|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خادمة امتلكت 40 مليون جنيه الثلاثاء، الثالث والعشرون من شهر رمضان يوم لا يمكن أن تنساه "ليلى" رغم مرور خمس سنوات عليه وتذكره بتفاصيله، ففى أثناء جلوسها أمام شاشة التليفزيون سمعت جرس الباب، وبمجرد أن فتحت الباب أعطاها ساعى البريد خطابًا مسجلًا بعلم الوصول. لم يكن اسم والدها مدون على الخطاب كالمعتاد، وما أثار دهشتها هو اسم نجاح السيد (مستعار)، ويحمل نفس العنوان، لتذكر أنه الاسم الحقيقي للدادة "أم محمد"، كما اعتادوا أن ينادوها فهى تعيش معهم منذ أكثر من 17 عامًا. انتظرت حتى يأتي أبوها فتعطيه الخطاب ليس لأنها تتخطى خصوصية "نجاح"، بل لأنها متغيبة عن المنزل لدواعي السفر، فهي الآن فى السعودية تؤدى مناسك العمرة برفقة "سناء" والدة ليلى، بعد أن قررت الأسرة مكافأتها بعد خدمتهم والعيش معهم كل تلك المدة. "الدهشة" كانت العامل الأكبر، هكذا وصفت ليلى حالة والدها عند تسلمه الخطاب بعد ساعتين من وصوله، موضحة أنه اتصل بالأم للاطمئنان عليها هى و"نجاح"، ثم أخبرها عن أمر الخطاب فحثته على فتحه، خاصة أنهم يعدونها أحد أفراد الأسرة، ورجحت "سناء" أن يكون هذا إنذار من البنك نتيجة لقرض أخذته الخادمة سرًا أو شىء من هذا القبيل، وأيدتها في ذلك ليلى خاصة أنها كانت تعلم أن لـ"الدادة" مسئوليات مالية تجاه عائلتها في قرية تابعة لمركز أبو كبير محافظة الشرقية. استجاب الأب لإلحاح الابنة وفتح الخطاب، لم يكن يتوقع أن تمتلك "أم محمد" مبلغًا تبلغ فائدته السنوية أكثر من ربع مليون جنيه، حسب الخطاب. اتصل الأب بزوجته التي فضلت ألا تبوح لـ"نجاح" بمعرفة العائلة بالأمر، حيث كانت الأخيرة فى الغرفة المجاورة لها بالفندق، ونصحت زوجها بالتواصل مع أحد أقاربه الذي يعمل في منصب نافذ بنفس البنك، والذى أخبره أنه من المحتمل أن يكون هناك خطأ فى البيانات، وهو أمر محتمل، ثم اتفقا أن يتقابلا فى صلاة التهجد بمسجد يتوسط المسافة بين منزلهما. حاولت الزوجة التعامل مع "نجاح" بشكل طبيعي، وألا تجعل الشك الذى يساورها يؤثر على طريقتها فى الحديث، مقررة أن تؤجل الأمر لحين التأكد من صحة ظنونها أو كذبها عن طريق البنك. في يوم الخميس 25 رمضان الماضي، ورد للأب اتصال هاتفي مفاده أن فحوى رسالة البنك صحيحة، وأن المبلغ المضاف إلى رصيد نجاح يقدر بـ355 ألف جنيه، فائدة للمبلغ الموجود بحسابها البنكي الذي يزيد على 6 ملايين جنيه، سارع بالاتصال بزوجته، متسائلا كيف لسيدة لم تتمكن من سداد مبلغ 5 آلاف كرسوم لرحلة العمرة أن تمتلك كل تلك الأموال؟!. في هذه اللحظة تذكرت سناء أول مرة قابلت فيها "نجاح"، بعد أن أشاد بها البواب، والذي قال إنها سيدة من قريته، مات عنها زوجها مؤخرًا وهي في الخامسة والثلاثين، وعلى الفور وافقت خاصة أنها كانت تريد خادمة تساعدها فى فيلا العائلة الكائنة بشارع علوبة بمنطقة الهرم محافظة الجيزة. بملابسها الرثة وحالتها الفقيرة أتت نجاح متواجدة في باحة الفيلا فى السابعة صباحًا، لم تكن تحمل الكثير من الملابس، وفى البداية اتفقا على أن يكون الراتب الشهري ثلاثمائة جنيه، واختارت أن تسكن معهم، على أن تذهب لقريتها مساء كل خميس، ثم تعود صباح السبت، واستمر هذا الحال حتى باتت كفرد من أفراد العائلة وأصبحت تعود للشرقية كل عدة أسابيع طوال. كيف لسيدة تتقاسم معهم الحياة، متكفلين بقوتها وعلاجها، أن تُخفى حياة موازية لا يعرفون عنها شيئًا؟!. تقول ليلى: هذه النوعية من الأسئلة ظلت تطرح نفسها بشكل يومى، موضحة أن الأب والأم اتفقا على ألا يتحدثا معها في هذا الشأن لحين العودة إلى مصر. لساعتين ظل "ًمصطفى" منتظرًا فى صالة "2" بمطار القاهرة، وفي السابعة مساءً كان إعلان وصول الطائرة وعلى متنها سناء، لم يستقبلها كعادته بترحاب، رغم أنها كانت أطول فترة تتغيب فيها زوجته عن المنزل. تؤكد "ليلى" أن أم محمد بدأت تشعر بتغير المعاملة بعد عودتهم من السفر، إلا أنهم قرروا تأجيل الحديث معها حتى ينتهي الأقارب من المجىء لتهنئة سناء بالعودةّ، مضيفة أنه بعد عودة والدها من العمل في اليوم الرابع من الوصول. وكالعادة بدأت "نجاح" في تجهيز الطعام والمائدة، وأثناء ذلك، دخل "مصطفى" غرفة المعيشة حاملًا خطابًا كالذي تسلمته "ليلى" سابقًا، إلا أنه كان يحوي كشفًا تفصيليًا يخص حسابها البنكى، والطريف فى الأمر أن حركة الحساب لم تشمل أي عملية سحب، ما ووضع الخادمة في حالة من الارتباك، حتى سقطت الورقة على الأرض. "كانت تصدر الوهم طوال تلك المدة" شعور تسرب إلى عائلة مصطفى، حيث اتضح لهم أن نجاح تمتلك معرضًا للأجهزة الكهربائية رأسماله يتعدى عشرة ملايين جنيه. فسرت "نجاح" الأمر، قائلة إنه بعد وفاة زوجها وابنها "محمد" في حادث سيارة، حصلت على تعويض مالي يبلغ مائة ألف جنيه، علاوة على ميراثها من والدها وزوجها، وبعملها كخادمة وصل الراتب لـ٢٥٠٠جنيه بالتدريج، لم تكن تنفق منهما شيئا، فالأسرة التي تعمل لديها كانت تتكفل بالغذاء والكساء والعلاج بالكامل، وبعد معرفة تلك التفاصيل، قرروا الاستغناء عن خدماتها. بعد أسبوع تلقت "سناء" اتصالات متكررة على الهاتف الارضي، تسأل عن "نجاح"، لتعلم مفاجأة أخرى، حيث كانت تستغل إمكانيات المنزل لتعد الطعام للمناسبات والعزائم "كمشروع للطهي المنزلي" وتقوم ببيعه وإيصاله للمنازل. لم تنته الحكاية عند ذلك، حيث ورد اتصال هاتفى لرب المنزل، قال فيه المتصل إنه "من طرف الدادة أم محمد"، معرفا نفسه بأنه محامٍ يريد مقابلته، ليكشف له خلال اللقاء أن "نجاح" توفيت، وأنها أوصت بكل ممتلكاتها، والتي تتضمن معرضًا للأدوات المنزلية، ومنزلًا مكونًا من خمسة طوابق بمدينة الزقازيق في الشرقية، وقطعة أرض في قريتها تقدر بعشرة أفدنة زراعية، باسم "ليلى" ابنتهم الوحيدة، ما يقدر بـ40 مليون جنيه، ليكون الأمر بمثابة اعتذار عن تصرفاتها، والتى بررتها في وصيتها بالخوف من إبعادها عن العائلة، وهو ما حدث بالنهاية. بحثت الأسرة في شرعية الوصية بعدها، لتقرر أخيرًا قبولها، وإنشاء مؤسسة خيرية رأسمالها فوائد المبلغ الذى أُودع باسم الابنة فى البنك، تخليدًا لروح "نجاح". |
|