|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من أين يأتي التعليم الصحيح الذي لا يصنع شقاق
سلام في الرب سؤال وطرح يقول: من أين يأتي التعليم الصحيح الذي لا يصنع شقاق ولا خلاف؟ هل لا بد من الدراسة وتحليل الآراء ووجود خلفية ثقافية واعية للأمور ورؤية جميع الاراء المطروحة واختيار أفضلها وحسب ما هو مقنع وواضح أنه يتفق مع آباء الكنيسة الأوائل، أم ينبغي أن ننظر للعصر الحالي ونرى ما يتناسب مع الناس ونقدمه إليهم؟ أسئلة مُحيرة وتعبت كتير ومش عارف اوصل لحل سليم يُرضيني ويُرضي من أكلمهم؟
فأن مخدع الصلاة هو المكان الوحيد الذي نستقي منه الماء الحي الصالح للارتواء الحقيقي للنفس، لأن كيف نُعلِّم عن المسيح ونشرح عمله ونحن على المستوى الشخصي لم نتذوق هذا الخلاص العظيم الذي صنعه وقدمه لنا كنز غالي ثمين!
فالتعليم حسب كلمة الحق إنجيل خلاصنا، لا يعني المعرفة العقلية وحفظ المعلومات أو البحث في الحقائق جيداً ومعرفتها بشكل دراسي عميق متسع، لأن التعليم معناه يحفر ويُشكل، ففي المخدع الله لا يكلمنا مجرد كلمات خارجه من فمه نستقبلها بالفكر ومن ثم نتفلسف ونضع كلمات قوية ذات تعبيرات شديدة القوة تُشفي غليل الناس وتُشبع فضول المعرفة عندهم، هذه ليست مسيحية بل فلسفة فكرية، مثل فلسفة اليونانيين كارسطو وافلاطون.. الخ، فنحن في حياتنا الواقعية مع الله لا نتفلسف إنما نتشكل على صورة المسيح الرب، والتشكيل هنا بيد الله الرفيعة اي بروحه القدوس الناري الذي ينحت إنساننا الداخلي على صورة شخص ربنا يسوع، فهذا هو التعليم الإلهي: وهو النحت والتشكيل وتغيير الشخصية وغرس كلمة الحياة في القلب من الداخل، لكي يكون كل واحد فينا على شكل الابن الوحيد مثمراً لحساب مجده.
لأن صوت الروح يقول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة" فالموضوع فيه تذوق، يعني اختبار، اي الدخول في خبرة الحياة الجديدة التي فيها تتشكل النفس وتتغير، اي أكون انا نفسي إنساناً جديداً، أي إنسان الله، اي خليقة جديدة في المسيح يسوع، وهذا الخلق الوحيد الذي يتممه فيَّ هو شخص المسيح طالما وقفت أمامه بإيمان أنه هو القيامة والحياة، لأننا نقف امام وجه النور ليبدد ظلمة النفس ويشع نوره فينا ويجعلنا ممتلئين من نوره الخاص فنكون فعلياً نوراً للعالم وملحاً للأرض، لا بالكلام إنما بحضوره فينا بشكل خاص ومُميز.
ليس هو الموسوعة المتنقلة من المعرفة أو الدارس لغات ميتة أو حيه وعنده القدرة على الاضطلاع، ولا هوَّ صحاب المعرفة ذو الكلام المنمق الجميل العظيم العميق المدروس، ولا هو صاحب الفكر اللاهوتي الذي لا يوجد مثيلاً لهُ، بل هو إنسان الله المملوء بالروح القدس، المنفتح على الله بكل قلبه، أي أنه إناء الله الخاص المُهيء بالنعمة لحضوره، لأن الرب بيأتي للنفس التي تحفظ وصاياه لأنها تحبه وعندها يصنع منزلاً.
أي أنه الإنسان المخصص لحلول الله وسكناه، وسعيه كله أن يمتلئ من الحضور الإلهي، ومن خبرة هذا الحضور وملئه يفيض بالتعليم الحي الذي يجذب الجميع للحياة الجديدة في المسيح يسوع، فتشتهي النفوس أن تحيا مثله وتمتلئ بالله، اي تتذوق خبرة الحضور الإلهي الفائق، وبذلك تفرح وتُسر جداً وترتفع بالسر لمجد ملكوت الابن الوحيد، فترى ما لا يُرى بعين الذهن الروحي بالإيمان، لأن الخبرة هنا هي خبرة رؤية الله كهبة نعمة خاصة لكل نفس تحبه، ومن هذه الخبرة يأتي التعليم الصحيح.
فنحن لا نتعرف على إله الكتب والمناظرات والألفاظ، بل ندخل في معرفة شخصية الله، فالله محتجب عن عقل الإنسان لأنه ضعيف، ولا أتكلم عن ضعف التحصيل الدراسي أو قلة الزكاء أو عدم الاستنارة الفكرية العقلية العادية، بل اتكلم من جهة انفتاح الذهن بالروح على الله، أي الظلمة الكثيفة التي تخفي نور شمس البر، لأن الإنسان لا يرى الله إنما يرى الأفكار والآراء المختلفة في الكتب والعلوم الدراسية، لكن الله في محبته كلمنا في الأيام الأخيرة في ابنه حسب التدبير، وهذه خبرة مقدمة للجميع بلا استثناء، لأن ينبغي علينا أن نسمع صوت ابن الله الحي لكي نحيا إنساناً جديداً روحانياً، إنسان الله.
ولا يوجد غيرها من ناحية الخبرة العملية، عدا ذلك فكله كلام ليس بذات قيمة، لأننا هنا نتحدث عن الله الحي وليس إله نظري محصور بين دفتي كتاب.. قوة نعمة الله المُخلِّصة لتكن مع جميعكم لكي بها تتذوقوا فعل الخلاص الثمين كقوة مجدده لنفوسكم آمين |
|