|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التخيّل والخيال في الحياة الروحية
بحسب تعليم آباء الكنيسة القديسين ، التخيل هو أحد قدرات النفس التي تلعب دوراً مهماً في عمل وتكون الأهواء. إنه يشكل صورة شخص أو شيء ما داخلنا، ثم يثير اللذة الحسية لكي تأسر نوسنا، وبمجرد أن نقع في الأسر فإننا نرتكب الخطيئة. ينبغي علينا بالتالي أن ندرس الدور المهم للتخيل والخيال في ارتكاب الخطايا، وأيضاً مدى أهمية التحرر من الخيال لكي نحيا حياة مسيحية. هذا هو أحد المواضيع الرئيسية للتعليم النسكي في الكنيسة الأرثوذكسية. يساعدنا الآباء القديسون، كخبراء في الطريقة النسكية للحياة، على رؤية هذه المسألة بوضوح. 1- المصطلحات المستعملة من قِبَل الآباء القديسين لم يبدأ الآباء القديسون، الذين اهتموا بهذا الموضوع وكتبوا عنه، بعمل بحث نفسي أو بمحاولة دراسة عالم الإنسان الداخلي بطريقة علمية. نحن نعلم من تعليم الكنيسة الأرثوذكسية أن الآباء لم يكونوا أكاديميين، لكنهم كانوا رعاة لشعب الله. لقد عرفوا من الخبرة كيف تعمل نعمة الله في البشر. |
01 - 07 - 2016, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
لقد كان الآباء القديسون خبراء في حالة نفس الإنسان بعد حادثة السقوط المدمرة، وبالتالي تعلموا ما هو شكل النفس وكل الحالة الداخلية للإنسان عندما تجددت بنعمة الله. لم تكن ملاحظاتهم عن موضوع الخيالات والتخيل مدفوعة ببحث علمي في علم النفس، ولكن بخبرتهم الشخصية خلال الروح القدس. لقد كان هدفهم هو قيادة الناس للخلاص. لقد كانوا واعين بالطريقة التي بعمل بها الخيال والتخيل في الإنسان الساقط وفي الشخص الروحاني والملهم بواسطة الروح القدس.
فعلى سبيل المثال، عندما كان الآباء القديسون يستعملون مصطلحات فلاسفة وعلماء عصرهم، فإنهم لم يكونوا يقبلون آراءهم بصورة كاملة. يكتب القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: “لو أن أحد الآباء يعبر عن شيء ما بنفس الطريقة التي يعبر بها الذين هم من خارج، فهذه مجرد مسألة كلمات، أما من جهة المعاني فيوجد فرق كبير. بحسب بولس، يقتني الآباء فكر المسيح، على حين أن الذين هم من خارج يتكلمون بفهم بشري إن لم يكن مما هو أسوأ من ذلك أيضاً“. يستحق هذا النص أن ننتبه إليه. إنه يُظهر أنه على الرغم من أن بعض الآباء استعمل نفس المصطلحات التي استعملها الفلاسفة، إلا أنه يوجد فرق كبير بينهم. لقد تكلم الآباء القديسون، بنوسهم الطاهر، من إعلان، على حين تكلم الفلاسفة من فهمهم الخاص ومن تأملهم البشري الشخصي. إنني أذكر ذلك لأنه ينبغي علينا، عندما نتحدث عن الخيال أو التخيل، أن نعطي هذه الكلمات نفس المعنى الذي يعطيه لها علماء النفس والمحللون النفسيون المعاصرون المهتمون بهذا الموضوع. يوجد فرق شاسع بين الناس أصحاب خبرة الروح القدس، وأولئك المهتمين بالخيال والتخيل بطريقة متمركزة حول الإنسان. حتى لو كانوا في بعض الأحيان يستعملون نفس المصطلحات، إلا أنها تشير إلى أمور مختلفة. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
يكتب الشيخ صوفرونيوس ساخاروف عن الخيال والتخيل قائلاً: “إنني لا أستطيع أن أرجو أن أعالج موضوعاً بهذه الصعوبة وهذا التعقيد بطريقة مشبعة. حيث أن مهمتى الرئيسية هي أن أقدم للقارئ عرضاً لخبرة محددة وملموسة، سوف أنحصر في فحص الآراء والمفاهيم الموجودة هذا اليوم في الجبل المقدس، هذه الآراء والمفاهيم التي تبناها الأب سلوانس أيضاً. قد نترك جانباً نظريات علم النفس المعاصرة، حيث أنها لا تشترك في الكثير مع المفاهيم الأرثوذكسية الإنسانية“.
في المناقشة التالية للخيال والتخيل لن أعقد أية مقارنة بين تعليم الآباء القديسين، وآراء علماء النفس والمحللين النفسيين المعاصرين. سوف أقوم بوصف الطريقة التي يتكلم بها الآباء القديسون عن الخيال والتخيل في ضوء الخبرة المعاصرة المحفوظة في الكنيسة، والتي يعيشها رهبان أيامنا المتأصلون في المنهج العلاجي الخاص بالكنيسة الأرثوذكسية. كما نعلم، لا يهتم الآباء بمجرد الاتزان النفسي للإنسان، ولكن باتحاده بالله. لكي يصل المرء لهذه النقطة، ينبغي عليه أن يتخلص من استعمال خياله حتى لو كان يعمل بطريقة إيجابية. لكي يصل النوس إلى معاينة الله، ينبغي عليه أن يتحرر تماماً من كل الصور العقلية مهما كانت جيدة، بل ويتحرر حتى من الأفكار بغض النظر عن كونها نافعة للنمو الثقافي أو لاندماجنا في المجتمع. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
على الرغم من أنه في بعض الأحيان يوجد بعض التشابه بين التعبيرات والمصطلحات التي يستعملها الآباء القديسون والتي يستعملها علماء النفس والمحللون والمعالجون النفسيون، إلا أن معنى كل من هذه التعبيرات والمصطلحات مختلف تماماً.يكون من الخطأ، في رأيي، أن نحاول تفسير النصوص الآبائية بحسب علم النفس والتحليل النفسي الحديث، تماماً مثلما هو خطأ أن نرى الظواهر النفسية على أنها خبرات روحية.
من المؤكد أن عمل الروح القدس في قلب الإنسان له أيضاً آثاره على المستوى النفسي ويؤثر على سلوكه ككيان إنساني.بنفس الطريقة، غياب الروح القدس من قلب المرء له نتائج عديدة على كل شخصيته بما في ذلك الأعراض النفسية. ومع ذلك، تختلف الآثار النفسية عن الخبرات الروحية. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
2- تعريف القدرة على التخيل والخيال
يُعِّرف القديس يوحنا السلمي التخيل أو الخيال كالتالي: “الخيال هو توهم العينين عندما يكون الذهن نائماً. الخيال هو نشوة النوس عندما يكون الجسد مستيقظاً. الخيال هو رؤية شيء غير موجود في الواقع“. الخيال هو رؤية شيء ليس له وجود حقيقي وليس له أساس. ينشط الخيال عندما يكون الذهن متكاسلاً. يكون ذلك واضحاً في الأحلام عندما يكون الذهن غير يقظ.إلا أن الخيال يكون موجوداً أيضاً عندما نكون مستيقظين، وعندئذ يكون من الممكن للنوس أن يخرج خارج نفسه. ينبغي علينا أن نوضح الفارق بين القدرة على التخيل من جهة، والخيال والتخيل من جهة أخرى. القدرة على التخيل هي قدرة طبيعية للنفس، على حين أن الخيال والتخيل هو تنشيط هذه القدرة بصور ومشاهد متنوعة تأتي من الخارج. تقع القدرة على التخيل بين النوس والحواس. إنها ليست خاصية بحتة خاصة بالنوس، ولا هي خاصية تخص الحواس. يكتب القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: “هذه القدرة على التخيل التي للنفس تقع بين النوس والحواس في الكيان الإنساني“. بحسب القديس غريغوريوس، تقع القدرة على التخيل على الخط الفاصل بين النوس والإدراك الحسي، ونشاطات التخيل (الخيالات)لم تكن موجودة في آدم قبل السقوط كما سنرى فيما يلي. إنها تنتمي للحالة الساقطة للإنسان. يميز القديس يوحنا الدمشقي في نص بليغ جداً بين القدرة على التخيل، والشيء المتخَيَل، والخيال، والوهم. إنه يكتب قائلاً: “القدرة على التخيل هي خاصية للجزء غير العاقل من النفس. إنه يعمل من خلال أعضاء الحواس ويعبر عنه كإحساس.يكون شيء ما قابلاً للتخيل والإدراك عندما يقع داخل مجال خاصية التخيل والحواس. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
بطريقة مشابهة، يكون البصر هو الخاصية البصرية نفسها، ولكن يكون الشيء مرئياً عندما يأتي داخل مجال خاصية البصر سواء كان صخرة مثلاً أو أي شيء آخر. الخيال هي خبرة سلبية للجزء غير العاقل من النفس الذي يصادفه شيء متخَيَل. إلا أن الوهم هو خبرة سلبية للجزء غير العاقل من النفس لا يصادفه أي شيء متَخَيَل. عضو التخيل هو البطين الأمامي للمخ“.
يوضح هذا النص أن خاصية التخيل هي قدرة خاصة بالجزء غير العاقل من النفس، وهو يعمل من خلال الحواس. يعني ذلك أنها تعمل عندما تعمل الأعضاء الحسية. يكون الشيء قابلاً للتخيل (أو الإدراك) عندما يقع في مجال التخيل أو الحواس.الخيال أو التخيل هو خبرة سلبية متكونة في جزء النفس غير العاقل بواسطة شيء مُتَخَيَل، على حين أن الوهم لا يأتي من أي شيء قابل للتخيل. يوجد بالتالي عضو يسمى القدرة التخيلية، وهو قدرة تخص جزء النفس غير العاقل. توجد أشياء قابلة للتخيل تقع داخل مجال القدرة التخيلية. توجد أحلام يقظة أو خيال مرتبطة بالحواس، كما يوجد الوهم الذي يتكون في القدرة التخيلية دون أي مُدخلات من الأعضاء الحسية. تُستعمل في بعض الأحيان تعبيرات “القدرة التخيلية” و“الخيال” في النصوص الآبائية بنفس المعنى. إنها تشير إلى الخيال أو التخيل على أنهما القدرة التخيلية والعكس بالعكس، بسبب التداخل بينهما. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
إذ يعلق القديس مكسيموس المعترف على القديس ديونيسيوس الأريوباغي، يكتب قائلاً أن الخيالات والتخيل لا يشبهان التفكير. هذا الفرق واضح من الطرق المختلفة التي يعملان بها: “التفكير إيجابي وخلاق، على حين أن الخيال أو التخيل سلبي إذ هو بصمة صورة تمثل شيئاً قابلاً للإدراك من قِبَل الحواس“. التفكير هو نشاط يخص النوس والعقل، ويختص بالمفاهيم، على حين أن الخيال والتخيل سلبيان ويعكسان شيئاً قابلاً للإدراك من قِبَل الحواس. هذا هو الفرق بين التفكير، من جهة، والخيال والتخيل، من جهة أخرى.
هذا هو المعنى الذي ينبغي علينا أن نفهم به تعليم الآباء القديسين عن أن التخيل أو القدرة التخيلية هي قدرة طبيعية للنفس.التخيل هو إمكانية طبيعية للنفس تعمل فيما بين النوس والحواس. منذ السقوط، انحرفت هذه القدرة من مسارها الطبيعي وعملت بطريقة غير طبيعية في كل أنواع الخيالات والتخيلات. يتحرر المرء من كل هذه عندما يصل إلى الاتحاد بالله. ينبغي علينا أن ننظر لعبارة كاليستوس وأغناطيوس من زانسوبولوس: “للنفس ذاتها القدرة على التخيل” من هذا المنظور. مثلما يمتلك الجسد خمس حواس، هكذا تمتلك النفس خمس قدرات أو إمكانيات هي: النوس، والفهم، والرأي، والتخيل، والإدراك.بالتالي “يكون التخيل واحداً من إمكانيات النفس التي تكوِّن بها النفس الصور الذهنية“. تستعمل كلمة تخيل هنا بمعنى“القدرة على التخيل“. يقول القديس غريغوريوس السينائي نفس الشيء عندما كتب قائلاً: “لأن النفس بالطبيعة تخترع خيالات وتكون صوراً ذهنية للأشياء التي لم تصل إليها بعد“. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
يكتب القديس مكسيموس المعترف عن موضوع الخيال أو التخيل قائلاً: “لم يُخلق الهوى والألم منذ البداية مع الجسد؛ ولا النسيان والجهل مع النفس؛ ولا الانطباعات دائمة التغير عن أشكال الأشياء المخلوقة مع النوس. لقد وجدت كل هذه الأمور من خلال السقوط. الشخص الذي يقصي اللذة والألم عن جسده يكون قد حقق الفضيلة العملية، والذي يخلص نفسه من النسيان والجهل يكون قد نجح في الوصول لمعاينة الله الطبيعية. الذي حرر نوسه من انطباعاته المتعددة يكون قد دخل إلى سر اللاهوت“. تماماً مثلما لم يقتنِ الجسد اللذة والألم من البداية، ولم تقتنِ النفس النسيان والجهل منذ البدء، هكذا لم يكن للنوس عالماً داخلياً من الصور المتخيلة.
ينبغي علينا لكي نصل إلى فهم واضح لهذا النص الخاص بالقديس مكسيموس المعترف، أن نضعه في سياق كل اللاهوت الخاص به الذي يضع ثلاث مراحل للحياة الروحية وهي الفلسفة العملية، والثايوريا الطبيعية، واللاهوت السري. عندما يتخلص المرء من اللذة والألم، فإنه يختبر الفلسفة العملية. وعندما يتحرر من النسيان والجهل، فإنه يختبر الثايوريا الطبيعية التي تعني الصلاة العقلية غير المنقطعة. وعندما يتحرر نوسه من الصور والخيالات، فإنه يُقاد نحو معاينة الله التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم اللاهوت. الألم، والنسيان، والجهل، والخيال، والتخيل هي ظواهر ظهرت بعد السقوط مثل اللذة. وبالتالي لكي نصل للإتحاد بالله ينبغي علينا أن نتخلص ونتحرر من كل هذه الأمور. من هذا المنظار يتحدث القديس اسحق السرياني قائلاً: “كل صور هذه الأشياء التي اعتاد النوس على بنائها هي خيالات وتصورات وليست حقيقة… الصور المخلوقة من قِبَل الخيال هي بسبب مرض النوس، وليست بسبب نقاوته“. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
عندما نقرأ تلك النصوص من كتابات الآباء القديسين والنصوص الأخرى المتعلقة بها، فإننا ندرك أنه على الرغم من أن القدرة التخيلية موجودة كقوة للجزء غير العاقل من النفس، إلا أن فعل التخيل والتخيل، خصوصاً عندما يكون مرتبطاً بالأهواء، هو نتيجة لسقوط الإنسان وهو ينجس النوس. يكون النوس في حالته الطبيعية خالياً من الخيالات والتخيلات. كما سنرى فيما يلي، فإن الشخص الذي بعد أن يصل لاستنارة النوس ومعاينة الله بعد تطهير حقيقي، يكون قد تخلص تماماً من استعمال خياله. هذا هو السبب الذي يجعلنا نصر على أنه ينبغي على المرء أن يتخلص من الخيالات والتخيلات، وأن يطهر نوسه تماماً. هكذا نفهم لماذا يتكلم الآباء عن التخلص من الخيالات والتخيلات لأن القدرة التخيلية، التي هي قدرة خاصة بالجزء غير العاقل من النفس، تصبح خاملة في الثايوريا النقية.
إننا نرى ذلك في المسيح. حيث أن طبيعته الإلهية أخذت الطبيعة البشرية بكليتها، وحيث أن الطبيعة البشرية اتحدت بالطبيعة الإلهية في شخص الكلمة، نتج عن ذلك أن المسيح أيضاً اتخذ قدرة النفس التخيلية. إلا أن القدرة التخيلية، كقدرة تخص جزء النفس غير العاقل، لم تكن تعمل في المسيح مثلما تعمل فينا نحن الذين تسود علينا الأهواء. نستطيع أن نقارن القدرة التخيلية لدى المسيح بجهاز التليفزيون الذي، على الرغم من كونه جهازاً لنقل الصور المتعددة، فإنه لا يفعل ذلك عندما يكون مغلقاً.هكذا، على الرغم من أن المسيح لديه قدرة تخيلية إلا أنها لم تكن تعمل فيه. |
||||
01 - 07 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التخيّل والخيال في الحياة الروحية
إذ يتكلم القديس يوحنا الدمشقي عن الأهواء الطبيعية غير الملومة التي اتخذها المسيح فإنه يقول: “إننا نعترف إذاً أن المسيح اتخذ كل أهواء الإنسان الطبيعية والنقية، إذ أنه اتخذ كل الإنسان وكل الخصائص البشرية ماعدا الخطيئة. ذلك لأن الخطيئة ليست طبيعية، ولم تُزرع فينا من قِبَل الخالق، لكنها ظهرت إرادياً بإرادتنا الحرة كنتيجة للبذرة الثانية المزروعة من قِبَل الشيطان، وهي لا تستطيع أن تسود علينا بالقوة“. إلا أنه ينبغي علينا أن نشير إلى أنه حتى هذه الأهواء غير الملومة لم يكن لها سلطان على المسيح ولكنها كانت تحت سلطانه. كما يقول القديس يوحنا الدمشقي، كانت الأهواء الطبيعية موجودة في المسيح بطريقة طبيعية وطريقة تفوق الطبيعة. “لقد كانت تعمل فيه بطريقة طبيعية عندما سمح للجسد أن يتألم مما يخصه، لكنها كانت فوق الطبيعة لأن التي كانت طبيعية لم تتخذ في الرب سلطاناً على إرادته“.
نستطيع أن نقول نفس الشيء عن القدرة التخيلية لدى نفس المسيح. فهي على الرغم من أنها كانت موجودة كقدرة للنفس اتخذها المسيح، لأن “الذي لم يُتَخَذ لا يُشفى“، إلا أنها لم تكن تعمل فيه كما تعمل فينا. بالتالي، لا يتخيل المسيح الأشياء. هذا هو المعنى الذي ينبغي علينا أن نفحص في ضوئه النصوص الموجودة في كتابات الآباء والقديس نيقوديموس الآثوسي، التي تقول أن المسيح تحرر من الخيال والتخيل. ما حدث في المسيح حدث أيضاً، بدرجة أقل وبواسطة النعمة، في قديسي الكنيسة. عندما يشفى المرء بعد تدريب وعلاج مناسب بتوبة شاملة، وعندما يتحرر نوسه من التخيلات الخيالية، تصبح القدرة التخيلية غير فعالة. بالتالي يبقى النوس خالياً من الخيال والشكل كما يقول الآباء. هذه مسألة خبرة، ويكون من الصعب علينا في حالتنا الساقطة أن نفهم ذلك أو نشرحه. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قوّة التخيّل |
المسيح هو الحياة، لأنه هو مصدر الحياة الروحية |
الحياة الروحية |
الحياة الروحية |
الحياة الروحية |