|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تاريخ حافل بالشخصيات والأحداث و عودة المسيحية إلى السودان كان لدخول الأقباط إلى السودان في عصر محمد علي دوره في عودة المسيحية إلى السودان بعد زوالها لفترة طويلة منذ انتشار الإسلام به. وقد شكل الأقباط جالية متميزة في المجتمع السوداني؛ فعلى الرغم من قلتهم العددية فإن دورهم في شتى مجالات ونواحي الحياة بالسودان كان حاضرًا ومؤثرًا، وخاصة في النواحي الإدارية والاقتصادية والتعليمية، وتداخلوا في المجتمع السوداني بشكل ملحوظ، قلَ أن يوجد له مثيل، فمن استقر منهم بالسودان أصبح السودان وطنه، ولم يجد غضاضة في الحصول على الجنسية السودانية، بل كان منهم من سعى إلى الحصول عليها بشتى الطرق؛ حتى يكون استقراره مبنيًّا على مبدأ المواطنة. هذا ولا يزال أقباط السودان يعيشون حياة كريمة هناك، ويؤدون دورهم في المجتمع السوداني. فكانت عودة المسيحية إلى السودان ثانية في العصر الحديث على يد الأقباط، الذين دخلوا السودان عقب فتح محمد علي له عام 1820م، وشيدوا الكنائس، وقاموا بتأدية شعائرهم الخاصة بديانتهم، واتخذ العديد منهم السودان وطنًا لهم، إلا أن الظروف السياسية التي مر بها السودان حالت دون استمرار وجود الأقباط فيه؛ فعندما قامت الثورة المهدية تعرضوا للاضطهاد، وأُجبروا على تركه مع خروج الجيش المصري والمصريين وغيرهم من السودان، ومن بقى منهم أجبر على اعتناق الإسلام. إلا أن هذا الخروج لم يستمر طويلاً فلم تلبث الأوضاع السياسية أن تغيرت، وتم استرداد السودان عام 1898م، وبناء عليه عاد الأقباط ثانية إليه. وقد تواجد الأقباط بطوائفهم الثلاث بالسودان؛ فكانت طائفة الأقباط الأرثوذكس لها الأغلبية، وانتشروا في العديد من مدن السودان الشمالي، وأهتم أبناؤها اهتمامًا كبيرًا بالحفاظ على دينهم في البلاد التي هاجروا إليها؛ فعقب ذهابهم إلى السودان طلبوا من البطريركية في مصر تعيين رجال دين لهم؛ ليقوموا بتأدية شعائرهم الدينية، كما قاموا من تلقاء أنفسهم بتشييد العديد من الكنائس بالمدن التي تواجدوا بها، ولم يتوانوا في بذل أموالهم لإتمام بنائها وعلو شأنها. وكان الأقباط الكاثوليك الطائفة الأقل وجودًا ونشاطًا بالسودان، إلا أن طائفة الأقباط الإنجيليين كان لها نشاط كبير يأتي بعد طائفة الأقباط الأرثوذكس، وقد أثمر هذا الإهتمام والنشاط عن وجود كنائس إنجيلية بالعديد من المدن السودانية. وقد كان الأنبا “صرابامون” أول أسقف لطائفة الأقباط الأرثوذكس بالسودان بعد القضاء على الثورة المهدية، وبداية الحكم الثنائي، وقد كان اختياره موفقًا على الرغم من أنه لم يكن مرشحًا أصلاً لهذا المنصب؛ فقد أثبتت الأيام أن هذا الرجل كان له فضل كبير في نهضة الكنيسة القبطية في السودان بعد تعثرها أثناء المهدية. وبمرور الوقت تحول كرسي السودان في 29 يونية 1947م إلى أبروشيتين، لكل منهما مطران؛ الأولى: أبروشية الخرطوم والجنوب، ورسم عليها الأنبا “يؤانس”، الثانية: أبروشية أم درمان والشمال، ورسم لها الأنبا “باخوميوس”. كما كان للجمعيات القبطية الأرثوذكسية في السودان دور كبير في ترسيخ مبدأ الديمقراطية الإنتخاب؛ حيث كانت لا تأتي إلا بانتخاب الشعب القبطي. وكان من مهام الجمعيات إنشاء الكنائس والمدارس وإصلاحها، وكذلك إدارة شئون الكنائس، فكانت تتولى أمر البناء بداية من التفكير فيه، ووضع تصور له، مرورًا باختيار من يقوم بالتنفيذ حتى اكتماله، والإشراف عليه بعد عمله، بالإضافة إلى النظر في شئون الطائفة القبطية عامة. وقد تولى الأقباط منصب القضاء بالمحاكم السودانية أسوة بذويهم في مصر. بالإضافة إلى الاستعانة بالخبرات العلمية للأقباط في المجالات العلمية والبحثية والفنية. كما كان منهم الأطباء الذين كان لهم دور في الارتقاء بالناحية الصحية للسودانيين وغيرهم، وكذلك نشر التوعية الطبية بينهم. أيضا كان لهم الدور الكبير الذي لعبوه في تجارة الأقمشة بكافة أنواعها، فقاموا باستيرادها من مصر، وعلى وجه الخصوص من بلدة نقادا، وصار منهم تجار “مانيفاتورة”، وباعوا بالجملة والتجزئة. وكان لاتساع هذه التجارة وازدهارها دور في زيادة طموح الأقباط، فاتجهوا إلى الأقاليم المختلفة بالسودان، ونجحوا في وضع اللبنات الأولى لتجارة الأقمشة بها. ونتيجة لنشاطهم التجاري الكبير أصبح منهم أعضاء في الغرفة التجارية السودانية، واستعانت الحكومة ببعضهم في وضع القوانين التجارية للسودان، وكذلك الأخذ بمشورتهم في اتخاذ الإجراءات والقرارات المتعلقة بتجارة السودان. كما كان يتم الاستعانة بالبعض منهم في المحاكم إذا كانت القضية المنظورة تتعلق بأحد التجار. لقد لعب التجار الأقباط دورًا كبيرًا في توثيق العلاقات التجارية بين مصر والسودان؛ حيث كانت مصر طريق التجارة الخارجية للسودان إلى العالم. كما يمكننا القول إنهم قاموا بدور فعال في التجارة السودانية عمومًا والداخلية على وجه الخصوص خلال فترة الحكم الثنائي. وكان الأقباط من أوائل المشاركين في مجال إقامة دور العرض السينمائية في السودان؛ حيث جاءت مشاركتهم في وقت كانت فيه مشاركة أي شرقي في هذا العمل صعبة إن لم تكن مستحيلة، فكسروا بذلك الحواجز، وجاهدوا في سبيل الوصول لهذا الهدف، ولا شك في أن هذا كان له مردود إيجابي على المجتمع السوداني. وقد تغلغل الأقباط في نسيج الحركة الوطنية السودانية، ومشاركتهم في الحياة السياسية مشاركة فاعلة، وذلك منذ بدايات الحركة الوطنية، كما شارك الأقباط في تأسيس الجمعيات السياسية؛ مثل جمعية الاتحاد السوداني وجمعية اللواء الأبيض التي مهدت لثورة 1924م، وشاركوا في مظاهرات وأحداث هذه الثورة، وكان منهم من سقط شهيدًا خلال هذه الأحداث، ومنهم من قدم للمحاكمة، وحكم عليه بالسجن، ومنهم من أبعد من السودان على أثر اشتراكه في أحداث الثورة. قد تداخل الأقباط مع المجتمع السوداني، وقاموا بالعديد من الأنشطة المجتمعية النافعة لهم ولغيرهم، وذلك من خلال المكتبات القبطية التي كان لها دور اجتماعي، ومشاركتهم في أنشطة النادي المصري، الذي أدى رسالة اجتماعية وثقافية كبيرة لأبناء الجالية المصرية على وجه الخصوص، ولأبناء السودان على وجه العموم، وكذلك بعض الجمعيات السودانية. وقام الأقباط بدور كبير وفعال في تشجيع النشاط الرياضي، ليس في محيط الجالية القبطية فحسب، وإنما في محيط المجتمع السوداني. ولم تكن نواديهم الخاصة مانعًا لهم من الاشتراك في النوادي الأخرى سواء المصرية أو السودانية، من أجل تدعيم النشاط الرياضي والنهوض به خدمة لمجتمعهم. كما رأينا دورهم الكبير في نشأة نادى المريخ وتدعيمه. و تفاعل الأقباط بشكل إيجابي مع النكبات التي كان يتعرض لها مجتمعهم، سواء المحيط بهم أو البعيد عنهم، وتعاملوا معها بسرعة كبيرة كأحد مكونات هذا المجتمع لإزالة الآثار السلبية لها. جدير بالذكر أن العلاقة بين المسلمين والأقباط كانت طيبة يسودها جو من الود والاحترام المتبادل بين الطرفين، وكذلك المشاركة في الأفراح والأحزان، ولكن كانت تحدث في بعض الأحيان مواقف تعكر هذا الصفو قليلاً، إلا أنها لم تلبث أن تزول، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه. هذا الخبر منقول من : وطنى |
|