|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
ما هي توبتنا وتأديب الله بغضبه الأبوي لتقويمنا ونحن متورطين في عمق الخطية وحب اللذة لا نستطيع ان نسمع الصوت الإلهي الذي يُنادينا بالرحمة والمحبة، لأننا في تلك الحالة نكون منغمسين في حياة الجسد تائهين عن البرّ وليس لدينا تقوى، لذلك عادةً لا نحس بكل ما هو روحي، لأن الإنسان الطبيعي المنغمس في اللذة الحسية وله أحلام ورغبات تتعلق بكل ما هو ترابي زائل، عنده جهالة ولا يستطيع أن يستوعب غنى النعمة المُخلِّصة بل ولا يهتم بالله كشخص حي وحضور مُحيي، لأن الخطية والاعتياد عليها يجعل الإنسان في حالة لا مبالاة أو اهتمام بالأبدية، لأنه مصاب بعمى شديد يجعله يرى كل شيء عكس حاله، بمعنى انه يرى كل شيء صالح كانه غريب عنه فيُضحكه ويسخر منه، وكل ما هو شرّ وفساد وحرام يراه صالح ونافع ومحبب لقلبه، ولذلك ونحن على هذا الحال لا نستطيع أن نفكر يوماً في حياة البرّ والتقوى والرجوع لله الحي، أو حتى الإصغاء والاستماع لأي شيء ينبهنا ويوقظنا من غفلتنا، لذلك يفتقدنا الله بنفسه ويتعامل معنا أولاً من بعيد ثم من قريب، أحياناً في حلم وأحياناً في مواقف وشدائد معينة يظهر يده المعتزة بالقوة، وبالطبع ما أكثر الطرق التي يستخدمها الله معنا ولا نستطيع ان نحصرها ولكنها ليست موضوعنا الآن، ولكن – عموماً –أكثر وقت نحس به ونستشعر حضوره واقترابه منا، حينما نقع في حالة حزن مدمر للنفس بسبب مشاكل الخطية التي تورطنا فيها، لأن باطنها مملوء من كل لعنة وغضب وشدة وضيق ظلام الموت الأبدي، لأنها تحمل كل غضب إلهي لأنه معلن فيها، بكونها تحمل سم الحية القديمة. لذلك في الوقت الذي نشعر ببرودة الموت تقيدنا وتقبض علينا بسلاسل اليأس والإحباط القاتل للنفس، ومن الضغطة والدينونة التي تشل كل حركة فينا، نصرخ بصرخة القلب الداخلي المشتاق لحضن أبوي يحتضنه ويُريحه ويغسله من هذا الهم والغم والنكد المتعب: ويحي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت!!! حينئذٍ – بكوننا صادقين – نجد المُخلِّص الأمين يُظهر ذاته لنا في تلك الساعة، مثل المُنقذ الذي يركض على الغريق – بلهفة شديدة – لينتشله ويُنجيه، وبالتالي نرتمي عليه بكل ثقل حمولتنا الصعبة فنرتاح بين يديه جداً، ويدخل الفرح الحقيقي لأول مرة في قلبنا، لأننا حصلنا منه على لمسة شافية فيها قيامة من بعد لما كنا أموات بالخطايا والذنوب. فمسيرتنا مع الله تتلخص في الآتي: أولاً نتوب توبة تمهيد القلب التي توقفنا على باب الحياة الأبدية، ثم نؤمن بمسيح القيامة والحياة، مسيح الخلاص وشفاء النفس، فنبدأ اعترافنا الحسن مُقرين بصراحة تامة بدون أي هروب من مسئوليتنا، أننا كنا نعبده بالشفتين وقلبنا مبتعد بعيداً عنه وأخطأنا بحريتنا وإراداتنا الخاصة، فنجده في تلك الساعة بدأ يعمل فينا سراً بقوة نعمته الغنية ودمه يطهرنا من كل إثم، فنفرح جداً حسب ما هو مكتوب: [ طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته ] (مزمور 32: 1)، وهذه خبرة كل خاطي يلتقي بالمسيح الرب، لأنه يخرج من محضره فرحاً ولسانه امتلأ تهليلاً، لأنه تذوق خبرة محبة الله وذاق قوة غفرانه وهو عالم أنه غير مستحق لهذه النعمة التي سترت خطيته والكساء النقي الذي كسى عورته: + وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم، أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا؛ وأنتم اذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم، حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في ابناء المعصية. الذين نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا، عاملين مشيئات الجسد والأفكار، وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً. الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها. ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مخلصون. وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع. ليُظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع. لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد. لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها. (كولوسي 2: 13؛ أفسس 2: 1 – 10) * ولكن كثيراً بعد هذه الخبرة الرائعة التي فيها حلاوة لقاء الرب وغسل القلب وتطهيره، لا نحترس لأنفسنا ولا نستكمل المسيرة الروحية السليمة بخطوات ثابتة بمثابرة ودوام، جالسين كل يوم عند قدمي الكتاب المقدس لنتربى ونتقوَّم بكلمة الخلاص الدواء الصالح والنافع لشفاء النفس، لأننا أحياناً كثيرة جداً لا نُعطي الفرصة لكلمة الله لكي تنغرس في قلبنا لتأتي بثمرها المطلوب في وقته، بل نتسرع ونظن اننا وصلنا لمنتهى العمق في الطريق الروحي ونتقدم لخدمة الكلمة والوعظ والتعليم ونعمل أعمال المتقدمين في الطريق الروحي بكل استعجال شديد، ونتخذ خطوات كبيرة ونقرر قرارات مصيرية متعجلة صعبة ونُنفذ أشياء تفوق قامتنا الروحية، مثل الطفل الذي ظن أنه رجل فجلس في مجلس الشيوخ ليُعلِّم الآخرين ويرشدهم، أو مثل الطفل الذي ارتدى ثياب والديه ظناً منه أنه بذلك وصل للنضوج وكمال البنيان، والنتيجة الغير مُحببة لهُ في أنه تعثر ووقع على وجهه واُصيب بجراح كثيرة مختلفة في جسمه تكاد أن تفقده حياته كلها لولا تدخل والديه لإنقاذه بعد أن تركوه يتعلَّم بالدرس القاسي لكي يكف ويعطي كل شيء حقه وينتظر إلى أن ينضج، ويأتي الوقت المناسب ليتخذ قراراته بكل وعيه وإدراكه حاسباً النفقة. + الجهالة مرتبطة بقلب الولد، عصا التأديب تبعدها عنه (أمثال 22: 15) + أيضاً كون النفس بلا معرفة ليس حسناً، والمستعجل برجليه يخطأ (أمثال 19: 2) + الرجل الأمين كثير البركات، والمستعجل إلى الغنى لا يبرأ (أمثال 28: 20) + لا تكونوا مُعلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين اننا نأخذ دينونة أعظم – يَا إِخْوَتِي، لاَ تَتَسَابَقُوا كَيْ تَجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ مُعَلِّمِينَ لِغَيْرِكُمْ فَتَزِيدُوا عَدَدَ الْمُعَلِّمِينَ! وَاذْكُرُوا أَنَّنَا، نَحْنُ الْمُعَلِّمِينَ، سَوْفَ نُحَاسَبُ حِسَاباً أَقْسَى مِنْ غَيْرِنَا (يعقوب 3: 1) ** وحينما ندخل في هذه المرحلة (مرحلة الطفولة الساذجة أو مرحلة المراهقة الفكرية) يبدأ الله في تشذيب حياتنا مثلما يفعل الفلاح الحكيم حينما يشذب الشجرة ويعالجها حت تصير نافعة وتثمر في أوانها، هكذا الله بصفته صار لنا اباً في المسيح فهو يعمل على تأديبنا وتقويم نفوسنا، لأن الراعي الصالح لا يحمل العصا عبثاً لكنه بها يقود قطيعه لكيلا يبتعد عن الطريق فيهلك، لذلك الرب يؤدب بغضب التقوى الأبوية كل نفس صارت له، وعلينا أن نحذر من رفض التأديب الإلهي او نظن في الله السوء لئلا نخسر أنفسنا في النهاية، لأن كل ابن لا يسمع لتوبيخ اباه أو يخضع لتأديبه سيفقد نفسه ويبتعد عن الطريق المستقيم ويُصاب بالعطب ويصير لا أمل ولا رجاء فيه إطلاقاً: + اسمع المشورة واقبل التأديب لكي تكون حكيماً في آخرتك (أمثال 19: 20) + اسمعوا أيها البنون تأديب الأب واصغوا لأجل معرفة الفهم (أمثال 4: 1) + وان كنتم مع ذلك لا تسمعون لي، أُزيد على تأديبكم سبعة أضعاف حسب خطاياكم (لاويين 26: 18) + خذوا تأديبي لا الفضة، والمعرفة أكثر من الذهب المختار (أمثال 8: 10) + هوذا طوبى لرجل يؤدبه الله، فلا ترفض تأديب القدير (أيوب 5: 17) + تأديباً أدبني الرب وإلى الموت لم يسلمني (مزمور 118: 18) + يا ابني لا تحتقر تأديب الرب، ولا تكره توبيخه (أمثال 3: 11) + حافظ التعليم هو في طريق الحياة ورافض التأديب ضال (أمثال 10: 17) + من يحب التأديب يحب المعرفة، ومن يبغض التوبيخ فهو بليد (أمثال 12: 1) + الابن الحكيم يقبل تأديب أبيه، والمستهزئ لا يسمع انتهاراً (أمثال 13: 1) + فقر وهوان لمن يرفض التأديب، ومن يلاحظ التوبيخ يُكرَّم (أمثال 13: 18) + الأحمق يستهين بتأديب أبيه، أما مُراعي التوبيخ فيُذكى (أمثال 15: 5) + تأديب شرّ لتارك الطريق، مبغض التوبيخ يموت (أمثال 15: 10) + من يرفض التأديب يرذل نفسه، ومن يسمع للتوبيخ يقتني فهماً (أمثال 15: 32) + يا بني اتخذ التأديب منذ شبابك، فتجد الحكمة إلى مشيبك (سيراخ 6: 18) + وقد نسيتم الوعظ الذي يخاطبكم كبنين: يا ابني لا تحتقر تأديب الرب، ولا تخر إذا وبخك (عبرانيين 12: 5) + أن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يؤدبه أبوه (عبرانيين 12: 7) + ولكن ان كنتم بلا تأديب، قد صار الجميع شركاء فيه، فأنتم نغول لا بنون (عبرانيين 12: 8) + ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح، بل للحزن، وأما أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر برّ للسلام (عبرانيين 12: 11) |
09 - 11 - 2016, 02:23 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ما هي توبتنا وتأديب الله بغضبه الأبوي
|
||||
|