طرق محاربة الشيطان للإنسان
وكيفية مجابهتها
هذه المقالة جواب نطق به أحد الآباء عندما سأله أحدهم
كيف يستطيع إنسان يعيش في العالم أن يجاهد ويصارع أهواءه وتجاربه الحاصلة له ؟
يقول الآباء القديسون أن الشيطان يجرّب الإنسان السائر في طريق الخلاص
ويحاربه من جوانب ثمانية هي التالية
من الخلف من الأمام من الشمال من اليمين من الأسفل من الأعلى من الداخل ومن الخارج
1- يجرّب الشيطان الإنسان ويحاربه من الخلف عندما يتذكر الإنسان باستمرار خطاياه السالفة التي إقترفها وأعماله السيئة. ويعيدها في ذاكرته مصحوبة إما بالشعور باليأس أو بالتلذذ والشهوة. هكذا إذاً، إن تذكّر الخطايا السالفة التي إقترفت في الماضي هو تجربة شيطانية
2- يجرّب الإنسان من الأمام بالخوف من المستقبل الذي يمتد أمامنا. ماذا سيصير بنا؟ أو بالعالم؟ كم من الأيام سنعيش أيضاً؟ هل سنكون أصحاء؟ ألن يعترينا مرض ما؟ هل سنملك طعاماً لنأكل؟ هل ستنشب حرب؟ أو يستجد حدث هام مخيف لنا؟ وبشكل عام الظنون والتنبوءات المتنوعة وكل شيء يولّد فينا خوفاً من المستقبل. هذا النوع من الحرب الشيطانية شرير ويجلب القلق والإضطراب إلى النفس الإنسانية
3- يجرّب الإنسان من اليسار عندما يحثّه الشيطان للقيام بالخطايا مباشرة، بالأعمال التي هي خاطئة وسيئة ومضرة. هذه هي التجربة ذات الدعوة الصريحة للخطيئة. أن يخطئ الإنسان مباشرةً أو عمداً
4- يجرّب الشيطان الإنسان من اليمين بطريقتين:
الأولى: عندما يقوم الإنسان بأعمال حسنة، لكنه يصنعها بهدف شرير وبدافع غير صالح. مثلاً، عندما يفعل الصلاح بدافع حب المجد، أو كي يمدحه الناس أو بغية الحصول على مركز ما. أو لكي يتفاخر ويتعظم. وبكلام آخر عندما يفعل الصلاح بدافع حب المجد أو حب الربح والكسب أو الطمع والجشع. إن القيام بالصالحات بمثل هذه الطريقة هو خاطئ وشرير، ويشبّهه الآباء القديسون بجسد لا نفس فيه، لأن الهدف الذي من أجله يتم العمل هو النفس لهذا العمل، أما العمل بحد ذاته فهو ليس سوى الجسد. ولهذا فإن القيام بالأعمال الصالحة بهدف ليس إلهياً هو تجربة شيطانية بالحقيقة تحارب الإنسان من اليمين أي مستترة تحت شكل الصلاح
الثانية: النوع الثاني يحصل عبر الرؤى والتنبؤات المختلفة.عندما يتقبل الإنسان ظهور الشيطان كظهور إلهي أوظهور ملاك نوراني.إن الآباء القديسين يعتبرونه ضلالاً وخداعاً أن يثق أحد ما بظهورات الشيطان أو أن يتقبلها كظهورات ملائكية
5- يجرّب الشيطان الإنسان من الأسفل عندما يستطيع القيام بأعمال صالحة وفضائل ممدوحة. لكنه لا يقوم بها بداعي تراخيه وكسله. عندما يعرف ويقدر أن يزيد جهاده لاكتساب الفضائل والقيام بالأعمال الصالحة ولكنه لا يقوم بها لأنه يتكاسل أو يتعلل بالصعوبات بداعي تهاونه. وهكذا يتدهور روحياً. ويكتسب أقل بكثير مما هو قادر على اكتسابه بالحقيقة والقيام به
6- تجربة الإنسان من الأعلى تتم أيضاً بطريقتين:
الأولى : عندما يعزم الإنسان أن يقوم بجهادات نسكية تتجاوز قواه الشخصية. هذا يحدث مثلاً عندما يكون أحد مريضاً، لكنه بالرغم من هذا يصوم، بينما هذا الصوم يفوق قدرته. أو بشكلك عام عندما يقوم بأي جهاد نسكي يتجاوز قواه الروحية والجسدية. مع العلم أن هذه المحاولات تفقد الإنسان تواضعه وتعرب – من حيث لا يدري – عن أنه يملك ثقة كبيرة بنفسه
الثانية : النوع الثاني للتجارب من الأعلى يتم عندما يطلب الإنسان تفسير أسرار الكتاب المقدس وغوامضه (وبشكل عام أسرار الله) بشكل لا يتناسب مع نموه الروحي، أي عندما يريد أن يتعمق ويفسّر أسرار الله الموجودة في الكتاب المقدس (أو عند الآباء أو بشكل عام في الكون والحياة) ومن ثم أن يعلّمها للناس الآخرين، بينما هو نفسه لم يصل،روحياً، إلى المرتبة الروحية المناسبة والملائمة لهذا. يقول الآباء القديسون أن مثل هذا الإنسان يريد أن يمضغ عظاماً بينما أسنانه طرية بعد ولا تصلح إلا للحليب
7- ويجرَّب الإنسان أيضاً من الداخل، عبر كل ما يحويه قلبه وكل ما يتأتى منه. لقد قال الرب يسوع جهاراً :"لأن من قلب الإنسان تخرج أفكار شريرة، قتل، زنى، فسق، سرقة... " (متى 19:15) والتي بواسطتها يجرّب الشيطان الإنسان. وهكذا فالإنسان لا يجرَّب من قبل الشيطان فقط، بل ومن نواياه الشخصية العاطلة وعاداته السيئة، حب المجد، الميول العاطلة، حب الخطيئة والميل لها... الآتية من قلبه غير الطاهر
8- وأخيراً، إن الطريقة الثامنة لتجربة الشيطان وحربه ضد الإنسان تتم من الخارج عبر أشياء وأمور خارجية. أي عبر كل ما يدركه الإنسان ويتحسسه مما هو خارج عنه بواسطة أحاسيسه، التي هي بمثابة نوافذ للنفس. هذه الأمور الخارجية ليست سيئة بحد ذاتها، لكن يمكن للإنسان أن يتعرض للتجربة بواسطتها - عبر أحاسيسه - وأن ينقاد إلى الشر والخطيئة. هذه هي الطرق الثمانية التي يجرّب بها الشيطان الإنسان ويحاربه، وتختلف وطأة الأمر في العالم عنه في الصحراء.
هذه التجارب كلها تحارَب باليقظة أي بالسهر والانتباه، سهر وتأهب الروح والجسد، يقظة الروح. بالجهاد، بالسهر على الأفكار والأعمال ومراقبتها، وبكلمة واحدة بواسطة التمييز. ومن ناحية أخرى باستدعاء متواصل لاسم ربنا يسوع المسيح، أي بالصلاة غير المنقطعة. وبكلام آخر، يعلّمنا الآباء القديسون أن نحارب التجارب جميعها والأهواء كما يلي: بحفظ فكرنا ونفسنا بجملتهما مع جسدنا أيضاً من التجارب، هذا هو عملنا وجهادنا من ناحيتنا الإنسانية، لكن من الناحية الأخرى-الإلهية- علينا بلا إنقطاع، بواسطة الصلاة، أن نستدعي الرب يسوع المسيح الكلي الإقتدار. إذاً إنها هذه الصلاة المستمرة والمدعوة صلاة يسوع: " أيها الرب يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، إرحمني أنا عبدك الخاطئ "