لست وحدى ...
كثيرا ما ينتابنى شعور بالكآبة .. أحيانا تكون لها أسباب في مفردات حياتى و أحيانا ليس لسبب واضح بعينه لدرجة انى استذنب نفسى لهذا النكد الغير مبرر... كثيرا ما المح ( اقفش ) وجهى في مرآة السيارة و انا انظر لمن خلفى بعبوسة وجهى فابتسم و أقول ذنب ايه البشر يشوفوا الوش العكر ده ... كثيرا ما أقول كفاية كده ...هذا يكفى ... و في الحقيقة ليس اشتياقا للابدية بل حالة من القرف و سدة النفس و الزهقان .. و مع ضغوط الحياة ازدادت حدة نوبات الكآبة الغير مبررة بسبب واضح ... فالذى يكتئب مثلا لانه فقد محبوب لديه هذا امرا إنسانيا طبيعيا لكن بلا سبب واضح هذا امر مختلف .. الى ان اسند الى محاضرة في احدى كنائس شبرا امس عن الكآبة ... فكان لزاما عليا البحث في الموضوع بأكثر تدقيق ... وجدت ان هناك دعوة ملحة من ربنا لنا ان نفرح ... معلمنا بولس يقول في فيلبى اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا. ... و يقول في تسالونيكى افرحوا كل حين ..و معلمنا بطرس يقول بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ... كلمة لكى دى معناها لو ما فرحناش مش حينفع نخش السما... قلت لنفسى طالما دى وصية ربنا لينا و دعوته المفرحة لينا يبقى اكيد الكآبة حرب من الشيطان لانه المضاد ... يشوف ربنا عاوز ايه و يزقنا لعكسها ... لقيت ناس قديسين عظام اتعرضوا للكآبة في أوقات بلا مبرر ... ارميا النبى في اصحاح 20 في اية 13 كان لسه بيقول
رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، سَبِّحُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُ قَدْ أَنْقَذَ نَفْسَ الْمِسْكِينِ مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ... رنموا يعنى فرحان و متعزى ... و هووووب في اية 14 انقلبت الحكاية و اسودت خالص .. فيقول
مَلْعُونٌ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ! الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْنِي فِيهِ أُمِّي لاَ يَكُنْ مُبَارَكًا!
15 مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي بَشَّرَ أَبِي قَائِلاً: «قَدْ وُلِدَ لَكَ ابْنٌ» مُفَرِّحًا إِيَّاهُ فَرَحًا.
16 وَلْيَكُنْ ذلِكَ الإِنْسَانُ كَالْمُدُنِ الَّتِي قَلَبَهَا الرَّبُّ وَلَمْ يَنْدَمْ، فَيَسْمَعَ صِيَاحًا فِي الصَّبَاحِ وَجَلَبَةً فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ.
17 لأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْنِي مِنَ الرَّحِمِ، فَكَانَتْ لِي أُمِّي قَبْرِي وَرَحِمُهَا حُبْلَى إِلَى الأَبَدِ.
18 لِمَاذَا خَرَجْتُ مِنَ الرَّحِم، لأَرَى تَعَبًا وَحُزْنًا فَتَفْنَى بِالْخِزْيِ أَيَّامِي؟
ده واحد بيلعن اليوم اللى اتولد فيه و بيدعى على اللى قال الخبر لابوه و كان بيتمنى ان يكون رحم امه قبر ... سواد سواد يعنى ما فيش كلام ... طب ما انت كنت لسه فرحان !!!
الكآبة هي محاولة الشيطان لسرقة فرح يريد الله ان يعطيه لنا .. و لانى قعدت ادور عن معانى الكآبة لقيت بولس الرسول اللى بيدعونا للفرح هو نفسه اتعرض للكآبة يقول كده في كورنثوس الثانية اصحاح 4
مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ.
9 مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ.
و في الحقيقة لما قريت الايات دى اتغاظت .... هو ايه مكتئبين في كل شيء بس مش متضايقين ...متحيرين و مش راسين على بر بس ما نيأسش ...ايه اللى مضطهدين بس مش متروكين طب و مضطهدين ازاى يعنى ...؟!! مطروحين ...يعنى مرمين بلا قوة لكن غير هالكين ...
يعنى اربع حاجات تغيظ ... مكتئبين .. متحيرين .. مضطهدين ...مطروحين ...
لقيت في أصول اللغة ان هذه التعبيرات استخدمها بولس الرسول كتعبيرات رياضية دارجة لان كورنثوس كان بيتلعب فيها اولمبيات و علشان كده كان يكلمهم بلغتهم الدارجة ..علشان كده جه في مرة قال اركضوا حتى تنالوا و ان واحد له الجعالة ( الكاس او الجايزة ) فطلعت المعانى اللى يقصدها كده
مكتئب = وصف للى يقع فيا يد خصمه الذي يصارع ضده عاجزًا عن المقاومة.
متحير = اللى يقف في حيرة أمام مهارة خصمه مش عارف يعمل معاه ايه " هنا جه في بالى المشهد المضحك بتاع فول الصين العظيم و محى بيقابل بتاع السومو التخين و جد حبيبته بيقوله ترفعه و تلفه و توقعه على الأرض و رد محى ياصلاة النبى ...ههههههه
مَطْرُوحِ = مصارع سقط ملقياً على الأرض، و انكسر
مضطهد = من فاته السباق وعجز عن اللحاق بالآخرين.
كلها تعنى اننا في ورطة امام خصم شرس و لكن لا تعنى النهاية لانه هو قال قبلها انا لنا الكنز في اوانى خزفية ...احنا الاوانى لكنا فينا قوة مخفاة ...كنز حقيقيى .. عمل الروح فينا .. اللى بره خزف ...هش .. حساس لاى حاجة ..ينكسر بسرعة ... اللى جوة قوة لا حدود لها اذا ما اطلقت و لم نقيدها .. و يكون المردود برضه 4 لكن غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ / غَيْرَ يَائِسِينَ / غَيْرَ مَتْرُوكِينَ / غَيْرَ هَالِكِينَ ...
لا تلوموا أنفسكم على الكآبة فجميعنا نسقط فيها و لكن فلنقاوم و نسنتبسل ان نحفظ الفرح الذى اعطى لنا مجانا ... كل ما تقف قدام ربنا قول له رد لى بهجة خلاصك ... مش عاوز بس خلاصك لكن عاوز معاه فرحته علشان اعرف افرح معاك ... الشيطان نكدى و يدعوا للنكد و العبوس و الكآبة و تعكير صفو نفوسنا ... الابتسامة حياة .. الفرح عطية ... السعادة قرار .. الله مفرح القلوب و مجبر المنكسرين يستطيع ...فلنرفع الستائر المظلمة و نفتح النوافذ ليدخل النور .. لا تنتظروا من العالم فرحا زائفا ..
نبيل شحاتة