ما رأيك بالتبرع بالأعضاء؟
تطور الطب السريع يطرح على الإيمان الكثير من الأسئلة الأخلاقية واللاهوتية والتي من بينها: هل يجوز أن ننتهك حرمة الجسد البشري لكي نساعد شخصاً آخر بالتبرع بعضو ما له؟
للجسد البشري حرمة خاصة جداً في اللاهوت المسيحي. فالله خلق الإنسان روحاً وجسداً في شخص واحد. والرب يسوع المسيح اتخذ طبيعة بشرية كاملة في تجسده من والدة الإله مريم، فقدس الطبيعة البشرية، روحاً وجسداً، باتحادها بالطبيعة الإلهية.
فصارت الطبيعة البشرية، روحاً وجسداً، جالسة في يسوع المسيح عن ميامن الله الآب (كول6:2)، وصار الجسد هيكل الروح القدس الساكن في كل مسيحي معتمد. ونحن نؤمن بأن الإنسان سوف يقوم في الجسد ومع الجسد في القيامة العامة، لأن الخلاص هو بالجسد ومعه وفيه وليس منه كما في الفلسفات الوثنية.
في الوقت نفسه كل مسيحي مطالب أن يكون ذبيحة محبة لا حدود لها مقدمة إلى أخيه الإنسان، كما يقول الرب يسوع: "وصية جديدة أنا أعطيكم: أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً (يو34:13، راجع يو 35:13 و1 بطر 1:22). وبالطبع فالسيد المسيح بذل لا جسده فقط بل حياته كلها من أجلنا. ومن هنا نستنتج أن التبرع بالأعضاء لإنقاذ المحتاجين هو أمر يعبر عن المحبة التي أمرنا بها الرب يسوع. لكن هذا التبرع يستلزم توفر شروط معينة حتى يكون "ذبيحة مرضية ". من هذه الشروط: أن يتم بحرية الطرفين، المتبرع والآخذ، فلا إكراه في التبرع؛ أن لا يهدد التبرع حياة المتبرع لأن التبرع ليس انتحاراً، وبالتالي لا يمكن التبرع بعضو وحيد من متبرع حي مثل القلب أو الكبد مثلاً، بينما يمكن التبرع بعضو مزدوج كالكلية مثلاً لأن الإنسان يستطيع نظرياً أن يعيش حتى بنصف كلية سليمة؛ أن يكون التبرع منقذاً لحياة الآخذ بالمعنى الطبي.
يدخل هنا أيضاً موضوع التبرع بعضو مأخوذ من الجسد بعد الموت. أيضاً يجب أن يكون هذا النوع من التبرع هبة مجانية من المتبرع قد عبر عن موافقته عليها قبل موته، لأن الجسد يحتفظ بحرمته حتى بعد الموت. (د.عدنان طرابلسي)