فجاءت أرملة فقيرة وألقت فلسَين، قيمتهما ربع" (مرقس 42:12)
الفقر والحزن لم يُفسدا قلب هذه المرأة الأرملة، ولم يجف فيها ينابيع الشكر لله، ولم تتخل عن لذة العطاء له. فذهبت إلى بيت لحم بتقدمتها وألقت في الخزانة فلسيها الصغيرين، وخرجت خالية الوفاض من كل الوسائل المنظورة للمعيشة والإعالة في المستقبل. لقد ألقت كل ما عندها؛ كل معيشتها. وفي الحقيقة ألقت بنفسها على مراحم يهوه الذي أعطت له كل ما عندها، الذي هو "أبو اليتامى وقاضي الأرامل" (مزمور5:68؛ 9:146). وهي بذلك برهنت ليس فقط على حُبها العظيم للرب، لكن أيضًا على ثقتها الكاملة في إلهها.
وقصد الروح القدس أن يسجل أنها "ألقت فلسين، قيمتهما ربع" لُيبين تكريس قلبها الكامل. فلو كان عندها قطعة واحدة قيمتها ربع، لكان عليها إما أن تضع الكل أو لا تضع شيئًا، لكن إذًا كان لها قطعتان، فأمامها فرصة للاحتفاظ بواحدة لمعيشتها. لكن هذه الأرملة الفقيرة كان لها قلب كامل لله، وبرهنت تقدمتها المُجزأة على قلبها غير المُجزأ.
كانت عينا الرب على هذه المرأة. إنه يُقدر كل ما يصدر من القلب مهما كان صغيرًا جدًا.