ما هو السن المناسب للزواج وما أنسب فارق في العمر بين العروسين؟
لا يمكن أن يكون فارق السن كبيراً جداً، أو صغيراً جداً، بين الرجل والمرأة. ماهو الفارق الطبيعي الضروري بينهما؟
أرى أنه من الحسن جداً أن لا يتعدى هذا الفارق اثنتي عشرة سنة بين الزوجين، وفي أبعد الأحوال، وحسن أكثر لو أنه يتراوح بين السبع والعشر سنوات، على أن لا يكون دون ذلك بحيث يكون الزوجان في سن واحدة.
إذا كان الزوج يكبر المرأة كثيراً، فهذا يجعل الاثنين من جيلين مختلفين، هذا يعني أن اهتماماتهما ليست متشابهة، بل متصارعة ومتضاربة ومتعارضة بآن معاً. قد يبدي الرجل الكبير السن غيرة عنيفة على زوجته التي تصغره بكثير، فيخاف عليها من كل شيء، وربما إلى حد الشك بحبها وولائها له في بعض الأحيان. كذلك قد تصبح تنقلاتها وزياراتها مصدر قلق له، فهو بطبيعة الحال يخاف على نفسه من أية إمكانية تغيير لعاطفتها تجاهه. وهذا القلق قد يجعل علاقة الاثنين معاً غامضة ولا تقوم على كشف ومصارحة. فارق السن، قد يشكل عند الرجل المتقدم في السن جرحاً عميقاً قد لا يشفى منه حتى القبر، ففي كل حين، وعند كل سانحة، هو عرضة للشعور أنه لا يناسب زوجته، أو أنها تتمنى لو تستطيع أن تنتقل إلى سواه. مع فارق السن الكبير قد يشعر الزوج أن عاطفة زوجته له قد لا تدوم.
أما أن تكبر الزوجة زوجها في السن، فهذا قد يجعلها بعد حين تشعر بالغبن والتقصير من أنها لا تنعم بالنضارة التي يطلبها رفيق حياتها، الأمر الذي يودي بها إلى الشعور بالاحباط، وبإمكانية أن تنتقل عاطفة زوجها إلى سواها، فهي أصبحت متخلفة عن مماشاة عواطفه وأحاسيسه. وبنتيجة فارق السن، قد تولد الخيانة الزوجية ويتداعى البيت على مَن فيه. كل شيء ممكن في عالم الخطيئة. كل شيء ممكن في دنيا الضعف البشري. كل شيء ممكن إذا انكسر ما هو طبيعي.
أما أن يكون الاثنان صغيرين في السن، فهذا ما لا أشجع عليه على الاطلاق، فحداثة السن هي حائل دون النضوج عندهما، فالنضوج هو دائماً شرط الزواج الأول، إذ قد يبدي الزوج الشاب ميلاً إلى رفيقة أخرى بعد سنوات. فالذي تزوج باكراً، مَن يضمن بقاءه على الحبيب الأول؟ وفي العروس الصغيرة يقال الأمر نفسه.
ولكن كثيرين من الناس يعتقدون أن العروسين الصغيرين يكبران معاً وهكذا تزول المشاكل بينهما لأنهما سوف يألفان بعضهما ويتعايشان معاً. ومجيء الأولاد سوف يرسِّخ الولاء ويثبت بقاء كل فريق أميناً للفريق الآخر. طبعاً يعول كثيرون من الناضجين على مجيء الأولاد لإحقاق الثبات والتوازن بين الزوجين، وهذا قد يكون صحيحاً إلى حد، ولكن مَن يضمن بقاء الحب الأول رغم مجيء الأولاد؟ هذا يبقى على الدوام سؤالاً صعباً لا يمكن الإجابة عليه بسهولة. وهكذا، من الضروري جداً أن يقوم النضوج بين العروسين، كما ولا بد أن يراعى فارق السن بينهما، كي تسلم الحياة الزوجية. ومع ذلك فإن هذه الحياة قد لا تسلم، ولا تستمر رغم توفر الفارق الطبيعي بينهما، فالزواج لا ينجح إلا إذا توفر فيه عنصر الجهاد المشترك بين الزوجين.
يبدو حتى الآن أن هناك ثلاثة أمور أساسية لنجاح الحياة الزوجية: 1-النضوج المتبادل 2-فارق السن الطبيعي 3-الجهاد المشترك. نعم هذه الثلاثة فائقة الأهمية، لأن الحياة الزوجية ليست شهر عسل كما يصورها الإعلام وأحاديث الشرقيين. طبعاً لا أحد ينكر أن الفارق المثالي في السن قد لا يأتي بالسعادة، فالسعادة لا يصنعها فارق السن فقط، بل تقوم على اعتبارات أخرى أيضاً. (الأب منيف حمصي)