جيمس موران: لم نمارس ضغوطاً لإنجاح «مرسى»
تغير النظام فى مصر، واعتلت جماعة الإخوان المسلمين رأس السلطة بفوز مرشحهم الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية، مما فتح الباب للحديث عن طبيعة علاقات مصر الخارجية، خاصة مع الاتحاد الأوروبى، وعن مخاوف الغرب من ارتفاع أسهم التيار الإسلامى فى مصر، عن هذه العلاقات والتغييرات، كان هذا الحوار مع سفير الاتحاد الأوروبى لدى القاهرة جيمس موران الذى أكد أن الاتحاد لم يمارس ضغوطا سياسية لدعم المرشح محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة كما تردد، مؤكدا أن كافة البيانات، والتصريحات التى أدلى بها مسئولو الاتحاد الأوروبى، كانت تتعلق بأهمية وجود انتخابات شفافة وديمقراطية، وأن المساعدات المالية لمصر لم يتم تجميدها، مشيراً إلى مشروعات بقيمة مليار يورو، ينفذها الاتحاد الأوروبى حاليا فى مصر فى مجالات مختلفة، من بينها الطاقة والمياه والمجتمع المدنى، وإلى نص الحوار:
* ما شكل العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى بعد فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات الرئاسية؟
- الاتحاد الأوروبى لديه اهتمام كبير بالتعاون مع مصر لتحقيق المصالح المشتركة بين الطرفين، وتعميق العلاقات مع القوى الحاكمة فى مصر، وليس لدينا أى مانع من التعامل مع أى رئيس مصرى منتخب بطريقة ديمقراطية، وذلك بعد أن رأينا انتخابات ناجحة فى مصر، ونتطلع الآن للعمل مع الحكومة الجديدة، ونسعى إلى دعم السياسة الجديدة دون أى قلق من المرحلة المقبلة بعد تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمهورية.
* تحدث البعض عن تجاوزات وأخطاء شهدتها العملية الانتخابية، وأثرت فى عملية الاقتراع.. هل لاحظتم ذلك من خلال متابعتكم للانتخابات؟
- لا توجد انتخابات سليمة على الإطلاق، لكن المجتمع المدنى فى مصر رصد أخطاء فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تتعلق غالبيتها بالإجراءات الخاصة بالتصويت فى اللجان والأخطاء التكنيكية، ومن خلال الشهود والمراقبين، نرى أن النتائج الأخيرة جاءت صادقة إلى حد كبير، والأزمة التى تسببت فى حدوث هذه الأخطاء، إجراء انتخابات فى وقت مضغوط وسط كم هائل من المشاركين، إضافة إلى الأحداث المقلقة التى تزامنت مع الانتخابات، لا سيما فى المرحلة الثانية التى تعلقت بحل البرلمان، وإصدار الإعلان الدستورى المكمل، وأعتقد أن المصريين سيتعلمون فى المرات المقبلة تلافى الأخطاء التى شهدتها هذه الانتخابات، خاصة الأخطاء التكنيكية والإجرائية.
* لماذا لم يرسل الاتحاد الأوروبى أياً من المراقبين لمصر لمتابعة الانتخابات؟
- لم نمانع فى إرسال مراقبين لمتابعة عملية الانتخابات الرئاسية فى مصر، لكن لسوء الحظ لم نتلق أى إخطار من اللجنة العليا بتغطية الانتخابات الرئاسية، وأتمنى فى المرات المقبلة أن نتلقى إخطارا رسميا قبل إجراء أى انتخابات على الأقل بشهر، حتى يتمكن المراقبون من الاستعداد، واتخاذ الإجراءات المناسبة، كاستخراج التصاريح، وغيرها من الأمور الأخرى، حتى لا نتعرض لضغط الوقت، وسيتابع الاتحاد الأوروبى التطورات المقبلة فى مصر سواء عملية الانتقال الديمقراطى، والانتخابات المقبلة، والاستفتاء على الدستور، وبعثات المراقبة واجهت بالفعل بعض المعوقات، وأدعو السلطات المصرية إلى إعادة النظر فى التوصيات التى خرجت بها المنظمات الحقوقية بعد الانتخابات، وإنشاء مفوضية دائمة للرقابة على الانتخابات لتسهيل الأمور فى المستقبل. لن نشعر بالخوف من الإخوان إذا التزموا بالمعاهدات الدولية.. و«مبارك» بالنسبة لنا ماضٍ
* بعض البلدان أعلنت تقديم مساعدات مالية لمصر للمساهمة فى توفير الاحتياجات الخاصة بالعملية الانتخابية، هل دعم الاتحاد الأوروبى مصر بأى شىء من هذا القبيل؟
- لم ندعم الانتخابات الرئاسية فى مصر بشكل مباشر؛ لكن قدمنا بعض البرامج التى ساعدت فى العملية الانتخابية، وهناك بعض الجهات دعمت الانتخابات بشكل مباشر مثل الأمم المتحدة، وبعض الدول الأوروبية بالاحتياجات اللوجستية مثل الأوراق، والأحبار، كما دعمت بعض الدول مثل بريطانيا وإيطاليا مصر بأموال وسيارات أيضا.
* التزم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعهده بتسليم السلطة فى 30 يونيو 2012.. ما الأخطاء التى ترى أن المجلس العسكرى وقع فيها خلال توليه المسئولية، وهل هناك إيجابيات؟
- قبل أى شىء، أعتقد أن مهمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى المرحلة الانتقالية يمكن وصفها بـ«المهمة المستحيلة»، فحين ننظر لحال مصر على مدى الـ18 شهراً الماضية، لو جئنا بأكثر الرجال حكمة فى العالم، لن يتمكنوا من التعامل مع المرحلة الانتقالية فى مصر بحكمة، بسبب ما شاهدناه من تطورات سياسية خلال المرحلة، وهناك بعض الأحداث والمواقف التى لم نستطع فهمها حتى الآن، كما أن الانتخابات الـ3 الأخيرة فى مصر، كانت أبرز نجاحات المجلس العسكرى خلال المرحلة الانتقالية، وإن نتائج الانتخابات الرئاسية خاصة وتسليم السلطة كانت إيجابية، لكن المجلس العسكرى أحدث مشاكل كثيرة خلال توليه السلطة، ورصدتها العديد من منظمات حقوق الإنسان، وأعتقد أن المحاكمات العسكرية للمدنيين كانت من أكثر الأخطاء التى وقع فيها المجلس العسكرى، إضافة إلى الإعلان الدستورى الأخير الذى جعل المجلس العسكرى يحاول السيطرة على بعض التشريعات بعد حل البرلمان.
الانتخابات قبل كتابة الدستور وضعت عوائق فى المرحلة الانتقالية.. و«الإعلان المكمل» والمحاكمات العسكرية أكبر أخطائها
* ما تعليقك على قرار المحكمة الدستورية الأخير بحل البرلمان وإصدار المجلس العسكرى للإعلان الدستورى المكمل؟
- المشكلة الآن ليست فى حل البرلمان، وإنما فى المأزق الذى يقف المصريون أمامه، فالمصريون فقدوا السلطة التشريعية بعد أول برلمان منتخب، والآن يسألون أنفسهم عن كيفية استرجاع البرلمان والإسراع فى الانتخابات لاكتساب السلطة التشريعية التى تعتبر جزءا كبيرا من الحياة السياسية فى مصر.
* هل لدى الاتحاد الأوروبى أى مخاوف من تولى الإخوان المسلمين السلطة فى مصر، وارتفاع أسهم التيار الإسلامى؟
- الحياة السياسية فى مصر معقدة للغاية، وهناك من يتحدث عن انقسامات وحروب أهلية، بسبب تولى الإخوان المسلمين والتيار الدينى المسئولية فى مصر، وأعتقد أن هذا كلام خاطئ ولن يحدث إطلاقا، كما أن جماعة الإخوان المسلمين الآن فى قبضتها الحكم، ولنرَ ما سياستهما وماذا ستفعل من أجل الشعب، ويجب إعطاؤها الفرصة، ونرى هل قيادات الإخوان مؤهلة لذلك أم لا، ونحن لم نشعر بأى مخاوف من الإخوان طالما أنهم ملتزمون بسياسة مصر الخارجية الإيجابية.
* وما تعليقك على ما تردد حول فرض ضغوط أمريكية وأوروبية على المجلس العسكرى لدعم الدكتور محمد مرسى لرئاسة مصر؟
- لم ندعم أى شخص بعينه فى الانتخابات الرئاسية، ونتائج الانتخابات كانت فى يد اللجنة العليا للانتخابات، ونحن نحترم نتائج الانتخابات أيا كانت وبما جاءت دون التحيز لطرف بعينه، وقرأت تلك الأخبار الصحفية وكلها غير صحيحة ولا علاقة للاتحاد الأوروبى، أو أى طرف بهذا الموضوع، نتيجة الانتخابات الرئاسية أمر يخص المصريين وحدهم، وكافة البيانات والتصريحات التى أدلى بها مسئولو الاتحاد الأوروبى كانت تتعلق بأهمية وجود عملية منفتحة وشفافة فى إعلان النتائج، إضافة إلى تهنئة الرئيس المنتخب وليس لدعم طرف بعينه.
* هناك قلق بشأن تخفيض المساعدات الأوروبية لمصر حال عودة العلاقات بين القاهرة وطهران.. فهل هذا صحيح؟
- المساعدات الأوروبية لمصر ترتبط بمعاهدات دولية وبالسياسة الخارجية لمصر منذ زمن بعيد، وأستغرب لماذا كل هذا القلق من إعادة العلاقات مع إيران، فنحن نحترم السياسة الخارجية لمصر، وتعاملها مع كافة الدول فى إطار المجتمع الدولى، وإن ما يسعى له الاتحاد هو وجود حوار حول السياسات مع السلطات الجديدة، الأمر لن يكون متعلقاً بتخصيص موارد، وأموال أكثر إذا لم نتفق على بيئة تقدمية سهلة، والحوار عن المستقبل لزيادة النمو وعودة الاقتصاد وخلق فرص العمل. رأينا انتخابات ناجحة ونتطلع للعمل مع الحكومة الجديدة.. و«أشتون» ستزور مصر لتهنئة الرئيس
* الاتحاد الأوروبى أعلن عن دعمه لمصر بمبالغ مالية ولم تتلق مصر منها شيئاً حتى الآن، حسبما ذكرت وزيرة التعاون الدولى فى حكومة تسيير الأعمال فايزة أبوالنجا؟
- هذا الكلام غير صحيح، ونحن نعمل على دعم مصر ببعض البرامج، ومن خلال مشروعات تنموية، ونحن نمول المجتمع المدنى فى شتى المجالات، التعليم، والصحة والثقافة، ويحدث نوع من التدفق للمساعدات التى أعلنها عنها من خلال هذه المشروعات، ولم ندخل الأموال بشكل مباشر إلى مصر كما يتصور البعض، والمساعدات المالية لمصر لم يتم تجميدها، وهناك مشاريع بقيمة مليار يورو يجرى تنفيذها حاليا فى مجالات مختلفة، من بينها الطاقة والمياه والمجتمع المدنى.
* ماذا عن الأموال التى هربها رجال النظام السابق إلى دول الاتحاد الأوروبى، فلم نجد أى إجراءات لتجميدها بعد أكثر من عام ونصف العام على الثورة؟
- نحن اتخذنا قراراً بتجميد الأموال فى كافة الدول الأوروبية التى بها أموال منهوبة من مصر، من عائلة النظام السابق ودعينا دولاً، مثل بريطانيا، وسويسرا، وإسبانيا إلى التعامل مع الأزمة، لكنّ لكل دولة قانوناً خاصاً بها وإجراءات تسير وفق قوانينها للتعامل مع مثل هذه الأمور، فى الوقت الذى نجد فيها نشر أرقام مجنونة وخيالية عن الحسابات المجمدة فى هذه البلدان، وأعتقد أن هذه العملية معقدة للغاية، ونحن أكبر مانح لهذا البلد وسنواصل هذا ونستعد لفعاليات كبيرة فى المستقبل، وتوقف المفاوضات بين مصر والاتحاد الأوروبى فى الفترة الماضية كان بسبب صعوبة التفاوض مع حكومة انتقالية.
* ما رأيك فى بوادر الخلافات بين مصر ومنطقة الخليج، لا سيما الإمارات بسبب تصريحات قائد شرطة دبى؟
- لا أحد يختلف أن منطقة الخليج هامة جدا لمصر لما لها من أبعاد خاصة مثل الاستثمارات والعمالة المصرية، وعلى إعادة العلاقات بشكل دبلوماسى للحفاظ على التعاملات مع دول الخليج فى شتى المجلات التى تعود بالصالح العام على الطرفين.
* هل عرض الاتحاد الأوروبى مساعدة مصر فى صياغة الدستور؟
- إن صياغة الدستور الجديد شأن مصرى خالص، ونحن لا مانع لدينا من عرض نماذج لدساتير البلدان الأوروبية، وإذا طلب من الاتحاد الأوروبى المساعدة فى كتابة الدستور، فلن نتأخر لحظة.
* وهل ترى أنه كان من الأفضل تأجيل الانتخابات الرئاسية للانتهاء من الدستور أولاً؟
- العالم أجمع يعلم أنه لا بد من صياغة الدستور أولاً ثم الاتجاه لانتخابات برلمانية والانتهاء بانتخابات الرئاسة وهو المتعارف عليه فى كافة دول العالم، لكن فى مصر لم نفهم بعض الأمور التى أدت إلى وضع عوائق بالمرحلة الانتقالية، والدستور يصاغ بعد الانتهاء من الانتخابات، مما أدى إلى حل البرلمان بسبب ثغرات دستورية، ومن الصعب إجراء كل ذلك فى الوقت نفسه ولن يأتى بالنتائج المرجوة.
* نعلم أن الاتحاد الأوروبى لديه الكثير من البرامج التى تساعد بها مصر ودول المنطقة.. هل هناك برامج يسعى الاتحاد الأوروبى لتنفيذها خلال المرحلة المقبلة؟
- نعمل حاليا على تنفيذ برامج مختلفة فى مصر خاصة بالتعليم، والصحة، والفقر، ونسعى لتنفيذها بالشكل الملائم فى مصر، ونأمل فى دعم الكثير من البرامج فى مصر، ولذلك لا بد من تغيير بعض الأمور، والاتحاد الأوروبى فى انتظار تشكيل الحكومة الجديدة للعمل على مجموعة من البرامج الخاصة بدعم الاقتصاد، ونحن مستعدون للعمل مع الحكومة القادمة أيا كانت، هذا ليس شأننا لكن أمر خاص بالشعب المصرى والرئيس الذى انتخبه.
* هل ترى أن الإخوان المسلمين سيحافظون على السلام فى المنطقة ويلتزمون بالمعاهدات الدولية خاصة معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل؟
- الرئيس محمد مرسى أعلن فى خطابه فى التحرير أنه سيلتزم بالمعاهدات الدولية الخاصة بمصر، بما فيها معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، وأتمنى أن يعمم الإخوان المسلمون السلام فى المنطقة، ولا داعى لأى تصريحات هجومية فى هذا الوقت؛ لأننا نعلم جيدا علاقة الإخوان بالقضية الفلسطينية، وأن مصر ترعى القضية الفلسطينية.
* ماذا عن علاقة الاتحاد الأوروبى بحسنى مبارك الرئيس السابق؟
- مبارك الآن يعتبر ماضياً، ونحن نتمنى له الشفاء باعتباره إنساناً فقط.
* وهل ستزور المفوضة السامية كاثرين أشتون مصر خلال الأيام المقبلة؟
- ستزور أشتون مصر بعد استقرار الأوضاع وتشكيل حكومة جديدة حيث تلتقى الرئيس مرسى لتهنئته والتأكيد على التعاون مع الإدارة الجديدة.
جيمس موران فى سطور:
- تولى مهام منصبه كسفير جديد للاتحاد الأوروبى لدى مصر خلفا للسفير مارك فرانكو الذى انتهت مدة عمله.
- بريطانى الجنسية سبق أن عمل منسقاً أعلى للاتحاد الأوروبى فى طرابلس عام 2011 وافتتح مكتب ممثلية الاتحاد الأوروبى فى العاصمة الليبية، وعمل مديرا لإدارة آسيا فى المفوضية الأوروبية ببروكسل فى الفترة بين عامى 2006 و2011، وسفيرا فى الأردن فى الفترة من عام 1999 حتى عام 2002، كما عمل فى عدد من دول العالم من بينها جامايكا وجزر البهاما وإثيوبيا.
- يبلغ موران 59 سنة، وهو من أبرز الدبلوماسيين الأوروبيين وخريج جامعة هارفارد وحاصل على دراسات متقدمة من جامعات كيل ولندن ومتخصص فى العلاقات الدولية والاقتصاد.
الوطن