بإمكاننا أن نتعلم إعطاء القوة للمتألمين ونتضامن معهم من دون أن نسمح لحزننا أن يتعبنا. بإمكاننا أن نتعلم أن نكون حاضرين يوم الجمعة العظيمة وإنما أن نترك قلوبنا متمسكة بفرح الفصح. حتى عندما لا نستطيع الشعور بالفرح، بإمكاننا أن نطلب من سيدة الأحزان أن تساعدنا لنثق بأن الفرح آتٍ. أيها الأحباء، قد يكون يوم الجمعة العظيمة طويلاً، لكننا نعلم جميعاً على غرار مريم أن الأحد مقبلٌ لا محال! |
|