|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقباط للقلم مثل المحراث للفلاح.. كلمة قالها رحالة انجليزى فى أوائل القرن التاسع عشر وهى تصور بحق ما وصل إليه الأقباط فى دولة المماليك والدولة العثمانية وحتى أيام محمد على الكبير من مكانة فى الكتابة والحساب والصرافة ومسح الاراضى وتقسيمها وقياسها لذلك ليس غريبا أن نجد المعلم غالى يتولى مهمة تقسيم مصر إلى مديريات وتقسيم أراضيها إلى أحواض فى عهد محمد على الكبير وقد استغرق هذا العمل أكثر من عام..
ولما كانت أعمال الاراضى وقياسها لتقدير ضرائبها تقتضى أمانة لابد منها مع خبرة وفطنة وعلم وهذا كان متوفرا فى الأقباط فى ذلك الزمان ورغم كل المحاولات التي تمت على مر العصور بداية من تعريب الدواوين ونهاية بمحاولة عباس الأول كما سنذكر مرورا بالوشايات والفتن رغم كل ذلك ظلت مكانة الأقباط ثابتة..بما لهم من علم وأمانة.. وقد وصلت لإبراهيم باشا ابن محمد على وشاية أن مهندسي القياسات والمساحين الأقباط يمتازون بالسرعة ولكنهم غير أمناء ؟؟ بعكس الفرنجة فهم أمناء جدا وان كانوا غير ماهرين .. الحقيقة لم يقتنع الباشا بالكلام وقرر عمل مسابقة عملية على ارض الواقع.. وكان وقتها المعلم غالى هو كبير المباشرين وتحدى بالمساحين المهندسين الأقباط أو كما يقول الجبرتي: ( فعاند المعلم غالى وأحب تأييد أهل حرفته من قياسي القبط ) ويوم الامتحان جاء فريق الأقباط وفريق الفرنجة واستمر الاختبار طيلة النهار وكانت النتيجة بالطبع فى صالح المهندسين الأقباط واختار إبراهيم باشا منهم طائفة وطرد الآخرين والعهدة على الراوي وهو الجبرتي.. وهكذا كانت الكفاءة والامانة هى المعيار فى الاختيار ..!! أما حكاية عباس الأول فهي حكاية عجيبة فقد كان عدوا للتنوير ومتعصبا وأراد عزل الكتبة الأقباط والمباشرين من أعمالهم وبدأت حرفة القلم تسير للكساد كما يقرر ميخائيل بك شاروبيم مؤرخ كتاب الكافي.. وكانت حيلة عباس فى ذلك غريبة فقد سلم كل رئيس من الكتبة الأقباط بعض الجهلة وأمرهم أن يسلموهم أسرار المهنة فى خلال عام و إلا يتم قتلهم بالرمىا فى النيل وكانت لمهنة الكتابة والقياس أسرارا كأسرار التحنيط القديم.. وماذا يفعل الكتبة الأقباط مع عقول الجهال ومضت الأيام والكتبة فى رعب وصاروا يتندرون ويقولون باقي من الزمن ستة اشهر ونغرق فى النيل ولكن الله المتحنن لم يرد بأبنائه سوءا فقد قتل المدعو عباس فى قصره وبيد احد غلمانه لتنطوى صفحته كما انطوت صفحات كل الطغاة من قبله.. ياسر يوسف |
|