|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"طعام.. صلاة.. حُب" وقبل منهم يأتي الشغف وسط زخم الحياة ننسى أحيانًا أن نعيش بحق، إذ ننغمر بالعَيش السَطحي وننشغل بأساسيات الحياة دون غيرها فنفقد مع الوقت انبهارنا بالأشياء، الأشخاص، العلاقات، الأماكن، الوظائف... إلخ. ويضيع منا شعورنا بالشغف، لنستيقظ يومًا نتساءل أين نحن! ولماذا ظننا أن هذا النمط من الحياة قد يُسعدنا؟ هنا تأتي أهمية الرحلة لداخلنا بحثًا عما ينقصنا، عسى أن نَسِد الثقوب التي أحدثتها بنا الحياة، بما يُشبع أرواحنا ويُعيد إثرائها، والرحلة لخارجنا لأماكن/ لغات/ ثقافات جديدة ننفتح عليها فنُعيد اكتشاف أبجديات العالم، وأبجديات أنفسنا من خلال مَنح القَدر فُرصة لإعادة تشغيل بُوصلتنا وتوجيهنا من خلال علامات نترك لها أنفسنا على أمل إن نحن تتبعناها، وصلنا بَر النجاة المنشود. تختلف مراحل الرحلة من شخص لآخر، ومن أولويات لأخرى، ولعل أكثر من فتح أعيننا على ضرورة السعي، والطواف بحثًا عن الذات، كان عالم السينما، وأشهر الأفلام التي سلطت الضوء على ذلك: فيلم Eat, Pray, Love أو كما تقول ترجمته "طعام، صلاة، حُب". وهو مأخوذ عن كتاب بنفس العنوان للكاتبة إليزابيث جلبرت، التي اختبرت أحداثه بنفسها حين وجدت روحها بعد تجربة طلاق، ثم علاقة حُب غير مُكتملة تحتاج للبحث عن ذاتها التي تاهت منها في الطريق، فقررت التفرُّغ لذلك، وصعود سُلم الروح درجة درجة دون تباطؤ أواستعجال، فكانت نتيجة تلك الرحلة العظيمة ذلك الكتاب ومن ثَمّ الفيلم. طعام.. جاءت المرحلة الأولى لملء الفجوة الأكثر وضوحًا، أو على الأقل الأسهل امتلاءً خصوصًا عند الشعور بالاكتئاب، ألا وهي المعدة، عَبر السفر لمكان جديد، وإيطاليا أحد أشهر المُدن تذوقًا للأكل. وهناك قررت البطلة التَفرُّغ للاستمتاع بالطعام دون خوف من اكتساب الوزن أو الانتقال لمقاس ملابس أكبر، رافضةً أن يكون حجمها هو المقياس الذي تحكم على حالها من خلاله أو حائل يقف بينها وبين علاقتها الجديدة بالأكل، تلك العلاقة التي تبدو مثالية للغاية ومُناسبة لتلك المرحلة، الطرف الثاني فيها مَحض طعام لا يبغى إلا إرضاء صاحبته، على عكس الرجال التي تميل لمُحاكمتها أو تكيل لها الاتهامات. هكذا من خلال مُعاودة "ليز" لإحياء حاسة التَذوق لديها، واعتبار الأكل سواء طهيه أو تناوله نوعًا من الفنون، ليس فقط لسَد الجوع، استطاعت رؤية الأمور من منظور جديد. لتكتشف أن عدم بقاء الأشياء على حالها أمر عادي، وأن التغيير لا يَنمّ عن ضعف بالضرورة، فلسنا نحن فقط من نتغير بل إن العالم نفسه يتغير من حولنا، لذا حين تُلامس فوضانا الداخلية فوضاه يكون من المنطقي وقتها أن تتغير صورتنا لتتماهى مع الصورة الأكبر. صلاة.. هنا يأتي دور فراغ الروح، وهو الأصعب علاجًا، لأنه قائم على أشياء معنوية بالمقام الأول، تتطلب الصدق مع النفس قبل الآخرين، والكثير جدًا من العمل الشاق على علاقة الفرد بنفسه، وكذلك علاقته بالله، والتي يُمكن اعتبارها أحد أهم الركائز التي يُمكن للإنسان أن يستند إليها عند الحيرة أو الغضب. لذا حين تصبح تلك العلاقة مُشوشة أو غير موجودة أساسًا تصبح عندها مُحاولة خلقها من جديد وإنشاء جسور للتواصل بين القلب والرَب خير ما قد يقوم الإنسان بفعله. وإن كان الأمر ليس بهذه السهولة بالطبع، إذ أن الرغبة الخالصة نفسها ليست كافيةً، بل تتطلب العملية أن يجد الإنسان بداخله القُدرة على مُسامحة نفسه لما ارتكب بحقه أو بحق الآخرين، كذلك القُدرة على تَقَبُّل الأقدار التي كتبها لنا الله مع تقدير النِعم العديدة التي لدينا ولم تكن تحظى منا بأي اهتمام. حُب.. الحُب ليس بالضرورة عليه أن يعني الوقوع في حُب شخص آخر، فالحياة أحيانًا لن تكون بهذا القَدر من الكَرم كما كانت مع البطلة الحقيقية للأحداث، لذا لا شيء سيضمن أن تسير الرحلة بنفس الترتيب والسلاسة، خصوصًا أن الدخول في تجربة جديدة قد يستلزم بعض الوقت. غير أن ما يَهم في تلك المرحلة حقًا هو مُعاودة حُب الذات، ورؤية الامتيازات التي نملُكها، والعطايا التي ما زلنا قادرين على منحها، وإدراك أن وجودنا في حياة الآخرين -الراغبين فينا- لا بد أنه مكسب لهم، لا محض تكدير. هنا فقط سيُمكن لصاحب الرحلة مُعاودة التصديق، والقُدرة على ترك باب القلب مواربًا عسى أن يكون الزائر القادم هو بَطل الحلم الجديد. cpd |
26 - 12 - 2016, 03:44 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: "طعام.. صلاة.. حُب" وقبل منهم يأتي الشغف
موضوع مميز ربنا يباركك |
||||
26 - 12 - 2016, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: "طعام.. صلاة.. حُب" وقبل منهم يأتي الشغف
ميرسي على الموضوع الجميل والمميز رينا
|
||||
27 - 12 - 2016, 10:34 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: "طعام.. صلاة.. حُب" وقبل منهم يأتي الشغف
ميرسى لمروركم الغالى
|
||||
|