|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اليوم السادس (السبت) من الاسبوع الثاني من الصوم الكبير الانجيل : 13 ادخلوا من الباب الضيق لانه واسع الباب و رحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك و كثيرون هم الذين يدخلون منه 14 ما اضيق الباب و اكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة و قليلون هم الذين يجدونه 15 احترزوا من الانبياء الكذبة الذين ياتونكم بثياب الحملان و لكنهم من داخل ذئاب خاطفة 16 من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا 17 هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية 18 لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة 19 كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار 20 فاذا من ثمارهم تعرفونهم 21 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات + + + الباب الضيق حياة النقاوة التي تؤهّل القلب لمعاينة الله ليست إلا شركة آلام مع المسيح المصلوب، لهذا يقول الرب نفسه: "ادخلوا من الباب الضيق، لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدّي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب، وأكرب الطريق الذي يؤدّي إلى الحياة، وقليلون هم الذين يجدونه" [13-14]. + دُعي الطريق كربًا وضيقًا لكي يخفّف من أتعابنا، ولكي يُعلن أن الأمان عظيم والمسرّة عظيمة... الطريق كرب والباب ضيّق، لكن المدينة التي ندخلها ليست هكذا، لهذا لا نطلب هنا الراحة كما لا تتوقّع ألمًا هناك. القدّيس يوحنا الذهبي الفم + كرب هو الطريق الذي يدخل بنا إلى الحياة، وضيّق أيضًا، لكن المكافأة رائعة وعظيمة إذ ندخله في مجد! القدّيس كبريانوس + الباب الواسع هو الملاذ العالميّة التي يطلبها البشر، والباب الضيّق هو الذي ينفتح خلال الجهاد والأصوام كالتي مارسها الرسول بولس: "في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام" (2 كو 6: 5)، "في تعبٍ وكدٍّ، في أسهارٍ مرارًا كثيرة، في جوعٍ وعطشٍ، في أصوامٍ مرارًا كثيرة في بردٍ وعُرْيٍ" (2كو11: 27). وقد شجّع الرسول بولس تيموثاوس على ممارستها: " فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع، وما سمعته منّي بشهود كثيرين أودِعه أناسًا أمناء يكونون أكفّاءً أن يُعلِّموا آخرين أيضًا، فاشترك أنت في احتمال المشقّات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس أحد وهو يتجنّد يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنَّده، وأيضًا إن كان يجاهد لا يكلّل إن لم يجاهد قانونيًا." (2 تي 2: 1-5) لاحظ بتدقيق كيف يتكلّم عن كِلا البابين. فالغالبيّة العُظمى تدخل من الباب الواسع، بينما قليلون هم الذين يكتشفون الباب الضيق. إننا لا نبحث عن الباب الواسع، ولا حاجة لنا مطلقًا أن نكتشفه، إذ هو يعرض نفسه علينا تلقائيًا. أمّا الباب الضيّق فلا يجده الكل، وحتى الذين يجدونه فليس جميعهم يدخلونه، إذ كثيرون بعد اكتشافهم باب الحق تجتذبهم ملاذ الدنيا ويرجعون من منتصف الطريق. ( القدّيس جيروم ) يقول العلاّمة أوريجينوس أن الطريق الرحب يحوي زوايا كثيرة، عندها يقف المراءون للصلاة كي يراهم الناس فينالون أجرتهم (مت 6: 5). وعلى العكس الطريق الكرب لا يحوي زوايا شوارع يقف عندها المؤمن، بل يسرع منطلقًا إلى الحياة الأبديّة خلال الباب الضيق. لا يجد المؤمن في الطريق ما يبهجه فيستقر عنده، لكنّه يتّجه نحو السيّد المسيح سرّ بهجته وحياته. الباب الضيّق هو باب الملكوت الذي لن يدخله إلا رب الملكوت يسوع المسيح الذي بلا خطيّة وحده، والطريق الكرب ليس إلا صليبه الذي لا يمكن لأحد أن يعبر فيه سوى المصلوب. لهذا لن ننعم بالدخول من الباب الضيّق، ولا السير في الطريق الكرب، إلا باختفائنا في يسوع المسيح المصلوب وثبوتنا فيه. بهذا يتحوّل الكرب والضيق إلى بهجة اتّحاد مع المصلوب. 5. الأنبياء الكذبة كما حذرنا السيّد المسيح من الحروب الخفيّة وحب الظهور التي تفسد نقاوة القلب، وتنزع بساطة العين الداخليّة، يحذّرنا أيضًا من الحروب الخارجيّة، خلال الأنبياء الكذبة والهراطقة وضد المسيح... هؤلاء الذين يحملون مسحة التقوى الخارجيّة، بينما قلوبهم ذئاب خاطفة. يقول السيد: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب حملان، ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة" [15]. هكذا يحذّرنا السيّد من الأنبياء المخادعين الذين "يلبسون ثوب شعر لأجل الغش" (زك 13: 4). يتظاهرون بالحياة النسكيّة وشكليّات الورع لخداع الكثيرين، أو كما يقول الرسول: "مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون مغيّرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح" (2 كو 11: 13-14)، وذلك كرئيسهم الوحش الذي يتظاهر بصورة السيّد المسيح الحمل، إذ له "قرنان شبه خروف" (رؤ 13: 11) وقد حذّرنا آباء الكنيسة كثيرًا من المخادعين. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [من يصرخ بما هو لله بصوت التواضع الحقيقي والاعتراف الحق للإيمان فهو حمل، أمّا من ينطق بتجاديف ضدّ الحق وعداوة ضدّ الله فهو ذئب.] كما يقول القدّيس جيروم: [ما يُقال هنا عن الأنبياء الكذبة يفهم عن كل من ينطق بغير ما يسلك به عمليًا، لكنّه يخصّ بالأكثر الهراطقة الذين يظهرون لابسين العفّة وصوّامين كزيّ للتقوى، أمّا روحهم في الداخل فمملوءة سمًا، بهذا يخدعون البسطاء من الإخوة.] يُعلن السيّد أن الأنبياء الكذبة واضحون، يمكن تمييزهم عن أولاد الله الحقيقيّين، بقوله: "من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنبًا؟أو من الحسك تينًا؟هكذا كل شجرة جيّدة تصنع أثمارًا جيدًا، وأما الشجرة الرديّة فتصنع أثمارًا رديّة. لا تقدر شجرة جيّدة أن تصنع أثمارًا رديّة، ولا شجرة رديّة أن تصنع أثمارًا جيّدة. كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار، فإذًا من ثمارهم تعرفونهم" [16-20]. استخدم بعض الهراطقة هذه الكلمات الإلهيّة للادعاء بوجود طبيعتين متعارضتين فالبعض بطبعهم صالحون والآخرون أشرار، ولا يمكن للصالحين أن يصنعوا شرًا وللأشرار أن يصنعوا خيرًا، وكأن الإنسان مسيّرا لا يدّْ له في اختيار الطريق، إنّما طبيعته هي التي تملي عليه سلوكه. هذا الأمر يتنافى مع محبّة الله وتقديسه لحرّية الإرادة الإنسانيّة، كما يتنافى مع عدله إذ كيف يجازينا عن تصرفات ليس لنا حرّية السلوك بها أو الامتناع عنها؟ نقتطف هنا بعض كلمات القدّيس جيروم: [لنسأل هؤلاء الهراطقة الذين يؤكّدون وجود طبيعتين متعارضتين، إذ يفهمون كما لو أن الشجرة لا يمكن أن تأتي بثمر رديء (حتى إن انحرفت)، إذ كيف أمكن لموسى - الشجرة الصالحة - أن يخطئ عند ماء الخصومة؟ أو كيف أنكر بطرس الرب عند آلامه، قائلاً: لا أعرف الرجل؟ أو كيف أمكن لحمى موسى - الشجرة الرديئة - الذي لا يؤمن بإله إسرائيل أن يقدّم مشورة صالحة؟] هذا القول لا يحمل تعارضًا مع كلمات السيّد المسيح، فالشجرة الصالحة لا تثمر إلا ما هو صالح مادامت في يدّ الله مستمرّة في صلاحها، لكنها إن انحرفت ولو إلى حين وتحوّلت إلى شجرة شرّيرة تخطيء لتعود بالتوبة فتأتي بالثمر الصالح من جديد. وهكذا أيضًا بالنسبة للشجرة الرديّة فإنها تبقى تعطي ثمرًا رديًا حتى متى صارت صالحة بالقدّوس الصالح تقدّم ثمرًا صالحًا. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه لم يقل أن الشجرة الرديّة لا يمكن أن تصير صالحة، وإنما قال لا تحمل ثمرًا جيدًا مادامت هي رديّة!] إن كنّا شجرًا رديًا فقد جاء السيّد المسيح التفاحة الصالحة، الذي قيل عنه: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين، تحت ظلِّه اشتهيت أن أجلس وثمرته حُلوة في حلقي" (نش 2: 3). نتطعَّم فيه، فنصير أغصانًا صالحة، تأتي بثمر كثير. لهذا يقول: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5). إذ نثبت فيه نحمله داخلنا، كسرّ صلاحنا وبرّنا، وكما يقول القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: [لقد صار مطيعًا ذاك الذي أخذ ضعفاتنا وحمل أمراضنا، شافيًا عصيان البشر بطاعته. فبجراحاته يشفي جرحنا، وبموته يطرد الموت العام عن البشر.] كنّا أشجارًا رديّة تحمل شوكًا وحسكًا، لا نقدر أن نثمر عنبًا أو تينًا، لكننا في المسيح يسوع ربّنا تحوّل شوكنا إلى كرم يثمر عنبًا جديدًا، وحسَكنا إلى شجرة تين جديدة. خارج المسيح تكون لنا طبيعة الأرض الساقطة تحت اللعنة فتنتج حسكًا وشوكًا (تك 3: 18)، هذه التي نخلعها في مياه المعموديّة لنحمل الطبيعة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع لنحمل فينا عنبًا وتينًا. بهذا نفهم كلمات السيد: "اجعلوا الشجرة جيّدة وثمرها جيدًا" (مت 12: 33). وللقدّيس يوحنا الذهبي الفم تعليق جميل على العنب والتين، [يحوي العنب في داخل سرّ المسيح، فكما يحوي العنقود الكثير من الحبات مترابطة معًا خلال فرع العنقود الخشبي، هكذا للمسيح مؤمنون كثيرون يتّحدون معًا خلال خشبة الصليب. والتين يمثّل الكنيسة التي تضم داخله جموع المؤمنين في حضن المحبّة الحلو، وذلك كما تحوي التينة بذارًا كثيرة داخل غطائها الواحد. فالتينة تمثل المحبّة في حلاوتها والوحدة في اتّحاد البذار الكثيرة معًا. أمّا العنب فيقدّم لنا مثالاً للصبر، إذ يدخل المعصرة؛ كما يُشير إلى الفرح إذ تفرح الخمر قلب الإنسان؛ ويشير إلى الإخلاص حيث لا يمزج بماء؛ وإلى الحلاوة إذ هو شهي. أمّا الشوك والحسك فيشيران إلى الهراطقة إذ يحملون الأشواك من كل جانب. هكذا ترى خدّام الشيّاطين مملوئين بالمخاطر من كل ناحية. مثل هذا الشوك والحسك لا يقدّم للكنيسة ثمارًا.] في اختصار أقول أننا في المسيح يسوع ربّنا نخلع أعمال الإنسان القديم من شوكٍ وحسكٍ، أي الأعمال الأرضيّة، لكي نحمل فينا العنب والتين الروحي. يصير كل منّا أشبه بحبة العنب التي ترتبط بإخوتها خلال الصليب (الفرع الخشبي) والتي يلزم أن تجتاز المعصرة وتحتمل الضيّق مع ذاك الذي قال: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 3). وليدرك كل واحد منّا - مهما بلغت مواهبه أو قدراته أو مركزه الروحي أو الاجتماعي أو رتبته الكنسيّة - أنه ليس إلا بذرة في التينة المقدّسة، لا قيمة لها في ذاتها خارج الجماعة المقدّسة، ولا عذوبة لها إلا بثبوتها في غلاف المحبّة الحلو الذي الحلو الذي يضم الجميع معًا بروح الاتفاق والسلام! هذا هو ما يفرِّح قلب الله أن نصير له خمرًا روحيًا اجتاز المعصرة، وأن نسلك بروح الحب الكنسي الحق، وليس أن نحمل مجرّد شكليّات العبادة أو ألفاظ الإيمان النظري، لهذا يقول السيّد مؤكّدًا: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب أليس باسمك تنبّأنا؟ وباسمك أخرجنا شيّاطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟فحينئذ أصرِّح لهم أني لا أعرفكم قط. اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم" [21-23]. يحدّثنا السيّد عن يوم مجيئه الأخير، حيث فيه يلتقي مع الأشرار لا كعريس مفرح بل كديّان مرهب، لا تشفع فيهم صلواتهم الطويلة الباطلة، ولا كرازتهم باسمه، ولا إخراجهم الشيّاطين وصنعهم قوات باسمه... فهو لا يعرفهم لأنهم فعلة إثم. الله يعرف أولاده وخدّامه المقدّسين، ولا يعرف الأشرار فعلة الإثم، لهذا عندما سقط آدم في الخطيّة سأله: أين أنت؟ وكما يقول القدّيس جيروم: [كان الله يعرف أن آدم في الجنّة، ويعلم كل ما قد حدث، لكنّه إذ أخطأ آدم لم يعرفه الله، إذ قال له: أين أنت؟] كأنه لا يراه، لأن آدم اعتزل النور الإلهي والبرّ، فصار تحت ظلال الخطيّة وظلمة الموت.] يُعلّق القدّيس أغسطينوس على قول السيد: "لا أعرفكم" هكذا: [لا أراكم في نوري، في البرّ الذي أعرفه.] فالله لا يرانا في نوره عندما نطيل الصلوات باطلاً أو نكرز باسمه أو نصنع قوّات وإنما حينما نحيا معه وبه ونسلك طريقه. وفيما يلي بعض تعليقات للآباء في ذلك: + إنهم يتعجّبون لأنهم يعاقبون مع أنهم صنعوا معجزات، أمّا أنت فلا تتعجّب لأن كل المواهب إنّما أُعطيت لهم كهبة مجّانيّة لم يساهموا فيها من جانبهم بشيء، لذا فهم يعاقبون بعدل، إذ هم جاحدون مَن أكرمهم... لنخف أيها الأحبّاء ولنهتم بحياتنا جدًا فلا نُحسب أشرارا لأننا لم نصنع معجزات الآن. لأن المعجزات لا تفيدنا في شيء وكما أن عدم صنعها لا يضرّنا، إنّما نهتم بكل فضيلة. القدّيس يوحنا الذهبي الفم + كتابة أسمائنا في السماء برهان على حياتنا الفاضلة، أمّا إخراج الشيّاطين فهو هبة من المخلّص، لذلك يقول للذين يفتخرون بعمل القوات دون ممارسة الحياة الفاضلة: "لا أعرفكم"، إذ لا يعرف الله طريق الأشرار. القدّيس أثناسيوس الرسولي + + + |
|